تعد ظاهرة التجارة الإلكترونية من أهم التحديات التى تواجه الدولة المصرية والعديد من الدول الأخرى، خاصة أن هذه التجارة تقوم على تنفيذ وإدارة الأنشطة التجارية المتعلقة بالبضائع والخدمات مما يستوجب وضع الضوابط والمعايير التى تكفل إخضاع المتعاملين عبر التجارة الإلكترونية للضريبة.
وتعمل هذه الشركات وفى المقدمة منها «جوجل وفيس بوك» فى مجالات الإعلان المرتبط بخدمات البحث على الإنترنت أو إرسال رسائل البريد الإلكترونى.
وقد حققت هذه الشركات مبالغ مالية ضخمة من نتاج هذه الأنشطة وحصولها على حجم كبير من الإعلانات التجارية، حيث حققت إيرادات تبلغ 66 مليار دولار فى عام 2014، وخلال الربع الأول من عام 2016 حققت إيرادات تبلغ 20٫25 مليار دولار.
ولا تخضع هذه الشركات للتعامل الضريبى فى العديد من الدول نظير الإعلانات التى تحصل عليها هذه الدول ومن بينها مصر.
وتلجأ هذه الشركات فى أغلب الأحيان إلى أيرلندا، باعتبارها تحصل على ضرائب أقل من بريطانيا، وهو نوع من التحايل الهدف منه تحقيق أكبر قدر من الربح على حساب مصلحة هذه البلدان.
وفى مصر بالرغم من وجود مكاتب تمثيلية لبعض هذه الشركات فإنها لا تخضع حتى للنظام الضريبى المصرى، علماً أن المادة (60) من القانون رقم (9) لسنة 2013 تقول «تستحق ضريبة نسبة بواقع 20٪ من أجر الإعلان كذلك من تكلفته بحسب الأحوال. وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون عناصر حسابها».
وحسب نص هذه المادة فإن الإعلانات المحددة هى الإعلانات التى على لوحات وهى السينما أو شاشات العرض أو القنوات الأرضية أو شبكة المعلومات الدولية أو كابلات البث المختلفة.
وتتضمن المادة (61) من القانون التفصيلات المهمة فيما يتعلق بإلزام الجهة التى تقوم بالإعلان بتحصيل الضريبة وتوريدها إلى مأمورية الضرائب المختصة.... إلخ.
وبالرغم من وجود قانون ضريبى يحدد آليات تحصيل الضريبة على إعلانات شبكة المعلومات الدولية، فإن الدولة المصرية لم تلتزم حتى الآن بتنفيذ القانون، تحت مبررات وحجج غير منطقية.
إن إصدار قانون ملزم بوضع نسبة ضريبية محددة على إعلانات «جوجل وفيس بوك وغيرهما» بات من الأهمية بمكان، لأن ذلك يعنى تحصيل حق الدولة من الضرائب على الإعلانات المنشورة بالنسبة المحددة.
إن الخطورة فى الأمر أن هذه الشركات تجذب الإعلانات المصرية بأسعار رخيصة من مواقع التواصل الاجتماعى المحلية، فتضرب بذلك هذه الصناعة، كما أنها تحصل على إعلاناتها بالدولار وهو أمر من شأنه أن يؤثر على احتياطى العملة الصعبة فى البلاد، بالإضافة إلى أنها لا تدفع الضرائب المستحقة عليها.
ومؤخراً، تقدمت 9 وكالات أنباء أوروبية من بينها وكالة الصحافة الفرنسية إلى الاتحاد الأوروبى وجهات دولية أخرى بطلب فرض ضريبة مالية على شركات الإنترنت العملاقة مقابل حقوق الملكية لاستخدام المحتوى الإخبارى الذى تجنى منه هذه الشركات أرباحاً طائلة.
وسوف يناقش الاتحاد الأوروبى خلال الأسابيع المقبلة تشريعاً يفرض على «جوجل وفيس بوك وتويتر» دفع ضريبة مالية مقابل ملايين المقالات الصحفية والأخبار التى تستخدمها هذه المواقع أو تنشر روابط لها.
أما وزارة المالية الفرنسية فقد أكدت أنها لن تتساهل مع شركة «جوجل» بعد ثبوت تهربها من دفع الضرائب المستحقة عليها، كما أن الشرطة الفرنسية داهمت مؤخراً مكتب الشركة بالعاصمة الفرنسية باريس لعدم دفعها ضرائب متأخرة عليها منذ سنوات.
ونجحت الحكومة البريطانية فى تسوية خلافاتها مع الشركة نفسها بعد لجوئها إلى استخدام العديد من الثغرات القانونية للتهرب من دفع الضرائب المفروضة، فتم الاتفاق فى النهاية على إلزام الشركة بدفع 130 مليون جنيه إسترلينى من متأخرات عام 2005.
وفى إندونيسيا قال وزير المالية إنه ينبغى على جميع الشركات التى تقدم الخدمات على شبكة الإنترنت والتى لها وجود محلى فى شكل مكتب تمثيلى أو شركة كاملة أن تقوم بدفع الضرائب المستحقة للحكومة وإلا فإنها ستتعرض للحجب.
أما مواجهة هذه الظاهرة فى مصر، فهى توجب إصدار تشريع جديد يؤكد حماية الصناعة الوطنية فى هذا المجال ويلزم هذه الشركات بدفع الضرائب المستحقة عليها، وهو أمر يعد مسئولية مهمة تقع على الحكومة والبرلمان على السواء.