مسئول العلاقات الخارجية بـ«سوريا الديمقراطية»: نرفض الدولة القومية حتى لو كانت كردية.. ونقبل «بشار» رئيساً إذا أقر مشروعاً وطنياً ديمقراطياً
جمال شيخ باقى
قال مسئول مكتب العلاقات الخارجية بمجلس سوريا الديمقراطية، جمال شيخ باقى، إن مشروع الفيدرالية فى شمال سوريا يختلف تماماً عن مشروع إقليم كردستان العراق، مؤكداً أن ما يقدمه إقليم شمال العراق ما هو إلا مشروع قومى، فى حين أن «سوريا الديمقراطية» مشروع لكل المكونات السورية بغض النظر عن القوميات.
جمال باقى لـ«الوطن»: المعارضة السورية لا تختلف عن النظام.. وتسعى فقط لإسقاطه وتسلم سلطته
أضاف «شيخ باقى»، فى حواره، لـ«الوطن»، من شمال سوريا، إنهم على استعداد لقبول بشار الأسد رئيساً لسوريا، بشرط أن يقبل الرئيس السورى تغيير بنية النظام وتأسيس دولة ديمقراطية تشمل كل المكونات الموجودة فى المجتمع السورى، لافتاً إلى أن المشروع الذى يطرحه مجلس سوريا الديمقراطية هو مشروع للسوريين ككل، وليس مشروعاً كردياً يخص الأكراد وحدهم.. وإلى نص الحوار..
بداية، اشرح لنا ما هو مجلس سوريا الديمقراطية؟
- مع بداية الأزمة السورية، أو ما يسميه البعض الثورة السورية أو الانتفاضة أو أى مسمى آخر من المسميات، وخروج المظاهرات التى لم تكن بتخطيط أو دفع من أى من قوى المعارضة السورية التقليدية التى ظلت لعشرات السنوات فى موقع المعارضة، حاولنا الاجتماع لتوحيد قوى المعارضة المختلفة، وفعلاً عقدنا مؤتمراً وطنياً واسعاً للقوى المعارضة التقليدية والجديدة اسمه مؤتمر «حلبون»، نتج عنه تأسيس هيئة التنسيق الوطنية، وكانت هناك قوى أخرى فى الوقت نفسه على رأسهم الإخوان، كانوا يرتبون لإعلان هَيكل معارض آخر ولكن فى الخارج، وفعلاً حدثت مناقشات ومحاورات فى «الدوحة»، وبعدها تم الإعلان عن هذا الإطار تحت مسمى «المجلس الوطنى السورى»، وتم إعلانه من تركيا، وقد كانت هذه محاولة لإعاقة مشروع توحيد المعارضة الوطنية السورية الذى طرحناه. وبعد نحو 3 أو 4 سنوات، تبين أن قوى المعارضة التقليدية التى شكلت هيئة التنسيق والمجلس الوطنى السورى والائتلاف السورى من بعدهما، لا يختلفون كثيراً عن النظام، فهم يسعون فقط لإسقاط النظام وتسلم موقعه والاستيلاء على السلطة، بينما كان هدفنا نحن التغيير الديمقراطى الحقيقى باتجاه تغيير المجتمع السورى وتغيير بنية وتركيب النظام السورى المستقبلى، أى باتجاه سوريا تعددية، وكان من الواضح أن قوى المعارضة التقليدية تعيق هذا البرنامج، لأنه فى تقييمنا بعد معاهدة سايكس بيكو، كانت هناك بذور لأزمة بنيوية فى تأسيس الدولة السورية، وعلى هذا كان لا بد من معالجة هذا الخطأ التاريخى فى التأسيس، والعودة لإرادة الشعب واحترام خصوصيات التعددية الموجودة فى سوريا.
