قضاة وقانونيون: مواد تقييد حرية الإعلام فى نقل جلسات المحاكمات بـ«قانون الإجراءات» تواجه شبهة «عدم الدستورية»
الإجراءات الجنائية والمرافعات فى مقدمة القوانين التى تحتاج إلى تعديل
انتقد قضاة وقانونيون التعديلات التى أقرتها الحكومة على قانون الإجراءات الجنائية، وأرسلتها لمجلس النواب، فيما يتعلق بالمادتين 268 و286 مكرر، فيما تضمناه من تقييد حرية وسائل الإعلام فى تغطية جلسات المحاكمات، وتعارضهما مع الدستور الذى كفل مبدأ «علانية الجلسات». وأعتبر القضاة أن التعديلات التى ضمنتها الحكومة مشروع قانون الإجراءات الجنائية فى هاتين المادتين، تواجه شبهة عدم الدستورية، حال إقرارها من مجلس النواب والموافقة عليها، وقال المستشار عادل فرغلى، رئيس محاكم القضاء الإدارى، نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن التعديلات المقترحة قلبت القاعدة الدستورية بأن جعلت الأصل سرية الجلسات والاستثناء هو علانيتها، مضيفاً أن هذا التعديل يخالف الدستور الذى أقر علانية الجلسات والمحاكمات ما لم يقرر رئيس المحكمة جعلها سرية لظروف خاصة مثل قضايا «الآداب والشرف والعرض».
وأوضح «فرغلى» أن مبدأ العلانية يتحقق من خلال نقل ما يدور فى الجلسات، وهو الدور الذى تؤديه وسائل الإعلام، ووجود تلك التعديلات سيضع قيوداً على الصحفيين فى تغطية ونقل المحاكمات، ما يؤثر على ضمانات المحاكمة العادلة، لافتاً إلى أن «العلانية» ضمانة أساسية لتحقيق المحاكمة العادلة المنصفة، وإحدى وسائل طمأنة الشعب لما يدور فى المحاكمات.
«فرغلى»: التعديلات جعلت الأصل «سرية المحاكمات».. و«نصر»: تتعارض مع «العلانية».. و«كبيش»: تمنع الرقابة على العمل القضائى
وطالب نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق بزيادة الضمانات لتحقيق المحاكمة العادلة، وليس وضع عوائق وقيود أمام تحقيقها. من جانبه اعتبر المستشار فريد نصر، رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، التعديلات المقترحة، بأنها لا تضيف جديداً لقانون الإجراءات الجنائية، وقال: «التعديلات تتعارض مع مبدأ العلانية، وكان من الأفضل التركيز على تعديلات من شأنها تبسيط إجراءات التقاضى، والتيسير والتسهيل على المتقاضين، بدلاً من وضع تعديلات لن تضيف شيئاً، فضلاً عن مخالفتها للدستور»، وأضاف «نصر» أن الفقرة الثانية المضافة للمادة 268، التى تنص على أنه «ولا يجوز نقل وقائع الجلسات أو بثها بأى طريقة كانت، إلا بموافقة كتابية من رئيس الدائرة»، لا داعى لها، لأن الأصل فى المحاكمة هو العلانية، والاستثناء هو السرية، شريطة أن تكون مقيدة بضوابط معينة وفى قضايا معينة مثل قضايا الشرف.
وفيما يتعلق بالمادة 268 مكرر التى تمت إضافتها للتعديلات المقترحة، والتى تنص على أن «لا يجوز نشر أخبار أو معلومات أو إدارة حوارات أو مناقشات عن وقائع الجلسات أو ما دار بها على نحو غير أمين، أو على نحو من شأنه التأثير على حسن سير العدالة، ويحظر تناول أى بيانات أو معلومات تتعلق بالقضاة أو أعضاء النيابة العامة أو الشهود أو المتهمين عند نظر المحكمة لأى من الجرائم المنصوص عليها فى قانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون 94 لسنة 2015»، وقال رئيس جنايات القاهرة الأسبق، إن هناك نصوصاً كثيرة يمكن من خلالها معاقبة من يقوم بنشر أو نقل وقائع خاطئة عما يحدث فى الجلسات، وتتنوع العقوبات بين «العقوبات الجنائية» وبين المساءلة التأديبية للصحفى من خلال نقابة الصحفيين.
من جهته اعترض الدكتور محمود كبيش، عميد حقوق القاهرة الأسبق، وأستاذ القانون الجنائى، على التعديلات السالف الإشارة إليها، وقال: «العلانية تعنى حضور الجلسات، ووضع الحكومة لنص يحظر نقل أو بث وقائع الجلسات يتعارض فى حقيقته مع مبدأ العلانية»، وأضاف «كبيش» أن المادة 268 مكرر جاءت فى مضمونها تحمل عبارات عامة تمنع الرقابة على العمل القضائى من قبل الجمهور، موضحاً أنه لا يوجد أى خطورة فى نقل وقائع جلسات قضايا الإرهاب، خاصة أنها منظورة أمام المحكمة وتخطت مراحل التحقيق التى يمكن أن يمثل النشر فيها خطورة على القضية.