حصاد عضوية مصر غير الدائمة بمجلس الأمن من يناير 2016 حتى ديسمبر 2017
مجلس الأمن - صورة أرشيفية
نشرت وزارة الخارجية، تقريرًا عن حصاد أداء الدبلوماسية المصرية خلال الفترة التي شغلت بها مصر عضوية المجلس، بمناسبة انتهاء عضوية مصر غير الدائمة بمجلس الأمن، والتي امتدت على مدار عامين منذ يناير 2016 وحتى ديسمبر 2017.
وتضمن التقرير، الذي نشرته "الخارجية"، ما حققته مصر خلال عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن، وذلك كالتالي:
القضية الفلسطينية دائمًا ما كانت على رأس أولويات العضوية المصرية، ورغم فشل المجلس في تحريك ملف عملية السلام للاعتبارات السياسية المعروفة، والتي فرضت نفسها على أجندة الدول الأعضاء، إلا أن مصر حرصت خلال العامين الماضيين على الحفاظ على المرجعيات الرئيسية في تناول المجلس للقضية الفلسطينية.
وطرحت مصر، نيابة عن المجموعة العربية، قبل أيام من انقضاء عضويتها مشروع قرار للتأكيد على قرارات مجلس الأمن السابقة بشأن الوضعية القانونية لمدينة القدس، باعتبارها مدينة محتلة تخضع لمفاوضات الحل النهائي، وفقًا لجميع مرجعيات عملية السلام المتوافق عليها دوليًا، إلا أنه اصطدم في النهاية بالفيتو الأمريكي.
واستطاعت الدبلوماسية المصرية أن تعبّر منذ اليوم الأول عن ثوابت سياسة مصر الخارجية ومصالح الوطن العليا بأداء رفيع اتسم بالاستقلالية والمهنية، حيث أتاحت رئاسة مصر للمجلس مرتين في مايو 2016 وأغسطس 2017 الفرصة لتحرك مصري فعال استطاع أن يضع القضايا التي تمس أمن واستقرار المنطقة على رأس أولويات المجلس.
وجاءت قضية مكافحة الإرهاب على رأس هذه الملفات، حيث دعت الرئاسة المصرية لمجلس الأمن في مايو 2016 إلى نقاش وزاري انعقد تحت رئاسة وزير الخارجية سامح شكري، حول محاربة الرسائل والأيديولوجيات الإرهابية بمشاركة أكثر من 70 دولة، ومثّل هذا الاجتماع انطلاقة ناجحة لمساعي مصر في اتجاه وضع الجانب الفكري والأيديولوجي في صدارة اهتمام وجهود الأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، بما أدى في النهاية إلى اعتماد المجلس بالإجماع للقرار رقم 2354 حول مكافحة الخطاب الإرهابي في مايو 2017.
لم تكتف مصر بهذا القرار، بل نجحت خلال فترة رئاستها الثانية للمجلس في أغسطس 2017 في استصدار القرار رقم 2370 حول منع حصول الإرهابيين على السلاح، كما استطاع الوفد المصري في إطار رئاسته للجنة مكافحة الإرهاب أن يدفع بعدد من المسائل المحورية المرتبطة بالإرهاب إلى مقدمة اهتمامات مجلس الأمن، كمنع تمويل الإرهاب، ومنع استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لغرض الإرهاب، ومنع توفير الملاذ الآمن للإرهابيين، وضرورة التصدي لظاهرة المقاتلين الأجانب.
وعلى صعيد القضايا الإقليمية الرئيسية، فمصر كانت حريصة طول فترة عضويتها على دعم كل جهد من شأنه رفع المعاناة عن الشعب السوري، كما وظّفت دورها كمسؤولة عن الملف الإنساني داخل المجلس، بالاشتراك مع إسبانيا ونيوزيلندا ومن بعدهما السويد واليابان، في جذب اهتمام المجتمع الدولي للأوضاع الإنسانية في سوريا، خاصة بعد نجاح الاتصالات المصرية في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاعات والتوتر في سوريا، وقد ظهر هذا الدور جليًا في القرار رقم 2393 بشأن تجديد قرار نفاذ المساعدات الإنسانية إلى سوريا، والذي تم اعتماده مؤخرًا بالإجماع بناءً على جهد مصري سويدي ياباني مشترك.
