يبدو أن محورَى الأسعار والإرهاب عنصران حاكمان فى انتخابات الرئاسة المقبلة؛ فكلاهما لا يتيح للرئيس السيسى أى فرصة للتردد والتفكير فى الترشح من عدمه، فمعركته مع الإرهاب لم تضع أوزارها بعد وخطته مع التنمية لم تؤتِ ثمارها بعد، فهل تتحمل مصر تجربة رئيس آخر إذا جاز له تفهم الخطرين فهل يتاح له وقت التغيير أو التبديل مع شعب فى حالة التهاب اقتصادى ونزيف إرهابى. وجراحات السيسى بين نار الإرهاب وغضب الأسعار ومستقبل الأطفال مثل رب أى أسرة قبل أن يفكر فى نفسه يفكر فى ولده وبدلاً من «عيشنى النهارده وموتنى بكرة»، يقرر «اتعبنى النهارده ويعيش ابنى بكرة»، هكذا تفهم المغزى الحقيقى لقرارات السيسى الجراحية، التى تسببت فى ألم بعض قطاعات المجتمع بين «غضب وصمت وتفهم». وتبدو مشكلة التهاب الأسعار ضئيلة بجوار مشكلة الإرهاب، فالأولى قرار والثانية مؤامرة وشتان ما بين الطريقين. وبين هاتين الدائرتين دائرة قرارات اقتصادية ضرورية دفع ثمنها طبقات اجتماعية لم تتم مظلة الحماية الكافية لها تحصيناً ضد ارتفاع حرارة أسعار الطعام والمأكل والملبس والنقل والكهرباء وحتى المياه فى وجود التهاب الإرهاب الذى بدا معه الجسد المصرى يعانى أنيميا الراحة والسعادة ومحاولة البعض استغلال ذلك ببتر الأصابع والأطراف ليزداد الألم ألماً والوجع أوجاعاً فى خطة واضحة للتنكيد على المصريين وحرمانهم من أمل السعادة وضحكة الأمل. ولقد بدأت بعض خطوات الأمل تظهر فى إنجازات كانت خططاً وأصبحت واقعاً مثل العاصمة الجديدة والعلمين الجديدة وأنفاق القناة والقناة الموازية وشبكة الكهرباء بالنووى والطاقة الجديدة ومحطات تحلية المياه وبدائل العشوائيات مثل تل العقارب والأسمرات وغيرها، وصاحَبها انتصارات رياضية أسعدت المصريين مثل صعود مصر إلى نهائيات كأس العالم وانتصارات الأهلى وفرق الإسكواش وغيرها مما جعل ضحكة الأمل ترتسم على شفاه المصريين ولكن كان هناك من يريد سرقة فرحتهم وفوجئ الجميع بحادثتين متتاليتين لهجوم على كمائن للجيش والشرطة فى العريش وسقوط الشهداء ثم عمليتين نوعيتين إحداهما سرقة واقتحام بنك العريش فى عز النهار وسقوط ضحايا من الشرطة والمواطنين ثم حادث الواحات الذى سقط فيه ١٥ شهيداً سواء كان هذا بالخيانة أو بالاستعداد القتالى العالى كماً ونوعاً للقتلة المتمرسين لدروب الصحراء من أفغانستان إلى سوريا والعراق وبداية المخطط الأمريكى القطرى التركى بنقل المعارك من العراق وسوريا إلى حدود مصر لتأكيد استمرار المؤامرة.
إن هذا المقال ليس إحدى أدوات نفاق السيسى فلا حاجة لى عنده ولا مطلب لى لديه وإنما أريد أن أضع أمام الناقدين خطورة تبديل قيادة فى وسط المعارك وكل من درس علم الاستراتيجية يعلم أنها مخاطرة لا يتحملها جيش منظم يخوض معركة عاتية فما بالك بشعب متعدد المشارب والمآرب والأفكار والاتجاهات. ولعل قبول السيسى للترشح للرئاسة إن كان فريضة وطنية بحكم ثورة يونيو فهو واجب وطنى بحكم المخاطر التى تهدد الوطن داخلياً بالغضب من الاقتصاد وخارجياً برغبة الثأر من الإرهاب. فهل يعنى هذا مبايعة على بياض؟
لا طبعاً، وإنما مطالب شعب من رئيس، أهمها:
1- الاهتمام البالغ بالحماية الاجتماعية فى الصحة والتعليم والغذاء كأولوية الحاجات البشرية.
2- استمرار المشروعات القومية على مدد زمنية أطول وبموازنات أقل لا تجور على الحماية الاجتماعية والتنمية البشرية.
نعم، إن السيسى قال صادقاً إن رئاسته الأولى لا تتحمل الدخول بعمق فى الصحة والتعليم للعلاج الجذرى.
3- إن تغيير الجهاز الحكومى الذى اكتسب كراهية متراكمة عبر قرارات أصدرها منها الصحيح ومنها الخطأ ليس فقط ضرورة للأشخاص ولكن السياسات إن لم تتغير والبحث عن الابتكار والأفكار الجديدة هو الضرورة القصوى بعينها.
4- إعلام جديد يتشارك فيه القطاع الخاص والعام وقناة محترفة لنقل وجهة نظرنا للعالم من خلال شخصيات لها مصداقية عربية وأفريقية ودولية فالاعتراف الواضح أن إعلامنا يحدث نفسه ونحن كمصريين نحدث أنفسنا والإخوان وقطر وتركيا يحدثون العالم!!
5- إن منظومة الاستثمار المصرية سوف تطرد العديد من المستثمرين المصريين تطفيشاً من مصر إلى دول مثل الأردن والإمارات والمغرب بل والمقبل السعودية بجاذبية الاستثمار ومنظومة مالية وبنكية وإدارية متكاملة بين تسهيل الاستثمار وحق الدولة فى الضرائب وتعظيم سلام لكل مستثمر يصدر للخارج وتقييد تام لكل مستثمر يستورد من الخارج، وأحد مؤشرات الإعفاء الضريبى يكون حجم التشغيل للقوى العاملة.
6- الحداثة المصرية ثلاثية: تحديث القيم الدينية والاجتماعية وتغليب العلم والتكنولوجيا واعتبار العمل وجدية الأداء أعظم المؤشرات التنموية.
7- الفراغ السكانى والقنبلة السكانية ضدان يجتمعان فى مصر دون كل دول العالم والحاجة ملحة لـ٣ مدن حدودية غربية هى امتداد سيوة وامتداد الداخلة وامتداد توشكى بقطار سكة حديد وأنبوب مياه محلاة من البحر المتوسط يجعل الحدود الفارغة مليئة بالبشر، فهذا هو حائط مكافحة الإرهاب الحقيقى.
وختاماً.. حفظ الله مصر.