«التبّاعين».. ضحايا الأزمة الاقتصادية: «وهمّ استغنوا عنى»
صورة أرشيفية
«وهما استغنوا عنى»، شعار يردده بعض العاملين فى مهنة «التبّاع» بعد أن سحب الارتفاع المتواصل فى الأسعار البساط من تحت أقدامهم وجعل سائقى الميكروباص يتخلون عن مساعدتهم طوال اليوم، لتوفير الأجر الذى كانوا يحصلون عليه، فى حين اتجه التباعون إلى عمل آخر وهو قيادة التكاتك.
«لما الحمل والأعباء زادت عليّا مشيته.. ما باليد حيلة»، تأزم الأوضاع المعيشية التى يواجهها أيمن الشلقانى، السائق الأربعينى، جعله يتخلى عن «التباع» الخاص به ويترك المهمة على الزبائن، حيث يصف «أيمن» الوضع قبل رحيل التبّاع: «كان بيريحنى بيجمع لى الأجرة من الزباين يلاحظ العربية لو فيه أماكن فاضية.. عارف إمتى ينادى على الزباين وإمتى يسكت.. كنت مرتاح وباسوق بمزاج».
طوال 24 عاماً من العمل كسائق للميكروباص، لم يتخيل «أيمن» يوماً أن تختفى وظيفة «التبّاع»: «كلنا بدأنا بيها.. التباع كان جزء أساسى من الشغلانة.. دلوقتى الزباين هى اللى بتلم الأجرة، وبتحصل خناقات كتير فى العربية بسبب كده»، حيث يروى أنه يوجد زبائن كثيرون لا يستطيعون حساب الأجرة، ويحدث فى بعض الأحيان سوء فهم: «التبّاع كان بيخلينى أريّح دماغى من الهم ده كله.. لو كان معايا حاجة أديها للتباع بتاعى ماكنتش استغنيت عنه».
يقف بديلاً للشاب الصغير الذى كان ينادى على الزبائن ليحل محله، «يلا جيزة جيزة جيزة»، نداء يُردّده طوال اليوم أثناء وقوفه بموقف السيارات بالعجوزة، حيث يصف محمد فتحى، أحد سائقى الميكروباصات غياب وظيفة «التباع» بأنه تشويه لملامح الكار: «المهنة باظت، لكن ما اختفتش، لو الوضع اتحسن ممكن أرجعه تانى». ويروى «محمد» أن أجرة التباع كانت تتراوح بين 3 و5 جنيهات يومياً: «الفلوس دى دلوقتى باوفرها لمصاريفى الخاصة أو مصروف لعيالى»، حيث إن عدم قدرة «فتحى» وغيره من السائقين على رفع أجرة التباع كانت سبباً فى اختفاء المهنة، حسب قوله: «لو اديته 5 جنيه مش هتعمل له حاجه وأنا ماقدرش أديه 20 جنيه فى اليوم».
ويقارن طارق مسعد، الشاب العشرينى، أحد السائقين الجدد للميكروباص، الفرق بين فترة عمله كتباع وعمله كسائق: «اشتغلت 4 سنين فى حياتى تباع، كان الـ5 جنيه اللى باخدها فى اليوم بتكفى مصاريف إيدى، دلوقتى ماتعملش حاجة والسواق مش هيقدر يعلى الأجرة»، وحسب «طارق» فإن تسريح «التباعين» أدى إلى اتجاه بعضهم للعمل على «التوكتوك»: «أنا اشتغلت على ميكرباص بس فيه غيرى كتير اشتغل على التوكتوك، بيجيب دخل كويس وأهو يقدر يخليهم يعيشوا مستورين».