يبدو أن العشر سنوات «2014-2024» ستكون مرحلة ترميم وإنقاذ المنطقة العربية من مسلسل الهدم المخطط له أمريكياً والمنفّذ له قطر وتركيا باستخدام عصابات الإسلام السياسى، وتعصبات النعرات الدينية (سنية/ شيعية/ قبطية) والمؤشرات التى من الممكن أن تعتبرها قدر الله وليست قدرات بشر جاءت متواكبة فى توقيت واحد ومتوافقة فى أسلوب واحد. وهكذا جاء «السيسى» ليعلن خطة مصر 2030 نحو مستقبل جديد لمصر وواقع مغاير من الفوضى إلى الاستقرار ومن التعلق بالماضى إلى التحليق فى آفاق المستقبل بطاقة نووية وطاقة جديدة وعمران حديث، وزراعة بالصوب الزراعية، ومدارس يابانية، وقادة أعمال الكمبيوتر من الشباب بقطاع الاتصالات، وفى نفس التوقيت أعلن الأمير محمد بن زايد، ولى عهد الإمارات، خطة مستقبل الإمارات بتعليم مليون شاب عربى ومحو الأمية الإلكترونية، وإنشاء مدينة إماراتية فوق المريخ، وعمل عمارات «3 D» من التصميم الإلكترونى إلى العقار المبنى، بالإضافة إلى شوارع السيارات بالكهرباء التى تنتج الطاقة من الشارع، والطائرات بدون طيار لتوصيل الخدمات، وإعلان المنظمة الدولية للاقتصاد الأخضر، وكذلك ما إن جاء الملك سلمان للحكم وتولى ولى ولى العهد تنفيذ خطط طموحة لحقبة سعودية جديدة، حتى رأينا أن اللغة واحدة فى التحديث لكل آليات الدولة فى مصر والإمارات والسعودية، وأن المنهج متقارب فى تحقيق نقلة نوعية تنتقل بالدول الثلاث والمنطقة من حقبة القرن الـ20 بالطاقة التقليدية إلى القرن الـ21 ثورة الاتصالات. وهكذا أعلن الأمير محمد بن سلمان عن التحول من اقتصاد النفط إلى اقتصاد الطاقة الشمسية والسياحة البيئية.
إن بلد النفط والوقود التقليدى ستقود ثورة بيئية وتتحول إلى الاقتصاد النظيف البيئى أو الاقتصاد الأخضر الذى ما زال بعض أنصاره فى الحكومة المصرية يصرون على أن الفحم طريق التقدم، ورغم أن الشمس تضىء كل يوم، فإن مزاج «الرخص فى الثمن أهم من الحماية فى الصحة والبيئة» ما زال يفرض نفسه على المسئولين الذين هم للأسف مفترض أنهم حماة البيئة، وجاءت المفاجأة الكبرى من الأمير بن سلمان فى مشروع القرن ومستقبل الحضارة الإنسانية المسمى مشروع «نيوم» وبتكلفة تصل إلى 400 مليار دولار ويكون ركيزته «جسر الملك سلمان» الذى يبدو أنه سيكون جسر الوحدة بين ضفتَى العالم العربى الآسيوية والأفريقية امتداداً لكوبرى السلام المصرى فوق قناة السويس معبر آسيا وأفريقيا الذى فشلت مصر فى التسويق له سياحياً كما نجحت تركيا أن تجعل من كوبرى بحر البوسفور نقطة وصل آسيا وأوروبا واستطاعت الدراما التركية أن تسوق للعالم كوبرى البوسفور ومضيق البوسفور الذى هو صورة طبق الأصل لقناة السويس التى تربط العالم بالبحرين الأحمر والمتوسط، وتركيا تربطه بالبحرين الأسود والمتوسط، ولكن شتان بين عمارات ومساجد وسياحة إسطنبول وصحراء وفراغ جانبَى قناة السويس فى صحراء ممتدة شرقاً وبعض عشوائية ممتدة غرب القناة. وهكذا أراد محمد بن سلمان أن يقدم مصر بمشاركة فى هذا المشروع الطموح بموقعها الفريد بامتداد شرم الشيخ إلى طابا والأردن بالعقبة، والسعودية الساحل السعودى بامتداد 460 كم، بتمويل من صندوق الاستثمارات العام وينتهى العمل بالمرحلة الأولى عام 2025، ويضم نحو 50 جزيرة على الساحل السعودى بالإضافة إلى جزيرتَى تيران وصنافير، فى منطقة اقتصادية مشتركة بين البلدان الثلاثة. وقد لفتت نظرى «أفكار التغيير» التى أوردها فيديو الأمير محمد بن سلمان وهو يحمل تليفونين محمولين فى كلتا يديه، متحدثاً عن الخروج من عباءة التطرف الدينى، والبحث عن الوسطية والاعتدال، والاعتراف بحقوق الآخر، واحترام الإنسانية كمبدأ تكريم الله للبشر، وهو بهذا يغلق باب التطرف الذى يعلم الجميع أن السلفية السعودية هى التى أخرجته وأن المخابرات الأمريكية هى التى شجعته ليورّد جماعات الجهاد لأفغانستان ثم راحت تتهم السعودية برعاية الإرهاب، ولم لا وأسامة بن لادن أشهر قادته وابن أسرة سعودية شهيرة؟! ولكن تناست أمريكا أنها هى أول من استخدمته لنقل المال والعتاد لمجاهدى أفغانستان، وكنت شاهداً على حصول شباب مصرى على تمويل مباشر من منافذ مصرية، منها نقابة الأطباء، يوازى 700 دولار من ممثلى الإخوان المسلمين فى مصر للجهاد فى أفغانستان، وحينما عادوا جاءوا ليفجروا مصر تحت اسم «العائدون من أفغانستان».
وختاماً..
إن الأوضاع الإقليمية والدولية الهشة تحتاج اتحاد مصر مع جيرانها بالجناح الشرقى والغربى والجنوبى لحدودها لوقف تهديد الأمن القومى المصرى من جهات ثلاث، الجهة الشرقية التى محور حمايتها يبدأ من شمال سوريا والعراق وقد تفتت، وبقى لنا الجزيرة العربية بدول الخليج بحتمية الشراكة الأمنية للمصير الواحد والأمن الواحد، والجبهة الغربية عبر الحدود الليبية وتشاد وأصبح انتقال الفرق المأجورة من دعاة الإسلام تهديداً مباشراً لها، والجبهة السودانية الممتدة حتى إثيوبيا وتهديدها للأمن القومى المصرى بدأ بانفصال السودان ثم سيطرة بعض قيادات التطرف الدينى والإخوان على القرار السودانى نفسه، واكتمل المشهدان ببناء سد النهضة الإثيوبى لتنتقل الجبهة الجنوبية المصرية لحدود منابع النيل عند بحيرة فيكتوريا، وقد يكون الرئيس السيسى هو أول رئيس أو حاكم مصرى يزور بلدان حوض النيل جميعاً على امتداد أوغندا، وتنزانيا وكينيا، وشملت كل دول الحوض الموقّعة على اتفاقية حوض النيل.
حفظ الله مصر.