أنا دكتورة رباب أخصائية نفسية في إحدى الدول العربية اتعودنا كل مرة نحكي حكاية عن المغتربين والنهارده معانا حكاية جديدة
نفسي أحس إني بني آدمه
- مساء الخير يا دكتورة
- أهلا مساء النور اتفضلي
- أنا تعبانة قوي ومش قادرة أتحمل أكتر من كده (كانت في حاله انفعال شديد)
- طب براحة كده قوليلي إيه المشكلة؟
- الولاد تاعبيني جدا كل شوية شقاوة وتنطيط وكل لما أقول خلاص كبروا وهيعقلوا مفيش فايدة
- هم سنهم قد إيه؟
- واحد في رابعة ابتدائي وواحد في k.g.
- طب دول صغيرين قوي طبيعي يتشاقوا.
- أيوه بس أنا جايبالهم ألوان وأوراق رسم وألعاب بازل وقص ولزق وألعاب تركيب وبيسيبوا كل ده ويتنططوا ويدلقوا مية على الأرض وأقعد طول النهار انظف مفيش إحساس مفيش إحساس خالص.
- طب إهدي بس بالراحة.. لازم احييكي على إنك بتجيبلهم ألعاب تنمي مهارتهم ودي حاجة كويسة جدا للأطفال.
- أيوه طبعا أنا عارفة أنا معايا دبلومة في التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وبطبق كل اللي اتعلمته مع ولادي بنلعب سوا وبنرسم ونلون سوا.
- طب حلو جدا إيه اللي جد ليه مش مستحملة ده دلوقتي؟
- يمكن عشان بقى عندي بنوتة صغيرة؟ مش عارفة؟
- إنتي بتشتغلي؟
- لا جوزي رافض إني أشتغل خالص
- طب هو بيعمل إيه لما الولاد بيتشاقوا؟
- ولا حاجة أنا اللي بعمل.. أنا اللي بزعق وأنا اللي بعاقب وأنا الأم الشريرة.. هو بس بينتقد.. (بتزعقي ليه؟ صوتك عالي ليه؟ الولاد هيكرهوكي).
انفجرت فجأة في البكاء ومن بين دموعها المنهمرة.. تابعت:
- هو أنا كده أبقى أم وحشة؟ أنا بحاول بكل الطرق إني أعلمهم وأربيهم.. أحسن تعليم وأحسن تربية بس مش عارفة.. دايما بينتقدني.. دايما.
- عادي يكون في توتر ساعة المذاكرة والحاجات دي بس أكيد في نهاية الأسبوع الوضع بيبقى مختلف لما بتخرجوا مثلا.
- إحنا مش بنخرج خالص.. يمكن نخرج مرة كل شهر هو بيختار المكان والزمان ساعتين زمن وبنرجع البيت.. أنا خلاص اتعودت على كده طول الوقت هو في الشغل وأنا بعمل كل حاجة لوحدي وبرضة مش عاجب طب أعمل ايه؟ وهما برضه مش حاسين طول اليوم شقاوة وطلبات وزعيق ووجع قلب.. نفسي أرتاح شوية.. نفسي أحس إني بنى آدمة.
عادت دموعها تنهمر من جديد
- طب ليه مش بتتكلمي مع جوزك وتقولي له اللي مضايقك؟
- وإيه لازمته الكلام لو اتكلمت هيقول عايزة أنكد عليه فبسكت وخلاص ما عادش فارق.
- أيوه بس ده مش حل لو ما اتكلمتيش عمر اللي قدامك ما هيفهم ولا هيحس باللي انتى فيه وهتفضلي تشيلي.. تشيلي جواكي لحد ما تنفجري على أي حاجة بسيطة.. زي النهاردة.. شقاوة عادية وإنتي في الطبيعي بتتقبليها دلوقتي لإنك مشحونة على الآخر ماعندكيش أي قدرة على التحمل.. حاولى تتكلمي عشان خاطر نفسك أولا وأولادك ثانيا.. حاولي تعملي حاجة تبسطك.. هواية بتستمتعي بيها.. لما هتبسطي نفسك ولو ساعة واحدة هتعرفي تبسطي اللي حواليكي أكيد.. وبلاش تاخدي كل حاجة على أعصابك.. مفيش حاجة اسمها أم مثالية.. كل واحد فينا لازم هيقصر ساعات.. لكن المهم إزاي يعيش حياة سعيدة هو واللي بيحبهم.
خلصت حكايتنا النهاردة.انتظروني في الحلقة القادمة من عيادة المغتربين.