يا ترى ماذا سيكون رد فعل وزير الصحة د. أحمد عماد ورئيس الإدارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارته د. رشا زيادة حين يطالعان ردود فعل القراء على خبر مضاعفة أسعار 50 نوعاً من الدواء، الغالبية العظمى منها للأمراض المزمنة وكبار السن ومرضى العناية المركزة، ربما يفكران فى الاستقالة من منصبيهما من هول ما سيقرآن، لكن الحمد لله فى السراء والضراء لأنهما فى أغلب الظن لن يقرآ ما كُتب عنهما، ولو حدث فلا أعتقد أنهما سيكترثان، لماذا لن يهتما؟ لأن منطق وزارة الصحة أن الشركات يجب ألا تخسر، إنما المريض ممكن «يتنيل» على عينه ويقترض من أقاربه وجيرانه أو حتى يتسول من الشوارع ليشترى الدواء، هذا هو منطق وزارة الصحة، الذى عبرت عنه د. زيادة فى أكثر من تصريح لمواقع إخبارية عدة، حين قالت «قرار التحريك اتخذ حرصاً على مصلحة المريض، لتلافى الخسائر التى تتعرض لها الشركات، ومن ثم يمكنها توفير تلك الأدوية بالسوق المحلية»، تصريح جميل فى مظهره بشع فى مضمونه، فالمهم هو وجود الدواء فى الأسواق، وعدم تعويض الشركات سيؤدى لعدم إنتاج الدواء، وسيتضرر المريض من النقص فى الأسواق، طب إيه الفارق بين وجود الدواء بأسعار تفوق قدرة المريض على شرائه وبين اختفائه من الأسواق! السؤال الذى تتجاهله الوزارة هل المهم وجود الدواء فى الأسواق؟ أم أن يتمكن المرضى من شرائه؟ وهل دور الوزارة هو فى إنقاذ الشركات أم تحقيق التوافق فى المصالح، خصوصاً أن الوزارة تقدم خدمة وليس سلعة، لكن للأسف يبدو أن منطق الخدمات يختفى ويزول من فكر حكومتنا الرشيدة.
المُتابع لأسلوب الوزارة فى الإعلان عن الزيادة فى أسعار الدواء يرصد ومن الوهلة الأولى أساليب التفاف وغموض وريبة تُثير الشكوك فى القرار، تصريح عن زيادة لا تتجاوز 10% وبعدها تصريح آخر أنها من 10% إلى 50% وتصريح ثالث أن الزيادة محدودة لا تتجاوز 30 نوعاً على أقصى تقدير وآخر أنها لن تتجاوز 50 نوعاً، اللافت أن مسئولى الوزارة يتعاملون ببساطة شديدة جداً مع أنواع الدواء التى تزايدت أسعارها، وهى أدوية علاج السكر والضغط والرعاية المركزة، هكذا ببساطة شديدة جداً نُضاعف أسعار أدوية المرضى من كبار السن وأرباب المعاشات وأعدادهم تُقدر بالملايين، لا أعتقد أن الوزير سأل نفسه هل هذا الوقت مناسب لمضاعفة أسعار الدواء؟ للأسف وزير الصحة -يا عينى- لا يتحمل صرخات الشركات لكنه قادر بكل صلابة على تحمل أنات المرضى.. ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء.