فى وصف مصر عفواً «لا توجد معلومات»
فى وصف مصر عفواً «لاتوجد معلومات»
20 مجلداً من القطع الكبير، يمكن للمهتم الاطلاع عليها، فقط ليتعرف على مصر، صحيح أن من وضعوه هم علماء الحملة الفرنسية قبل أكثر من قرنين من الزمان، لكنهم قدموا من خلاله ملايين الحقائق والمعلومات عن مصر والمصريين، زاد عليها لاحقاً العالم المصرى الكبير جمال حمدان، حين أسهب فى شرح شخصية مصر والمصريين وما شهدته من تطورات وتحولات.. جهد عظيم، لا يفكر عاقل فى محاكاته فى 2018، رغم توافر الأدوات التى تتيح الأمر بجهد أقل فى جمع المعلومات وتدوينها وتوثيقها، إلا أن ثمة معضلة أكبر قد تواجه الفكرة، تكمن فى تلك الحالة التى لخصها د. هشام الشريف، وزير التنمية المحلية السابق، بأنها «تصحر فى المعلومات».
«الوطن» تفتح الملف «الشائك»: تلاعب شعبى وحيرة حكومية
مراكز عديدة تتولى جمع المعلومات، ومشروعات قومية ووطنية هدفها إتاحة المعلومات، وتبقى العلة فى النتائج، أهداف عظيمة أُنشئت من أجلها مراكز المعلومات فى أغلب الوزارات والمحافظات والهيئات البحثية والمؤسسات الخدمية، لكنها كلها تؤدى «الدور الناقص»، سواء فى جمع المعلومة أو حتى الاستفادة منها، ويبرز هذا فى قطاعات عدة، كالإسكان والأراضى والتوظيف والخدمات.. وغيرها الكثير، حيث يعيب المنظومة أنها خضعت «للتهاون» من قبل الحكومة.. و«للتلاعب» من قبل المواطن.
«عنوان البطاقة ولا عنوان الإقامة؟»
يتكرر الاستفهام كثيراً، فى أغلب المصالح الحكومية، التى يتعامل خلالها المواطن فى قضاء مصالحه، تبدأ الحيرة فى تسجيل البيانات، أيهما أصح، تلك التى تحويها بطاقة الرقم القومى، أم تلك التى يتعامل بها المواطن، سواء فى العنوان أو الوظيفة، ويتغير الأمر حسب الحالة، فى المعاملات المادية يتطلب إدخال البيانات الحقيقية.. وفيما عداها من معاملات حكومية تنهى العبارة المقتضبة الحيرة «بيانات البطاقة يا أستاذ». حين أطلقت وزارة الداخلية بطاقة الرقم القومى المميكنة عام 1997، تمهيداً لإنهاء العمل نهائياً بالبطاقة الورقية عام 2006، كان المستهدف أن يسير المواطن ببنك معلومات وبيانات تلخص حياته وتختصر عشرات الخطوات فى تعاملاته الرسمية والحكومية.. هدف نبيل بذلت فى سبيله الحكومة وقتها ملايين الجنيهات فى تجهيزات ومعدات وأدوات تتيح الأمر وتجعله الأصل وما عداه استثناء، وما إن اعتاده المصريون حتى ظهرت مسالبه، ولم تعد بطاقة الرقم القومى حاملة للهوية كما أرادتها الحكومة، بعدما طال التلاعب كل بياناتها، عدا الاسم وتاريخ الميلاد.
لم تكن البطاقة وحدها نموذج الخلل فى منظومة المعلومات، فقد طال الخلل كل أشكال المنظومة، فلا توجد آلية حقيقية للحصول على البيانات والمعلومات، حتى بعد التعداد الأخير، لا تزال مراكز المعلومات المنتشرة فى المصالح والهيئات الحكومية وكل الوزارات والمحافظات خاوية من أدق التفاصيل التى إذا ما وضعت فى سياق تحليل قد تفسر وتعالج عدداً كبيراً من المشكلات التى تواجهها مصر، وتقف الحكومة مكتوفة الأيدى تجاه حلها.
وإلى أن يحدث هذا يظل السؤال قائماً: من يملك المعلومات فى مصر؟