أماكن سياحية وأثرية لكبار الزوار فقط.. ترفع شعار «ممنوع دخول العامة».. وسعر التذكرة يصل إلى ألف جنيه
دخول أبواب أهرامات الجيزة لكبار الزائرين فقط
صورة لتذكرة لمقبرتى «نفرتارى»، و«سيتى الأول»، بقيمة ألف جنيه، كانت كافية لخلق حالة من الجدل غير المسبوق على مواقع التواصل الاجتماعى عن رسوم الدخول غير المبررة لموقع من المفترض أنه يقدم خدمة تثقيفية، فى ذات الوقت الذى لا تتخطى فيه أسعار مقابر وادى الملوك مجتمعة بدون مقبرة توت عنخ آمون الـ40 جنيهاً للطلبة، و10 دولارات للأجنبى، ويبلغ سعر تذكرة الفرعون الشاب توت عنخ آمون 100 جنيه فقط.
سعر التذكرة المبالغ فيه لفت النظر لما كان خفياً عن مواقع أثرية كانت تفتح أبوابها لزوار الـvip فقط، حيث كشفت وزارة الآثار أن مقبرة «نفرتارى»، وهى من أفخم المقابر بوادى الملكات، بما تحويه من نقوش ملونة مختلفة للملكة، كان سعر زيارتها 20 ألف جنيه لمجموعة واحدة فقط، بها 20 فرداً، حيث كانت تفتح أبوابها خصيصاً لهم ومن ثم تعاود الإغلاق، فضلاً عن أماكن أخرى كانت تفتح أبوابها أمام الزوار مرتين فى العام فقط.
بعض الأماكن تفتح مرتين فى العام.. حتى «حديقة الحيوان» بها أماكن لـ«الشخصيات الرفيعة»
زيارات الـvip لم تتوقف عند مكان أثرى بعينه، بل تخطتها لتشمل أوقاتاً خاصة للزيارات، يتم خلالها فتح المنطقة الأثرية فى غير مواعيد العمل الرسمية نظير رسوم تبدأ من 20 ألف جنيه وتصل لـ50 ألف جنيه فى بعض المناطق، وتختلف استخدامات المنطقة من مناطق يتم فتحها بعد مواعيد العمل الرسمية، وعلى رأسها معبد الأقصر ومنطقة سفح الهرم، وفى الأغلب يتم فتحها لإقامة حفلات وعشاء فى مناسبات بعينها، ومناطق تفتح خصيصاً وعلى رأسها حديقة المتحف المصرى بالتحرير والقاعة الذهبية بقصر محمد على بالمنيل التى يتم فتحها للاجتماعات، وأخرى تُفتح قبل مواعيد العمل الرسمية وفى مقدمتها منطقة الهرم الأثرية التى تُفتح خصيصاً فى السادسة صباحاً، طبقاً لبعض الإعلانات الترويجية لإحدى شركات السياحة الأمريكية التى تعلن مع كل موسم سياحى عن رحلات خاصة لأعداد لا تتجاوز الـ50 سائحاً يتم خلالها فتح المنطقة الأثرية مع شروق الشمس.
ويحوى الفيلم الإعلانى لقطات من رحلات سابقة تُقام بمعدل ثلاث رحلات شهرياً نظير 6 آلاف دولار للفرد، كما يؤكد تفردها بالدخول لهرم خوفو عبر مدخل خاص غير مسموح الدخول منه للهرم، مروراً بزيارة لمخالب أبوالهول، المغلقة عادة، ولا يقوم السائح برؤيتها إلا من مسافة بعيدة عبر شرفة، وكذلك زيارة مدينة العمال المغلقة بسبب عدم انتهاء أعمال الحفريات بها، وهذا يتم بتصريح مميز منحته وزارة الآثار للشركة فى غير مواعيد العمل الرسمية، لافتاً إلى أن حراس المنطقة الأثرية سيفتحون غرفتين مغلقتين أولاهما غرفة الملكة، والغرفة الأخرى تحت الأرض. وفى محافظة أسوان التى تشتهر بأنها أحد المشاتى العالمية نظراً لموقعها الجغرافى المميز، فهى بوابة مصر الجنوبية، ومدخلها الجنوبى لقارة أفريقيا، كما تتميز بوجود العديد من المواقع الأثرية المهمة كمعابد رمسيس الثانى ونفرتارى بمدينة أبوسمبل، ومعابد إدفو وكوم أمبو وفيلة ومتاحف النوبة والنيل وغيرها من الأماكن الأثرية والسياحية، وهناك بعض المناطق الأثرية التى لا يتم ضمها للبرامج السياحية أو حتى الزيارة للجمهور، ويتم الاكتفاء فقط بفتحها للشخصيات المهمة «» أو الأثريين الكبار والباحثين فى ذات المجال. وعلمت «الوطن» أن من أهم الأماكن التى لا يتم فتحها لعموم الجمهور للزيارة، «توربينات كهرباء السد العالى»، الموجودة داخل جسم السد العالى الذى يقع جنوب مدينة أسوان فى البداية الشمالية لبحيرة ناصر وعلى عمق كبير أسفل سطح الأرض، وهى أحد الأماكن التى لا يزورها عملياً الآن سوى كبار الشخصيات من رؤساء الجمهورية أو الوزراء وبعض الشخصيات العامة، ويكون ذلك من خلال تنسيق مسبق مع الجهات الأمنية المشرفة على السد العالى.
