"التاتو" أو الوشم أحد الفنون التى احتلت مكانة كبيرة بين الناس فى الأوانة الأخيرة خاصة بعد تطور رسوماته وإقدام الفنانين العالمين عليه، فلم يعد مقتصرا على السيدات الكبار، بل أصبحت الفتيات تلجأ إليه لا سيما فى الأفراح والمناسبات، خاصة بعد تطور أساليبه ووسائلة واختراع آله حديثة خاصة به عام 1891 على يد "سامويل أورايلي".
وذكر الكاتب أديب أبى ضاهر في كتابه عادات وتقاليد الشعوب الصادر عن دار الكتاب العربى عام 1993، أن الوشوم من أقدم الفنون التى عرفها البشر فالمصريين القدماء، حيث كانوا يقومون بالوشم على موميائاتهم، ويكرسون فكرهم العقائدي والديني من خلال الوفاء لهذه المبادئ عن طريق رسمها على أجسادهم.
وتعد اليابان أولى الدول التي بدأت العمل بالوشوم قديما في عام 400 قبل الميلاد، حيث كانت فكرتهم مشابهة لفكرة الوشم لإعلاء شأن المبادئ والمعتقدات وغرزها في الجسد لتخليدها والوفاء بها، وكانوا يستخدمون رسم الوشوم أيضا للدلالة على المجرمين، ويرسمون وصفا دقيقا لملابسات الجريمة للتوصل إلى الفاعل.
وتكرس اليابان يوما من أيام السنة للاحتفال بالوشم يوم الأول من أكتوبر ويحتفل به رجال الإطفاء لتجديد وعدهم باستمرار هذا التقليد الشعبي الذي يعود تاريخه إلى مدينة "بيدو" طوكيو حاليا وكانت منازل هذه المدينة مصنوعة من الخشب وعرضة للحريق، فكان لرجال الإطفاء الدور الأساسى في حمايتها، فعمدوا إلى اختيار حيوانات تميزت بالقوة والاندفاع مثل النمر والنسر والصقر فوشموها على أجسادهم تشبيها لهم بهذه الرموز وليمتازوا عن بقية سكان المدينة.
سرعان ما انتشرت هذه العادة بين الناس فتخيلوا صورا محددة بألوان مبهجة وطبعوها على أجسادهم فانتقلت هذه العادة عند الفنانين والمفكرين، فتم إدراج الوشم ضمن الرسوم، وكان يفرض على الشخص الذي يرغب تعلم هذا الفن ألا يكرر رسمه رسمها بل عليه أن يبتكر رسوما جديدة من الحيونات ومشاهد الصيد واحتفالات وصور النساء، وغيرها.
انتقلت هذه الطريقة إلى بلدان العالم، يقول ألن غوفنارصاحب الـ48 عاما من ولاية بوسطن الذي درس فن الوشم لمد 7 سنواتو كان يسعى للحصول على الدكتوراه فيه "الرسوم اليابانية المعقدة المحفورة على الخشب هي الموضة المسيطرة على الوشم" ويعد غوفنار زعيم حركة الوشم فإليه يرجع الفضل فى تحويله إلى فن جميل.
وكان الوشم يزين أجسام الملوك ومن بيهم إدور السابع وجورج الخامس الذى كان يحمل وشما على هيئة مركب شراعية كما كان ملوك بريطانيا العظماء يتزينون به، ومؤخرا كان الرئيس الأمريكي السابع أندرو جاكسون الذي وشم صورة توماهوك على فخذه، أبرز الرؤساء الذين وشمو أجسادهم، والمخترع العالمي توماس أيدسون الذي وشم خمس نقاط سوداء على ذراعه ليجرب آلة الوشم التي اخترعها "سامويل أورويل"، ورئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل الذي قاد بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، والذي قام بوشم مرساة كلاسيكية على ساعده.
ويتم رسم الوشوم بواسطة ماكينة مدورة لها إبرة حادة تتحكم بعمق الوشم ودخوله إلى طبقات الجلد، ويوجد بهذه الماكينة علبة صغيرة معدنية لتعبئة الحبر بها، ويعد رسم الوشم مؤلما بحسب العمق الذي يريده الشخص، كما أن هناك آلات متطورة جدا يقوم الرسام بالتحكم بها عن طريق دواسة قدم، ويراعى مع رسم التاتو التعقيم والنظافة وارتداء القفازات، لمنع إنتشار الأمراض الجلدية والتي تنتقل عبر الدم.
وقدم المحللون النفسيون تفسيرا لظاهرة الوشم منذ القدم وقالوا إن معظم الذين يقدمون على وشم أجسامهم يفعلون ذلك فى لحظات اضطراب وقلقل أو حب للتقليد.
تعليقات الفيسبوك