لا نسعى لتحرير الأكراد فقط.. ولدينا عدد كبير من العشائر العربية والقوى السياسية والمدنية من الداخل.. والائتلاف المعارض يناهض مشروعنا منذ اللحظة الأولى وتخوفاته مشروعة لأن الجميع تربى على «ذهنية البعث»
وكيف كان هذا الخطأ فى سايكس بيكو؟
- هو عدم مراعاة طبيعة المنطقة ووضع خطوط حسب مصالح من وضعوا تلك المعاهدة، حيث اتفقوا على تقسيم المنطقة لجعلها مناطق نفوذ، فمثلاً تخيلوا أنهم تصوروا أن مسار القطار هو خط الحدود، ولولا الجدار الذى بنته الحكومة التركية لكنتم رأيتم خط السكك الحديدية، وهذا الخط الحدودى بين سوريا وتركيا ليس له أى مرجعية سياسية أو شعبية أو غيرها، بل هو مجرد خط للحفاظ على مصالح القوى الكبرى آنذاك، إلى درجة أن الخط الحدودى فصل بين أبناء الأسرة الواحدة، فأصبح نصفها فى تركيا ونصفها فى سوريا، وقد أنكر هذا التقسيم حق الشعب الكردى الذى يوجد منذ آلاف السنين.
لكن ما المشروع الذى قدمه مجلس سوريا الديمقراطية؟
- مشروع سوريا الديمقراطية هو مشروع سورى عام، ينظر إلى سوريا ككل ولا يخص منطقة معينة، ويقدم نفسه كإطار معارض ديمقراطى فى سوريا ويطمح إلى جمع كل القوى الديمقراطية الأخرى غير الممثلة فى مجلس سوريا الديمقراطية، سواء بالانضمام إلينا أو بالتفاهم على مشروع آخر تحمله تلك القوى أو حتى من خلال تحالف جديد، فهدفنا جمع كل القوى الديمقراطية الحقيقية التى تهدف إلى تغيير بنية النظام بغض النظر عن بقاء الأسد أو عدم بقائه، وكيفية بناء سوريا الجديدة وكيف تكون سوريا الجديدة تشاركية للجميع. وأهم ما نطرحه هو رفض المركزية التى بنيت على أن فئة معينة تستولى على السلطة وتحدد كل شىء، بغض النظر عن أن تكون تلك الفئة حزباً أو جبهة أو تكتلاً أو غيرها، المهم ألا تكون فئة معينة وحدها هى التى تقرر ما يحدث لسوريا، لأن هذا النظام فشل فعلاً، وسوريا بلد الجميع ليس لأحد أفضلية فيها على الآخر، ونحن نتطلع لتحرير المجتمع وتحقيق فهم الديمقراطية ومشاركة كل السوريين فى بناء سوريا الجديدة، من القاعدة إلى أعلى الهرم. ونحن لا نفرض رأينا على أحد، ونحاول طرح هذا المشروع على كل السوريين.
لكن رغم هذا الطرح.. هناك اتهامات موجهة إليكم بأنكم تسعون لتطبيق مشروع كردى بالتزامن مع مشروع كردستان العراق؟
- أولاً نحن فلسفتنا بناء الديمقراطية وتحرير المجتمع ورفض الاستناد على أسس قومية، ولكن فى الوقت نفسه نحترم جميع القوميات، ونحن نقبل العرب كما هم، وبالمثال يقبلنا العرب كما نحن وليس كما يرغبون هم، وهكذا الأمر نفسه بالنسبة لبقية المكونات، فهذا أمر لا يمنع الانتماء السورى، ونرفض إنكار الآخر وفى الوقت نفسه نؤكد رفض القوميات العنصرية والأطروحات القومية وعلينا احترام خصوصية المكونات كلها.
وما الذى يضمن بقاء الوضع كما هو عليه بأن تظل سوريا الديمقراطية للجميع؟
- هذا أمر بسيط، برنامجنا يتضمن هذا الأمر وينص عليه، لا يهم من أى قومية جئت، وإنما يهمنا فقط الهدف الذى نعمل من أجله. وعلى سبيل المثال، برنامجنا لا يختلف عن برنامج حزب البعث باستثناء بعض الإشارات الإسلامية السلفية، ونحن لا نسعى إلى السيطرة على الحكم، فنحن لا نريد الحكم. وعلى مر التاريخ نجحت سوريا فى الأوقات التى كان لكل طرف فيها خصوصية، وفشلنا حين أجبرنا أطرافاً على أن تتطبع بخصوصيات أخرى ليست لها. ونحن نرفض بوضوح بناء دولة على هذه الأسس، وإنما نرغب فى سوريا حرة يكون فيها الأكراد والعرب والتركمان والآشوريون كلهم أحراراً، فليس من الطبيعى أن الكردى سيمارس التسلط على 80% من إخوته العرب، ولا يمكن التخفى وراء مشروع برنامج للتسلط على 80% من أبناء سوريا إذا لم يكونوا مقتنعين بهذا المشروع.