كما أنه من بين الأماكن المغلقة أيضاً «القبة الخرسانية» بمعبدى رمسيس الثانى ونفرتارى بمدينة أبوسمبل السياحية التى تقع على بعد نحو 280 كيلومتراً جنوب محافظة أسوان، وكانت مفتوحة للزيارة منذ سنوات، وهى عبارة عن قبة خرسانية ذات سمك خرسانى كبير وبمساحة ضخمة تحمل فوقها جبلاً صخرياً ورملياً فوق المعبدين، وهى عمارة هندسية حديثة تم إنشاؤها عقب نقل المعبدين من مكانهما السابق، والحال ذاته فى «البيلون الثانى» بمعبد فيلة بمنطقة جنوب خزان أسوان. ويتعدى الأمر المناطق الأثرية إلى حديقة الحيوان، حيث يمكن أن تسمع هناك عبارة «ممنوع الدخول يا أستاذ» التى اعتاد عمال حديقة الحيوان قولها لكافة الزائرين بمجرد الاقتراب من بعض الأماكن الموجودة داخل الحديقة، ومن بينها الكشك اليابانى، والكوبرى المعلق، ومغارة الشمعدان، الأمر الذى يثير غضب عدد كبير من الزوار، الذين طالبوا المسئولين بفتح تلك الأماكن للتنزه بها والتقاط الصور التذكارية فيها.
أحمد أبوالمكارم، 20سنة، الطالب بكلية التجارة، الذى جاء خصيصاً من محافظة القليوبية للتنزه بالحديقة بعد حصوله على إجازة نصف العام، لم يكن يعلم أن هناك أماكن مغلقة للزيارة أمام عموم الزوار، إلا أنه بعد أن توجه إلى «الكوبرى المعلق» أملاً فى التقاط بعض الصور الفوتوغرافية عليه، بعدما رأى صوراً منتشرة له على مواقع التواصل الاجتماعى زرعت داخله الرغبة الشديدة فى زيارته، مضيفاً: «أخدت الإجازة وجيت علشان أتفسح، وبمجرد ما وصلت سألت بعض الزوار على مكان الكوبرى، بس لما وصلت لقيت كل الطرق والأبواب مقفولة»، الأمر الذى دفعه إلى سؤال أحد العمال عن أسباب غلقه، ليجيبه العامل قائلاً: «ممنوع الدخول، المكان ده مخصص لكبار الزائرين فقط».
ويتابع «أبوالمكارم» كلامه بنبرة غاضبة: «هما ليه بيمنعونا من دخول الأماكن الأثرية دى ومش بيعرفونا بيها، ولو خايفين إن الناس تسرقها أو تشوها يوقفوا أمن على البوابة، وبعدين ليه بيعلنوا عنها وبينزلوا صورها على كل المواقع طالما مقفولة، ولا هم بيضحكوا علينا يعنى».
لم يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لإيهاب السيد، المدرس بالتربية والتعليم، الذى جاء لحديقة الحيوان برفقة زوجته وأولاده الذين ما زالوا فى مراحل دراسية مختلفة للتنزه، يقول إيهاب: «أول مره آجى حديقة الحيوان، انتهزت فرصة الإجازة عشان أفسح ولادى، وكنت بسمع كتير عن مغارة الشمعدان، لكن لقيتها مقفولة زى الأماكن التانية، ومعرفش إيه السبب، يعنى حتى المناطق الطبيعية بقى ممنوع دخولها»،
ويختتم الرجل الذى جاء من محافظة سوهاج، كلامه قائلاً بنبرة حزينة: «يعنى أنا جاى بقالى أكتر من 12 ساعة فى الطريق وصرفت فلوس على المواصلات والأكل وفى الآخر ماشوفش أى حاجة فى الحديقة زى ما شفت على الإنترنت أو حتى سمعت عنها». محمود ناجى، 32 سنة، أحد الزائرين بالحديقة، يقول: «زرت الحديقة أكتر من مرة وفى كل مرة آجى ما بشوفش غير شوية الحيوانات اللى موجودة بالحديقة لكن باقى الأماكن المغلقة مش بتتفتح غير لناس معينة، ولما نيجى نسأل يقولوا لنا دى لكبار الزوار، ومعرفش يعنى إيه كبار زوار، هل هما مواطنين وإحنا لا».
«الكوبرى المعلق، بقاله كتير مقفول ولما بسأل يقولوا محتاج صيانة، طب إزاى بيتفتح لكبار الزوار» جملة قالها ناجى بنبرة غضب وحزن، وتابع «طب الكوبرى وفيه صيانة وخايفين على الناس، الكشك اليابانى اللى فيه صور مقتنيات وصور فوتوغرافية مقفول ليه، محدش بيرضى يرد علينا، زمان كان كل شىء مفتوح وكان الملك زى العامل العادى، وجدى وأبويا متصورين على الكوبرى، اشمعنا احنا، ولا ده مش حقنا».