الكاتدرائية تفوض «الخارجية» فى إدارة أزمة دير السلطان
البابا تواضروس خلال لقائه السفير المصرى بإسرائيل فى الكاتدرائية
فوضت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وزارة الخارجية، فى إدارة أزمة دير الأنبا أنطونيوس بالقدس المعروف بدير السلطان، والذى اغتصبه المحتل الإسرائيلى فى ليلة عيد القيامة، وتحديداً فى 25 أبريل 1970 وتمكين الأحباش «الإثيوبيين» المقيمين بالدير منه فى صباح اليوم التالى، وذلك بعد توقف المفاوضات بين الكنيستين القبطية والإثيوبية حول وضع الدير، والتى انطلقت العام الماضى بالقدس بناء على دعوة من الكنيسة الإثيوبية، وذلك بسبب إصرار الكنيسة القبطية على عودة الدير إليها مرة أخرى.
القيادات الكنسية رفضت عرضاً إسرائيلياً بتمويل ترميم الدير وتتمسك بحل أزمة الملكية والحيازة.. وترسل وفداً هندسياً للقدس برئاسة «مكارى»
وقال مصدر كنسى، لـ«الوطن»، إن هناك اتصالات بين الكنيسة ووزارة الخارجية منذ بداية الأزمة حول طريقة التعامل مع الدير، حيث أكدت الكنيسة فى أكثر من لقاء على أن الدير مصرى وأن الحكومة المصرية معنية بجانب الكنيسة بإعادة الدير، وأن لقاء جمع البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مع السفير المصرى فى تل أبيب، حازم خيرت، داخل المقر البابوى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بحضور الأنبا بيمن أسقف نقادة وقوص ومقرر العلاقات بين الكنيستين المصرية والإثيوبية، والأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة وسكرتير المجمع المقدس، والمعنيين بجانب الأنبا يوسف أسقف جنوبى الولايات المتحدة الأمريكية، والأنبا أنطونيوس، مطران القدس، بإدارة هذا الملف.
وتطرّق اللقاء الذى عُقد فى أغسطس الماضى إلى أزمة الدير وآخر المستجدات حوله، حيث أرسلت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وفداً هندسياً إلى القدس برئاسة الأنبا مكارى أسقف كنائس شبرا الجنوبية -كونه كان مهندساً قبل الرهبنة- خلال الفترة الماضية، وذلك لتفقُّد الأوضاع الإنشائية بدير الأنبا أنطونيوس ومقر بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالقدس واللذين يحتاجان إلى ترميم، خاصة فى ظل سعى الكنيسة الإثيوبية إلى ترميم الدير، إلا أن وضع الدير تحت نظام «الوضع الراهن»، وهى اتفاقية وُضعت عام 1898 تقضى بعدم المساس بالوضع الراهن للأماكن المقدسة، وهو ما أجبرها على السعى لبدء المفاوضات مع الكنيسة القبطية المتنازعة معها على الدير للاتفاق على الترميم.
وجاءت تحركات الكنيسة القبطية فى ظل الوضع المتردى للحالة الإنشائية للدير وهو ما يؤثر على سلامته، وبدء الكنيسة الإثيوبية فى ترميم دير «مار إبراهيم» الملاصق لكنيسة القيامة خلال الفترة الماضية، وتغاضى إثيوبيا عن استئناف الحوار مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حول الدير من جديد بعد بدئها فى أغسطس 2016، والتى عُقدت فى بطريركية الروم الأرثوذكس بالقدس، فى حضور بطريرك الروم الأرثوذكس، والوفد الإثيوبى برئاسة مطران القدس للإثيوبيين والمسئولين عن المقدسات الإثيوبية فى القدس، ومندوبين عن السفارة المصرية والسفارة الإثيوبية بتل أبيب، ومندوبين عن وزارة الأديان الإسرائيلية ووزارة الداخلية الإسرائيلية.
كما تخشى الكنيسة القبطية أخذ الحكومة الإسرائيلية صف إثيوبيا، وترميم الدير بعيداً عن حل المشكلة التاريخية والقانونية الخاصة بملكية الدير للأقباط، وهو الأمر الذى لمح له ممثلو الوزارات الإسرائيلية المعنية وبطريرك الروم الأرثوذكس بالقدس بأن الوضع الحالى لمبانى الدير خطير وفى حاجة عاجلة للترميم، فى ظل التأثير الضار للوضع الحالى للمبانى على الصحة العامة، وأنه إذا لم تصل المفاوضات لاتفاق سيكون هذا مبرراً لتدخل طرف ثالث، وهو الحكومة الإسرائيلية، لإتمام الترميم دون موافقة أحد، ولن تستطيع أى جهة بما فيها الحكومة المصرية التدخل لإيقاف الترميم.
وأشارت المصادر إلى أنه سبق أن عرضت الحكومة الإسرائيلية، على لسان مندوب وزير الداخلية الإسرائيلى، الذى حضر الجلسة الأولى من المفاوضات العام الماضى، بتمويل ترميم الدير. وأوضحت المصادر أن هناك تنسيقاً كاملاً بين الكنيسة ووزارة الخارجية فى عملية استعادة الدير الذى ما زالت أزمته معلقة منذ 47 عاماً، من تاريخ أحدث حكم قضائى نص على حق الأقباط فى ملكية وحيازة دير السلطان، حيث إن موقف الكنيسة ثابت من عدم قبول فصل ترميم الدير عن الشق التاريخى والقانونى لهذه القضية وحسم أمر الملكية والحيازة للدير، كما أن «الخارجية» أكدت على أن قضية دير السلطان قضية مصرية، والحكومة لن تقبل أى مساس أو تنازلات عن حق الأقباط فى ملكية وحيازة الدير.
يُذكر أن الكنيسة أقامت 3 قضايا أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية تطالب بعودة الدير لملكيتها، وأصدرت المحكمة قرارها رقم (109/71) فى 16 مارس 1971، بإعادة المقدسات المغتصبة إلى أصحابها قبل 6 أبريل 1971، لكن الحكومة الإسرائيلية أصدرت قراراً مؤقتاً بإيقاف الحكم فى 28 مارس 1971، ليُصدر البابا شنودة الثالث وقتها قراراً بمنع زيارة الأقباط للأراضى المقدسة أمام تعنت إسرائيل بعدم تنفيذ الحكم، كما رفعت الكنيسة دعوى أخرى أمام المحكمة العليا بالقدس فحكمت أيضاً بالإجماع فى 9 يناير 1979 بأحقية الكنيسة المصرية فى تسلم دير السلطان.