وفيما يتعلق بالوضع في ليبيا، جاءت المناقشات المتعلقة بالقرارات والبيانات الصادرة عن المجلس لتؤكد على محورية دور مصر ورؤيتها في التعامل مع هذا الملف، وعلى رأسها القرار رقم 2292 الصادر في يونيو 2016، كما عملت مصر خلال فترة عضويتها على التمسك بثوابت موقفها تجاه الأزمة اليمنية ومرجعيات الحل المتمثلة في قرار مجلس الأمن رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وذلك انطلاقًا من مسؤولياتها الدولية والعربية، وقناعتها بضرورة عدم السماح للميليشيات الخارجة عن الشرعية والمدعومة من قوى خارجية بالسيطرة على مقدرات الشعب اليمني.
منحت عضوية مصر بمجلس الأمن الفرصة للمساهمة بفاعلية في مختلف المناقشات والمفاوضات المتعلقة بالقضايا الإفريقية، وللتعبير عن شواغل وأولويات القارة، الأمر الذي حظي بتقدير واسع لدى الأشقاء الأفارقة، ومن هذا المنطلق، كان لمصر دور مهم في التوصل إلى توافق داخل المجلس حول القرار 2327 بشأن جنوب السودان، وفي صياغة القرار 2389 كأول قرار يصدر عن المجلس بهدف تعزيز الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، كما ساهمت مصر في ترتيب زيارة للمجلس إلى بوروندي في يناير 2016 بهدف التواصل مع مختلف أطراف الأزمة هناك وبحث سبل التسوية السياسية.
وترأست مصر أيضًا لجنة العقوبات الخاصة بالكونغو الديمقراطية في إطار حرصها على التأكد من أن هذه العقوبات ليست موجهة ضد الكونغو وإنما إجراءات وقائية لتحقيق الاستقرار فيها، حيث أتم مندوب مصر الدائم في نيويورك زيارتين لهذا الغرض إلى الكونغو ودول المنطقة في أغسطس 2016 وأكتوبر 2017.
واكتسب البعد الإفريقي أولوية خاصة خلال برنامجيّ الرئاسة المصرية في شهر مايو 2016 وأغسطس 2017، بعد تنظيم مهمة ميدانية للمجلس إلى منطقة القرن الإفريقي، وعقد جلسة بمبادرة مصرية إسبانية مشتركة حول التحديات التي تواجه منطقة الساحل، كما جاءت استضافة الاجتماعات التشاورية السنوية مع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي خلال فترة الرئاسة الأولى في إطار الحرص على تعزيز مجالات التعاون بين الجانبين في مجالات حيوية كقضايا حفظ وبناء السلام والمرأة والأمن والسلم، حيث نجحت مصر في استصدار بيان رئاسي عن مجلس الأمن يحدد محاور شراكة استراتيجية مع الاتحاد الإفريقي، بما يؤكد على انتماء مصر الإفريقي وريادتها في نطاق المنظمتين.
بقدر ما حظى التفاعل مع الاتحاد الإفريقي من أولوية، جاءت المبادرة المصرية بعقد اجتماع تشاوري لمجلس الأمن مع جامعة الدول العربية، وهي المبادرة الأولى من نوعها، كعلامة بارزة للرئاسة المصرية للمجلس، وحرصت مصر على البناء على نتيجة هذا الاجتماع لبلورة مبادرة بإنشاء إطار مؤسسي بين مجلس الجامعة العربية ومجلس الأمن، وهي المبادرة التي ستسعى إلى تفعيلها خلال الفترة المقبلة بالتعاون مع الدول العربية التي ستنضم لعضوية المجلس مستقبلًا.
ونجحت مصر خلال رئاستها الأولى للمجلس في اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2286 بشأن الرعاية الطبية خلال النزاعات المسلحة، والذي صدر بالإجماع وتبنته 85 دولة أخرى، كما كان لمصر دور داعم في إصدار القرار رقم 2388 بشأن الاتجار في البشر، بما يعكس قناعة راسخة بضرورة إعلاء مبادئ القانون الدولي الإنساني وانفتاحًا على شواغل الشركاء الدوليين إزاء البعد الإنساني للنزاعات المسلحة.