«نهلة».. تبحث عن نهاية لمعاناة 30 سنة من «الشلل الدماغى»
«نهلة» ومنزلها المتهالك فى السحايت
رحلة معاناة طويلة تمتد لما يقرب من 30 سنة، قضتها «نهلة طه عبدالمقصود»، ابنة قرية «السحايت» بمركز الحامول، فى محافظة كفر الشيخ، والبالغة من العمر 38 عاماً، بين المستشفيات الحكومية والعيادات الخاصة، أملاً فى العثور على من يمد يده إليها ليداوى آلامها، ووضع نهاية لمأساتها التى تحاصر حياتها، منذ إصابتها بـ«شلل دماغى»، حولها من طفلة طبيعية تجرى وتلعب كغيرها من الأطفال، إلى فتاة مريضة محرومة من نسمات الحياة. داخل بيت صغير متهالك، مسقوف بالخشب وقش الأرز، تعيش «نهلة» مع والدها، البالغ من العمر 80 عاماً، ووالدتها 70 سنة، وشقيقيها وأولادهما، وقد رسم المرض ملامح العجز على وجهها، بجوارها كرسيها المتحرك الذى لم يفارقها، حيث لا يمكنها التحرك من دونه، تحاول أن ترسم ابتسامة على شفتيها، تعبيراً عن رضاها بما ابتلاها الله به، وبكلمات متلعثمة بدأت تروى مأساتها قائلة: «كنت بألعب وأجرى مع الأطفال فى الشارع، وفجأة أصبت بتشنجات ودوخة، نقلنى والدى إلى المستشفى، ولم أدرك وقتها ما حدث».
الأم: أحد الأطباء نصح بإجراء جراحة لها.. وبِعت ذهبى وكل ما أملك على علاجها دون جدوى.. وبنحمد ربنا على البلاء
وأضافت بقولها: «علمت بعد ذلك أننى مُصابة بشلل دماغى بدأ يتطور، وأخرجونى من الصف الخامس الابتدائى، وحُرمت من نسمات الحياة والتعليم، وظل أهلى يتنقلون بى من عيادة لأخرى، حتى جرى عمرى، ووجدت نفسى جليسة على كرسى متحرك، عقب إصابتى بالشلل، ولم أعد قادرة على الحركة»، وتابعت: «معرفش إيه اللى حصل، الأول كانوا بيشيلونى ويدخلونى الحمام، ولما كبرت شوية جابوا لى كرسى متحرك، حتى أستطع الحركة به وحدى».
واختتمت حديثها لـ«الوطن» بقولها: «بيضايقنى العلاج الكتير والحقن، وقعدت فترة كبيرة ماخدش جلسات علاج طبيعى علشان أهلى مش معاهم فلوس، أنا نفسى أبقى طبيعية، الدكتور قال لى لو عملتى عملية جراحية ممكن تخفى شوية، لكن العملية هتتكلف فلوس كتير وإحنا غلابة»، وناشدت الرئيس عبدالفتاح السيسى بقولها: «أنا نفسى أتعالج». وبصوت تخنقه الحسرة على ضياع عمر ابنتها، قالت والدة «نهلة»، إنها كانت طبيبعية حتى سن العاشرة، ثم أصيبت بمرض مفاجئ شخصه الأطباء على أنه «شلل دماغى»، وأضافت: «من وقتها ونحن حائرون بين العيادات والمراكز والمستشفيات، بعت دهبى وبعنا بيتنا واشترينا منزل تانى بالقش، لنعالج ابنتنا، ومستعدين كمان نبيع هدومنا»، واستطردت بقولها: «حاولت أطرق أبواب البعض للمساعدة، لأن الأدوية مُكلفة، وأبوها بيشتغل فلاح، لكن مفيش فايدة، مستشفيات الحكومة يومها بسنة، والمراكز الخاصة أسعارها نار».
وأشارت الأم إلى أن أحد الأطباء نصح ابنتها بإجراء عملية جراحية فى المخ، ولكن ثمنها مُكلف، ومع تقدمها فى السن ستكون نسبة شفائها قليلة، وقالت: «إحنا راضيين بقدر الله، وبنحمد ربنا على البلاء»، مشيرةً إلى أن «نهلة» تحتاج لجلسات علاج طبيعى، وتتكلف الجلسة الواحدة نحو 150 جنيهاً، وتأخذ 3 جلسات فى الأسبوع، أى ما يقرب من 1800 جنيه فى الشهر، فى حين أنها تتقاضى معاشاً لا يتجاوز 300 جنيه، وأضافت: «مابنقدرش نوفر تمن جلسات العلاج، ومش بنروح كل الجلسات»، مشيرةً إلى أن أحد أبنائها «شغال باليومية، وبيصرف علينا كلنا، ويوميته مش بتكفى أكل ومصاريف وعلاج وجلسات»، وأنهت الأم حديثها لـ«الوطن» بقولها: «نفسى أشوف بنتى بتمشى قدام عينى قبل ما أموت».