مصابو «الداخلية» يروون تفاصيل الهجوم على موكب الوزير
يبدو الأمر داخل قسم الاستقبال فى مستشفى الشرطة بمدينة نصر وكأنه معسكر للمصابين من جراء إحدى الحروب، الأطباء يسارعون الخطى للوصول إلى المصابين، والأهالى يتدفقون الواحد تلو الآخر كل يبحث عن ابنه أو شقيقه، واضعا يديه على قلبه، داعيا ربه أن يلطف بهم جميعا، والضباط ينتشرون فى أروقة المستشفى لمساعدة الأهالى للوصول إلى زملائهم الذين أصيبوا فى الحادث الإرهابى الذى استهدف وزير الداخلية.
فى إحدى الغرف يستلقى شاب عشرينى على أحد الأسرة أصيبت إحدى عينيه بنزيف فى المقلة ويجلس بجواره والده يحاول أن يظهر تماسكه لما حدث لابنه النقيب أحمد إحسان، أحد المسئولين عن تأمين موكب الوزير، يحاول أن يسمع من حوله بصعوبة بعد أن أصيبت أذناه بصدمة من هول صوت الانفجار، يحكى ما حدث ويقول: «كنا فى طريقنا مع الوزير فى الشوارع التى نمشى فيها يوميا وفى أقل من ثانية، سمعت صوت انفجار ضخم، من هول قوته لم أسمع شيئاً بعدها حتى جئت إلى هنا فى المستشفى، وبمجرد إفاقتى وجدت طلقات خرطوش فى ذراعى اليمنى وبعض منها تناثر على وجهى».
اعتدل «إحسان» فى جلسته وهو يقول: «الحمد لله على كل شىء، الإرهاب لم ينل ما تمناه لأننا على حق وهم على باطل».
فى السرير المجاور بنفس الغرفة نزع حسنى مصطفى، أمين شرطة، جهاز الأكسجين عن فمه حتى يتحدث ويحكى ما حدث وقال: «وظيفتى تأمين مرور ركاب وزير الداخلية، آخر ما شاهدته هو فتح الطريق للوزير أمام سيارته فى شارع مصطفى النحاس وبمجرد مرورها سمعت الانفجار ولم أشعر بشىء بعدها، يقول الأطباء إننى مصاب بتمزق فى ضلوع القفص الصدرى وكدمات متفرقة».
فى غرفة منفصلة يرقد رجل أربعينى يحاول الأطباء أن يساعدوه على الحديث ولكنه يفقد الوعى بين الحين والآخر وبعد محاولات عدة بدأ يتحدث إليهم بكلمات مقتضبة، وبسؤاله عما حدث تلعثم فى الإجابة وقال اسمه بعد سؤاله أكثر من مرة قال اسمى منصور رفاعى قائد سيارة بركاب الوزير، وقال بصوت متهدج: «كل ما أتذكره هو أننى كنت أقوم بإيقاف السيارات للسماح بمرور سيارة الوزير وفجأة شعرت باهتزاز فى السيارة، ولم أشعر بأى شىء بعدها».
لا يستطيع «منصور»، الذى ملأت وجهه حروق إثر الانفجار، أن يكمل الحديث معنا أكثر من ذلك فيغيب عن الوعى مرة أخرى ويبرر الأطباء ذلك بأنه فى حالة صدمة شديدة منذ أتى إلى المستشفى تؤدى به إلى حالة فقدان للوعى بشكل متقطع.
المقدم عماد حماد، أحد أقل المصابين تضرراً من الحادث الإرهابى، كان يجلس فى إحدى الغرف لتلقى العلاج إثر إصابته فى ذراع اليمنى بجروح قال: «حدث الانفجار حوالى الساعة العاشرة صباحا ولم يكن هناك أى هجوم مسلح وإلا كنا تعاملنا معه، وفور حدوث الانفجار أغلقنا مسرح الجريمة وكل الشوارع المؤدية إلى المكان حتى يتمكن المعمل الجنائى من القيام بعمله عند وصوله، وقمنا باستدعاء عربات الإسعاف لنقل المصابين، وبدأنا بالأكثر خطورة حيث كانت هناك امرأتان من بائعى المناديل موجودتان فى المنطقة عند حدوث الانفجار وأصيبتا إصابات بالغة أدت إلى بتر قدميهما إلى جانب طفل صغير بترت أصابع إحدى قدميه، وأمين شرطة من مباحث القاهرة بترت قدمه هو الآخر فلم يكن أمامنا إلا أن نبدأ بنقلهم قبل غيرهم نظرا لخطورة حالاتهم، ثم قمنا بعد ذلك بنقل المصابين الآخرين من الضباط والأمناء الذين كانوا فى مهمة تأمين وزير الداخلية».