7 طرق مضمونة لتفكيك «الأخبار المفبركة» واكتشاف هشاشة منطقها
الأخبار المفبركة
لا يمكن القول إن الأخبار المفبركة أو غير الحقيقية أمر حديث عرفه العالم فقط مع انتشار الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعى؛ لكن ما يمكن الجزم به أنه لم يكن أبداً بهذا الانتشار وهذا التأثير مثل الآن.. وهذه الجولة السريعة من الأسئلة تحاول أن تفكك بنية التضليل التى تستند عليها هذه الأخبار المفبركة.
ما الأخبار المفبركة؟
لا يمكن التعرض لظاهرة، قبل فهمها، وتحديد ماهيتها: الأخبار المفبركة تشمل كل محتوى صحفى غير حقيقى بأكمله، أو بأحد أجزائه، وهناك دعوات كثيرة بعدم تسميته بـ«الأخبار» حتى لو أضفنا بعده «مفبركة».
لماذا الآن؟
الحدث الرئيسى الذى فجر النقاش حول هذه الظاهرة، الانتخابات الأمريكية الأخيرة التى أجريت نهاية 2016؛ التى شهدت منافسة صعبة بين هيلارى كلينتون ودونالد ترامب، ولعبت الأخبار المفبركة التى انطلقت ضد الطرفين دوراً كبيراً فى هذا، وحتى الآن هناك لغط حول حجمها ومدى تأثيرها، ومن هنا أصبح الحديث عن الأخبار المفبركة قضية عالمية، خاصة أن الانتخابات الفرنسية والألمانية اتبعتها، بالإضافة للتصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبى فى بريطانياً، لذا بات الأمر محل اهتمام دوائر إعلامية وتكنولوجية وسياسية وأمنية، وتعد واحدة من أكبر المشكلات التى تواجه العالم.
ما أنواع الأخبار المفبركة؟
حسب ما رصده مشروع «فيرست درافت» المعنِى بالتحقق من الأخبار -وهو مشروع غير ربحى بالأساس- الأخبار المفبركة تشمل المحتوى المفبرك بالكامل، وهذا لا يجوز أن نطلق عليه خبراً من الأساس، مثل الذى انتشر قبل أيام بخصوص فرض السعودية رسوماً على الوافدين الذين يتعدى وزنهم 80 كيلوجراماً، وهناك الأخبار الصحيحة التى نشرت فى سياق مختلف، مثل صور من عمليات داعش فى سوريا، والتى نشرت على أساس أنها كانت فى سيناء.
وهناك المحتوى الذى تم التلاعب فيه بتغير بعض حقائقه، أو بإجراء تعديلات على الصور أو الفيديو، مثل التعديل الذى أجراه مصور لوس أنجلوس براين والسبكى على صور جندى بريطانى فى العراق عام 2003، ويعد كذلك من الأخبار المفبركة المحتوى الذى ينشر باستخدام علامات تجارية صحفية لها مصداقيتها، مثل ما دأبت على نشره النسخة المقلدة من موقع ABC news باستخدام نفس العلامة التجارية، وفى مصر كان هناك موقع يدعى «الأهرام المكسيكى» وتم حجبه قبل أشهر قليلة.
دراسة لـ«ستانفورد»: 60٪ من زيارات الأخبار المفبركة تأتى من 10٪ من المستخدمين.. و«جاتوف»: أغلب من ينجذب للأخبار المفبركة يكون لديه دوافع مسبقة لتصديق هذه الأخبار حتى لو خالفت الواقع والمنطق
من يتعاطى الأخبار المفبركة؟
يقول فاسلى جاتوف، أستاذ الإعلام بجامعة جنوب كاليفورنيا، لصفحة «مسار» إن «أغلب من ينجذب للأخبار المفبركة يكون لديه دوافع مسبقة لتصديق هذه الأخبار، حتى لو خالفت الواقع والمنطق»، وحسب دراسة نشرتها جامعة ستانفورد قبل أيام حللت فيها الأخبار المفبركة التى تم استهلاكها خلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة، أثبتت أن 60% من زيارات الأخبار المفبركة تأتى من 10% من المستخدمين.
وهذا يعنى أننا بصدد فئة ما من الجمهور باتت تدمن هذا النوع من الأخبار وتتردد على مصادره باستمرار، وغالباً يكون ذلك لأسباب عاطفية مدفوعة بوجهات نظر حادة تجاه قضية ما، والغريب أنه لا يوجد ارتباط مادى أو ثقافى بالمتفاعلين مع هذه الظاهرة، فمنهم مثقفون ومستويات مادية جيدة، كما يرى جاتوف الروسى، وهو عضو فى مجلس إدارة الرابطة العالمية لناشرى الصحف WAN-IFRA.