مشروع «فيدرالية الشمال السورى» يختلف عن كردستان العراق فهدفنا «سوريا التعددية» ولا نرغب فى الانفصال عن الدولة
لكن هناك تجربة إقليم كردستان العراق؟
- هناك خلط كبير فى هذا الأمر، فقد عاصرت وعشت حركة إقليم كردستان العراق ولم يستطيعوا أبداً أن يطرحوا مشروعاً كهذا، ومنذ اللحظة الأولى كان مشروعهم قومياً كردياً بحتاً، ومنذ عام 1961 وحتى الآن، مشروعهم قومى فقط، ولا داعى للخوض فى المزيد من التفاصيل، فمشروعهم يشبه مشروع حزب البعث.
لكن ما الضمانات؟
- نحمل فكراً ونهجاً واضحاً، ولدينا مشروع موثق ومحدد وأى تعديل فيه يجرى وفقاً لمؤتمرات تشمل الجميع، وهو مشروع لصالح السوريين ككل، فما هى الضمانات المطلوبة أكثر من هذا. أنا أدعو السوريين بغض النظر عن قومياتهم إلى حمل هذا المشروع وتحمل عبء تنفيذه وسيظل الكردى شريكاً فى طريق حركة الحرية إلى جانب من يحمل هذا المشروع. نحن لا نسعى لتحرير الأكراد فقط بل كل المكونات السورية.
نتفهم مخاوف مصر من تقسيم سوريا.. ونقول لها «لسنا خطراً على الوحدة بل بقاء النظام بشكله الحالى يهدد استقرار سوريا والمنطقة بأسرها».. ولا تفاهمات مع نظام «الأسد» إلا فيما يخص الحرب على «داعش».. ونتواصل مع «التنظيم» و«النصرة» والأتراك والجيش الحر بمبدأ «أهون الشرور».. والنظام يتعامل معنا باستعلاء ليثبت أنه ما زال قوياً.. ونحاول الانفتاح على العالم لنثبت أننا أكثر شرفاً فلم نتورط فى مواجهات طائفيه أو عنصرية
لكن هل اقتنع العرب بهذا المشروع؟
- الوضع الآن أفضل كثيراً من 2015 حين أعلنا تأسيس مجلس سوريا الديمقراطية، عدد المكون العربى أصبح الضعف تقريباً. وأصبح لدينا عدد كبير من العشائر والشخصيات الاجتماعية والقوى السياسية والمدنية من الداخل السورى تشاركنا. قبل عدة أيام عقدنا مؤتمر المرأة السورية، والمنسقة العامة لهذا المؤتمر ليست من سكان منطقة إقليم شمال سوريا، بل من حمص، واقتنعت بهذا المشروع وأصبحت شريكة فيه وانتقلت للعيش هنا ولم تخف منه. وفى هيئة الرئاسة بمجلس سوريا الديمقراطية لدينا شخصيات مرموقة من كل المناطق فى سوريا ومن كل المكونات.
الجميع يؤكد أن الحل الوحيد لأزمة سوريا حالياً هو مشروع مجلس سوريا الديمقراطية.. لماذا هذا الاقتناع التام؟
- نحن نقتنع تماماً بأنه الحل الوحيد المطروح، والسبب فى هذا هو أن هذا المشروع يبنى للتشاركية ومشاركة الجميع فى بناء الحكم والمستقبل.
