تحولت منطقة الشرق الأوسط إلى أرض جاذبة للقواعد العسكرية، وبدت وكأنها الأرض المحكومة بغير شعبها. فإذا حدثتنى عن القرن الأفريقى أو البحر الأحمر أو الصومال أو جيبوتى وجدت قواعد عسكرية ما أنزل الله بها من سلطان.
أقول ذلك وفى ذهنى جزيرة «سواكن» التى قدمتها حكومة «البشير» إلى «أردوغان» ليُقيم عليها قاعدة عسكرية تركية إلى جانب القاعدة التركية الشهيرة فى قطر والتى تقع جنباً إلى جنب مع قاعدة العيديد الأمريكية.
«سواكن» التى لا تبعد عن الحدود المصرية سوى 90 كيلومتراً قدّمها نظام البشير إلى دولة ليست صديقة هى تركيا التى تسعى دائماً إلى محاولة التدخل فى الشأن الداخلى المصرى وترتبط أيديولوجياً مع نظام البشير لأنها عضو فى التنظيم العالمى للإخوان وكذلك نظام البشير طبعاً.
إنها لعبة القواعد العسكرية التى دخلت فيها السودان وفاقمت من أزمات المنطقة، وإذا تحدثنا عن القواعد العسكرية المشبوهة نذكر قطر، ثم إسرائيل الموجودة فى أكثر من دولة أفريقية عبر قواعد عسكرية، ثم الفرنسيين الذين يُكدسون قواعدهم وآلياتهم العسكرية فى مالى والسنغال، ولا ننسى الإيطاليين فى هذا الخصوص وكذلك البلجيك.
إننا نعيش على شفا بركان فى المنطقة التى تحولت إلى أتون يقذف بالحمم على شعوب المنطقة، ولا عزاء للنظم العربية.
وكلنا يذكر أن ثورة يوليو 52 كانت تشدد منذ البداية على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من القواعد العسكرية التى تكاد تحرق الأخضر واليابس، ورفع قائد الثورة شعاره الشهير وقال: على الاستعمار أن يحمل عصاه على كتفه ويرحل.
إن مصر لا تريد أن تبتلع الطُعم الغربى الأمريكى الإسرائيلى وتدخل طرفاً فى مواجهات عسكرية ستحيل المنطقة إلى نار ودمار.
لن ننسى أن لُعبة القواعد العسكرية التى أصبحت تلف المنطقة من حولنا هى إنشاءات بأوامر أمريكية، وحتى ننسى هذا الخطر الداهم الذى يدمر شعوبنا وأرضنا يشغلوننا بالزر الأمريكى الكبير مقابل الزر الكورى الشمالى الصغير!
لن ننسى أن العدو الكلاسيكى للأمة العربية هو إسرائيل التى تحتل أرضاً عربية وتُشتت شعبها وتريد أن تلتهم، بأوامر أمريكية، القدس لتكون عاصمة لإسرائيل.
بالقطع لن ننجرف إلى مواجهات عسكرية مع السودان كما يخطط لذلك الرئيس «ترامب».
نحن نثق فى العقول السودانية، ونثق فى قدرة الشعب السودانى على تجاوز هذه الأزمات المفتعلة، فالقاهرة لن تكتمل بغير الخرطوم، والخرطوم لن تكتمل بغير القاهرة وإن غداً لناظره قريب!