«محمد»: سافرت بعد تولى الإخوان الحكم.. وبيروقراطية فرنسا تشبه مصر
محمد سالم
بدت الأمور مبشرة للغاية بالنسبة لمحمد سالم، حين حصل أخيراً على درجة البكالوريوس فى إدارة الأعمال فى تخصص نظم المعلومات عام 2008 من الجامعة الفرنسية بمصر، سرعان ما قام الشاب بعمل دبلومة لمدة عام، معترف بها من كلتا الجامعتين، الفرنسية فى القاهرة، ونانت فى فرنسا «management and information systems Masters from Nantes University»، خلال تلك الفترة عمل «محمد» ككثيرين فى الوظيفة الأشهر «كول سنتر» لكنها كانت مؤقتة، حيث حظى من بعدها بوظيفة أخرى فى إحدى شركات المحمول الشهيرة، لمدة سبع سنوات.
«دوّرت على شغل فى محلات ملابس عشان أسدد قرض خلال 5 سنين.. وأسعى للتوظيف فى شركة عالمية»
استقرت أمور «محمد» إلى حد بعيد، خاصة مع الترقى المستمر للشاب الذى وصل فى عامه السابع فى الشركة إلى وظيفة خبير تقنى للخدمات، والمسماة بـ«كلاود سيرفيس»، سيطرت عليه خلال الفترة الرغبة فى مزيد من الترقى، لكن الواقع كان يشير إلى أنه قد وصل إلى طريق مسدود، حيث لا مزيد من السبل للتطور بعد تلك المرحلة: «حسيت إنى وصلت للآخر مش عارف أتطور فى الشركة، حاولت أغير مكان الشغل وأروح شركة تانية لكن مالقتش حاجة مناسبة، وقتها فكرت فى عمل دراسات عليا -ماستر- فى الإدارة الخاصة بمجالى، عشان أحول من سكة التقنيات وبدل ما أكون راجل بتاع آى تى باشتغل بإيدى، أشتغل فى الإدارة وأمسك المشاريع وأدير المجموعات».
فجأة قامت ثورة يناير، وقتها ظهرت لـ«محمد» عدة فرص للتعلم فى الخارج بتمويل من الجامعات المتاحة، لكن شعوراً قوياً طغى عليه بضرورة الاستمرار فى مصر: «كنت شايف دورى فى شركة مالتى ناشيونال فى مصر، أثبت فيها نفسى وأقوم بدورى على أكمل وجه كحافز للاستثمار فى مصر، كان فى خيالى أكون نموذج مشرف فى صورة حلوة للشركات برا مصر إنها تيجى مصر وهتلاقى كفاءات، لكن فجأة الثورة باظت والإخوان مسكوا، بدأت قصة طويلة حسيت معاها إن ماعادش فيه أمل وإننا عمرنا ما هنتقدم، ومع توالى الأحداث قررت أسافر أتعلم برا مصر، وقلت لنفسى لو ماعرفتش أطور بلدى دلوقتى ممكن أطورها وأنا عندى قوة ومعايا فلوس».
هكذا وقع اختيار الشاب على فرنسا: «بلد بتقدّر العلم والتطور، قدمت فى كذا منحة لكن اترفضت، مع ذلك اخترت مدرسة أحلامى وقدمت واتقبلت، فى آخر 2015، وهكذا سافرت فرنسا بدون منحة أو تمويل أو أى فلوس تذكر».
عقد «محمد» آماله على إيجاد شركة راعية فى فرنسا تمول دراسته مقابل العمل جزئياً بها: «هنا فى فرنسا الشركات بتقوم بالدور دا، لأن النوع دا من الدعم بيوفر لهم مبالغ ضرايب ضخمة، وبيوفر لهم أيدى عاملة بفلوس قليلة خلال نص الوقت الفاضل من الدراسة».
اقترض 18 ألف يورو لاستكمال دراساته العليا فى «نظم المعلومات»
بدأت دراسات «محمد» العليا بفرنسا فى ديسمبر 2016: «باعمل أدفانس ماستر، ما بعد الماستر فى مجال الإم آى إس، أو إدارة نظم المعلومات، بعملها فى مدرسة كبيرة، هى مش جامعة، لكن زى كلية خاصة كدا، تصنيفها عالى فى مجال تخصصها، تعتبر الثانية أو الثالثة على مستوى أوروبا والدراسة فيها مزدوجة مع مدرسة هندسة تانية، والشهادة بتطلع باسم ESSEC business school وTelecom ParisTech، فى الأولى باتعلم الجزء الخاص بالإدارة وفى الثانية باتعلم الجزء التقنى الخاص بنظم المعلومات».
حلم يسيطر على «محمد» بأن يصبح خبيراً فى مجال إدارة نظم المعلومات عقب دراسته الحالية التى تستمر لعام ونصف، لكن الأمور لم تستمر ميسرة كثيراً: «بدأت أدور على شركة تدعمنى طول 3 شهور لحد ما لقيت شركة فى ديسمبر وبعد الاتفاق وخلاص، لاقيتهم يوم إمضاء العقد قالوا لى استنى، إحنا مش هينفع نمضى العقد، عشان دى أول سنة ليك فى فرنسا، وقانون العمل بيمنع إن طالب يشتغل فى أول سنة فى فرنسا.. جبت محامى ورُحنا الشركة لاقينا فيه ثغرة فى القانون، حاولت أستخدمها الشركة نشفت دماغها، والشغلانة باظت ولاقيت كل الناس عندها نفس المشكلة ومحدش عاوز يخش فى صدام مع مكتب العمل، كان لازم ألاقى حل، بدأت أدور على شغلانات تانية فى محلات وبدأت أصرف على نفسى لأن فلوسى كانت بدأت تخلص، وكان لازم ألاقى طريقة أدفع مصاريف الجامعة، 18 ألف يورو».
الكثير من البحث قاده للحل: «بدأت أدوّر على شغل فى شركات ومحلات الملابس والسوبر ماركت، وبعدها بشهرين جالى تدريب بفلوس فى شركة، فبقيت أصرف على نفسى وبدأت أواجه مشكلة تانية إنها مش كافية لدفع فلوس الجامعة وماكانش قدامى غير الحل الأخير إنى آخد القرض الخاص بالطلبة فى فرنسا، وأهم مميزاته إنه على خمس سنين بفايدة 0.8% يعنى مش هادفع فوق تمنه غير 500 يورو فقط»، هكذا سدد الشاب مصروفات دراسته، وقارب على إنهاء دراساته العليا، فضلاً عن محاولاته إثبات نفسه فى الشركة الحالية.
تجربة عريضة علمته الكثير من الدروس أهمها أن البيروقراطية ليست فى مصر وحدها: «صعوبات وعوائق لما بافتكرها باحس بكم الإنجاز اللى باحققه فى حياتى، لكن الأهم إن البيروقراطية هنا فى فرنسا زى مصر بالظبط، الأمور معقدة ومفيش رفاهية، والخيار الوحيد قدامى وقدام أى شاب قرر يدرس برة إنه ينجح أو ينجح، مفيش بديل».