لماذا تفبرك الأخبار؟
ليست كلها لأسباب سياسية كما يعتقد البعض، بل إن النسبة الأكبر منها تكون لأهداف ربحية بالأساس، وفقاً لحمى Clickbaits التى تغرى الكثيرين لتأليف محتوى بعناوين جذابة وغريبة تدفع الكثيرين للضغط على الرابط، ومن ثم يكون هناك رابط آخر، وهكذا حتى يصل لهدفه، وتبدأ عجلة الأرباح تعمل منها؛ قبل عام قامت صحيفة واشنطن بوست بإجراء تحقيق موسع حول: كيف تحقق الأخبار المفبركة أرباحها؟ ومن ضمن الحالات التى حاورتها، كان باول هورنر، الذى ينشر أخباراً مفبركة، ويجنى شهريا 10000 دولار، من نظام إعلانات جوجل AdSense!
وهذا لا يعنى أنه ليس هناك أسباب أخرى للأخبار المفبركة، بخلاف الأغراض الاقتصادية والسياسية التى تكون غالباً مدفوعة بدول وأجهزة أمنية، هناك أيضاً أسباب لها علاقة بسوء المحتوى الصحفى نفسه وعدم دقة معايير النشر، وأغلبها بسبب عدم تدريب الصحفيين على التحقق من مصادر الأخبار على البيئات الرقمية.
على مَن تقع المسئولية؟
الإجابة المختصرة هى، الجميع، من يتعاطى هذه الأخبار ويصدقها بل ويتفاعل ويتعصب لها، وقبله وسائل الإعلام التى تسللت لغرف أخبارها هذه القصص الكاذبة، وللأسف بلعت الطعم ونشرت هذه الأخبار المفبركة أو غير الدقيقة، وهناك أيضاً التشريعات والجهات التنظيمية الغائبة عن المشهد إما لقصور فى المعرفة أو خوفاً من أى تضييق على حرية الإنترنت، وفى أول القائمة شبكات التوصل الاجتماعى التى سمحت بانتشار هذه الأخبار، وأولها فيس بوك، وجوجل أيضاً بالمساهمة فى إتاحتها على محركها، وتوفير دعم مادى عبر نظام إعلاناتها الشهير.
ما الحل؟
من المشكلة ومسببيها يمكن أن نتخيل طريق الحل، فعلى أرض الواقع بدأت الكثير من وسائل الإعلام فى اتخاذ خطوات عملية لزيادة معدلات التحقق من الأخبار VERIFICATION، بل وتضمين مستويات تدقيق ومحررين مسئولين عن عملية التحقق من الأخبار، مثل ما تقوم به نيويورك تايمز، أو عبر نهج الأخبار البطيئة التى باتت تتبع BBC بتقديم أولوية الجودة على عنصر السرعة فى الأخبار، ووصل الأمر لإجراء بحوث حول توظيف الذكاء الاصطناعى لمحاصرة الأخبار المفبركة مثل البحث الذى قدمه باحثون فى جامعة شيكاغو ونشر على موقع «سانتيفك أمريكان».
والضغط الأكبر حالياً على جوجل وفيس بوك، بتعديل لوغاريتمات عرض الأخبار على المستخدمين، وإتاحة خصائص للتبليغ عن هذه الأخبار بالنسبة للأولى، التى تسير فى خطة تعيين 1000 شخص لمراقبة وحظر هذه الأخبار؛ ومن جانب بدأت جوجل بالتحرك عبر غلق الكثير من المواقع المضللة وكذلك حسابات على يوتيوب، وحرمت الكثير من المواقع من الدخول فى شبكة إعلاناتها، وأطلقت مبادرة CrossCheck بالتعاون مع فرست درافت.
ولكن يبقى حل رئيسى فى يد المستخدمين أنفسهم، من خلال توعيتهم وتطوير ذائقة التعامل مع الأخبار، وفرز الصحيح من المزيف، مع الاستعانة بأدوات تحقق مثل ما يقدمه موقع snopes وفى مصر هناك dabegad، وغيرهما الكثير من الأدوات والمواقع، وهذا بدوره يتطلب تدريباً تقنياً بسيطاً للناس لفهم طبيعة عمل الإنترنت، وتدريباً نفسياً ربما أصعب وأعقد لعدم الانجذاب للأخبار التى تناسب الأهواء رغم ضعف منطقها وهشاشة المصدر المنطلقة منه!