لكن هل لمستم تخوفات عند المكون العربى؟
- طبعاً، فمنذ بداية الأزمة كان هناك ضخ إعلامى كبير لتصعيد الأزمة السورية، وكان هذا الضخ يصب فى مصلحة الائتلاف المعارض الذى يرى أكبر خطر يواجهه هو مشروع سوريا الديمقراطية، ولهذا كان الائتلاف يحارب المشروع منذ اللحظة الأولى، وكل الإعلام القريب من قطر وتركيا حارب هذا المشروع. هناك بعض التخوفات المشروعة لأن الأمر جديد لأن الجميع تربى على ذهنية حزب البعث، الذى زرع أفكاره الخاصة بالخطر الكردى وأن الأكراد عملاء يسعون لتخريب الوحدة العربية فى رأس المواطنين. وفى المقابل لم يكن هناك صوت آخر مسموع، وباتت هناك مساحة ضيقة يعمل فيها هذا الصوت الآخر. وأنا أعتقد أن الرأى العام السورى، وتحديداً الرأى العام العربى، إذا اقتنع بهذا المشروع وتأمل فيه جيداً وما يسعى إليه هذا المشروع، فإنه سيؤمن بأن هذا المشروع ليس له أى خطر عليهم بل سيكون فى صالحهم، فمشروعنا يختلف تماماً عن مشروع إقليم كردستان العراق، والدليل على التناقض بين المشروعين هو أن العلاقات بيننا وبين إقليم شمال كردستان ليست جيدة. هذا المشروع يعارضه فى المقام الأول الأتراك، وأكبر حليف ومنسق سياسى مع الأتراك خلال كل الأزمة السورية كان حكومة إقليم كردستان العراق. وهذا التناقض البنيوى فى بنية مشروعنا مع مشروع إقليم كردستان العراق، يكفى لإيضاح الأمور للجميع وإنهاء التخوفات من هذا المشروع.
الحزام العربى الذى وضعه النظام السورى فى السبعينات هو مثار الحساسية الأول بينكم وبين العرب.. ما التطمينات التى تقدمونها للعرب لإنهاء تخوفاتهم؟
- الحزام العربى هو مشروع قدمه رئيس شعبة الأمن السياسى السابق فى القامشلى والوزير السابق محمد طلب هلال فى الستينات لإنهاء الوجود الكردى فى الشمال السورى، وهذا يوضح ما كان يعتمد عليه حزب البعث فى التعامل مع الأكراد، فقد تم تنفيذ نحو 80% من المشروع، بما فى ذلك تجريد الأكراد من الأراضى وحرمانهم من الجنسية السورية، وكان الهدف هو تفريغ المنطقة من الأكراد وإحلال العرب محلهم، وظل الوضع على ما هو عليه منذ ذلك الحين، وبعدها بدأت الأزمة السورية التى شهدت فوضى كبيرة مع بدايتها، وأصبح الأكراد يسيطرون على هذه المنطقة تماماً عسكرياً أولاً ثم إدارياً من بعد ذلك، ورغم ذلك لم يسمع أحد أبداً عن محاولة الأكراد افتعال أى مشكلة مع القرى الـ42 التى وضعها النظام البعثى هنا فى منطقة الأكراد، بل تم حماية العرب أكثر من الأكراد، انطلاقاً من الحرص على مشروعنا، فهذا الأمر ليس ذنب العربى الذى جاء إلى هنا، فقد جاء إلى هنا مجبوراً، وقلنا إن الحل يكون حين تأتى إدارة ديمقراطية على سوريا، حتى يتم تقييم ما حدث وما يمكن أن يحدث وكيف يمكن رد الاعتبار للناس دون أن يقع ضرر على أحد آخر. ولا يمكن أن نسمح بأن يتعرض الناس للأذى، والحل سيكون من خلال إدارة ديمقراطية مشتركة.
قلت إنكم مستعدون للدخول فى تحالفات مع القوى الأخرى.. من القوى التى يمكن أن يكون هناك تفاهمات معها؟
- لن نقول هذا أو ذاك، حتى الائتلاف السورى الذى يختلف عنا تماماً فهو يقدم مشروع دول الإقليم وليس مشروعاً خاصاً به، فقد تشكل هذا الائتلاف بناءً على رغبات بعض دول الإقليم، وقد تأسس خارج الدولة بدعم من الأتراك والإخوان وقطر فى فترات ما، فهذه الأطراف لديها مصلحة فى دعم هذا التوجه. ومع ذلك، ليس لدينا أى موقف معارض لأى من القوى المعارضة، وعندما تكون هناك إمكانية للنقد الذاتى وإعادة تقييم المشهد السورى، فنحن على استعداد للقبول بهذه القوى المعارضة، انطلاقاً من إيمان بضرورة حل الأزمة بعيداً عن أى أحلام مذهبية أو غيرها مثلما يحاول الإخوان التخفى وراء ستار المدنية.
لم نمارس العنصرية ولا التهجير على العرب والأخطاء كانت فردية وغير ممنهجة.. وتركنا مربعات النظام فى «القامشلى» للإشارة إلى أننا على استعداد لفرض سيادة الدولة
وهل هناك اتصالات بينكم وبين النظام السورى؟
- الاتصال شىء والعلاقة شىء آخر، فنحن نتواصل أحياناً، قد نضطر للتواصل مثلاً مع جبهة النصرة أو «داعش» أو الأتراك أو الجيش الحر، لوضع ما، فنى أو تكتيكى، على أرض الواقع لتفادى الضرر الأكبر، أى البحث عن أهون الشرور. وأحياناً نلتقى بنقطة ما مع طرف ما، ومحاربة «داعش» مسألة مصيرية، فنحن يمكن أن نقبل العنصرية ولا نقبل قوة تحمل هذا الفكر الإرهابى، فمثلاً يمكن أن يكون النظام فى مأزق ما فى مواجهة «داعش»، فأضطر للتعاون مع النظام حتى لا يستولى «داعش» على هذه النقطة. وهذا قد يحدث مع قوى أخرى. أما بمعنى وجود علاقة تفاهم سياسى مع النظام حول ما يجرى، فهذا عارٍ عن الصحة تماماً، وقد صارت محاولات للتواصل والحوار مع النظام بعضها بوساطات وطنية وبعضها بوساطة روسية. ومثلاً كانت هناك معارك بيننا وبين النظام فى «القامشلى» واستمرت ليومين أو ثلاثة، تدخل الروس بيننا وقتها وصارت هناك حوارات مباشرة للاتفاق على كيفية وقف التصعيد، وتوسط الروس لإجراء حوار سياسى 3 مرات، فى دمشق وفى حميميم، وتحاورنا فى كل الأمور وعرضنا رؤيتنا لمستقبل سوريا بغض النظر عن أسماء الأشخاص التى تحكم سوريا، وأكدنا استعدادنا للحوار مع النظام على المستقبل السورى، وهذا لا يعنى أننا خفضنا سقف المفاوضات.
وهل اتفقتم على شىء فى تلك المفاوضات؟
- للأسف، فى كل المفاوضات كان النظام يحمل نفس الفكر والذهنية. وفى إحدى تلك المرات، قال رئيس الوفد السورى بنوع من الاستعلاء إن الأكراد جزء من النسيج الوطنى السورى ونحن هنا لنسمع ما يؤلمكم، فقلنا له إننا لا نقدم مطالب كردية فقط، وإنما نحاول وضعكم أمام الواقع على الأرض، فنحن ليس لدينا مشروع كردى بل مشروع سورى نقدمه لك، وأكدنا له أن تصريحاته تلك تعد وكأن الحكومة السورية لم تسمع بما حدث فى 2011، وأنه لا يمكن لسوريا أن تعود لما قبل عام 2011. وربما كان يحاول هذا الوفد أن يثبت لنا أنه قوى وما زال قادراً على فرض الإملاءات، ولكن هذه أمور تجاوزها الزمن.
وهل تقبلون بالرئيس بشار الأسد رئيس لسوريا فى حالة نجاح المفاوضات؟
نقبله إذا أقر مشروعاً وطنياً ديمقراطياً علمانياً كما نطمح نحن، فحينها لن يهمنا بشار الأسد ولا غيره، يهمنا المشروع فقط وماذا ستكون سوريا. ولن يخدعنا أحد بوعود معسولة أو بتسميات أخذت نوعاً من الوزن البراق الفارغ، مثل بعض الشخصيات المعارضة الفارغة فى محتواها، ليس لنا علاقة بكل هذا. علاقتنا بمستقبل سوريا والانتماء الوطنى التشاركى لسوريا.
رأينا فى القامشلى مربعات أمنية للنظام السورى؟
- رسالتنا من هذا أننا خارج إطار تخريب بنية الدولة، ورفضنا الاعتداء على أى مؤسسة من مؤسسات الدولة فهذه ملك للشعب وليس لحزب البعث. كما أنها رسالة للعالم بأننا أيضاً على استعداد للإشارة إلى سيادة الدولة السورية كما يريد العالم، فهذه المربعات الأمنية لا تحتاج إلى أكثر من ساعتين للسيطرة عليها، كما أننا نقدر مصالح المواطنين ونصر على بقاء العلاقة مع دمشق العاصمة وليس مع النظام، وهذا أيضاً واضح فى الرحلات الجوية بين مطار القامشلى ومطار دمشق، وهذا أيضاً حرصاً على مصالح المواطنين والعلاقة مع العاصمة، خصوصاً أننا مررنا بأوقات حوصرنا فيها تماماً حتى من قبل إقليم كردستان العراق، وكان المنفذ الوحيد لنا هو التهريب والمطار، فإذا استطعنا نحن الحياة بدون مطار كيف سيعيش الناس العاديون دون مطار. هذه هى الأسباب التى دفعتنا للحفاظ على المربعات الأمنية للرمز إلى وجود الدولة وليس النظام.
بعد أن أصبح مجلس سوريا الديمقراطية أمراً واقعاً.. ما المطلوب من المجتمع الدولى الآن؟
- نحاول الانفتاح على السوريين لتبنى مشروعنا، على العالم كله أن يرى أن المجلس يمثل كل السوريين بشكل واضح وبالتالى مشروعه أفضل من مشروع النظام، وحتى قواتنا العسكرية أشرف من قوات النظام التى انجرت إلى صراعات طائفية فى بعض الأحيان. بالطبع صارت أخطاء لدينا، ولكنها أخطاء فردية ونتحدى أى شخص يثبت علينا أننا مارسنا سياسات عنصرية أو أننا ساهمنا فى تهجير أحد. أخطأنا قطعاً، سواء سياسياً أو عسكرياً، ولكننا نعالج أخطاءنا فوراً، فمثلاً حين تم التمثيل بجثث بعض عناصر إحدى الفصائل الإرهابية على أيدى قواتنا فى منطقة «عفرين»، حاسبنا على الفور من فعل هذا، فإذا فعلنا نحن هذا.. ماذا يكون الفارق بيننا وبين الجماعات الإرهابية؟ أحياناً ظروف الحرب تضطرنا لضم أشخاص قبل أن يتم تأهيلهم بالشكل الكامل، ولكننا نعمل على ذلك للتعامل بأخلاق سواء عسكرياً أو سياسياً.
وما المطلوب من مصر؟
- مصر دائماً كانت رائدة وقائدة المنطقة عموماً.. ودائماً كان لديها دور بارز ومواقفها نعتز بها فى مسيرة المنطقة ومسيرة سوريا وحتى فى مسيرة الشعب الكردى، فقد كانت أول إذاعة كردية فى الوطن العربى تبث من مصر، واعترض عليها السفير التركى ورفض الرئيس الراحل جمال عبدالناصر اعتراضه هذا. وهناك مواقف مصرية أخرى مشرفة تجاه ثورة الملا مصطفى بارزانى ومع الرئيس الراحل جلال طالبانى. ومصر أكبر من أن يتم تقييم مواقفها، ونحن نتفهم الأوضاع الحالية فى مصر ومخاوفها من تقسيم سوريا، ونسعى للتفاعل والتواصل مع مصر حتى نوضح لها كيف أننا نحاول الحفاظ على وحدة سوريا وليس تقسيمها، فنحن لسنا خطراً على وحدة سوريا بل بقاء النظام بهذا الشكل، فبقاؤه هكذا أمر خطير لاستقرار المنطقة ووحدة سوريا. المهم تغيير بنية وتركيبة النظام بغض النظر عن هوية الأشخاص الذين سيكونون على رأسه. والمطلوب من مصر حالياً أن تستمع لمجلس سوريا الديمقراطية، خصوصاً أننا نعلم أنها منزعجة من المعارضة السورية المختلفة التى أثبتت أنها فاشلة تماماً، ونحن ندعو مصر لترى مشروعنا بشكل جيد لأن مستقبل سوريا من الداخل وليس من الخارج.