«جمعة»: انفجار «بنغازى» رفع السيارات فى الجو.. والمستشفيات عجزت عن توفير العلاج
محررة «الوطن» تتحدث مع ثلاثة مصابين داخل المستشفى
بدأت جولتنا من الدور الثانى، حيث يستقر عدد من المصابين، والتقينا بـ«عيسى مفتاح على» شاب لم يتمم عقده الثالث، ويحكى عما حدث، قائلاً «نفذت الجماعات التى تنتمى إلى داعش سلسلة تفجيرات أمام مسجد بيعة الرضوان عقب الانتهاء من صلاه العشاء وأثناء خروج المصلين، ووقع الانفجار الأول الذى راح ضحيته عدد كبير من الشهداء والمصابين وأدى إلى تجمع حشد من الناس لإسعاف المصابين ونقلهم عبر سيارات الإسعاف والمطافئ التى انتقلت إلى موقع الحادث، وخلال التفاف الناس لإسعاف المصابين وهرولتهم لتقديم المساعدة وقع الانفجار الثانى ليتسبب فى سقوط أكبر عدد من الأرواح خاصة بين المصابين الذين كان الناس يقومون بإسعافهم، وأضاف عيسى الذى كان أحد المسعفين لضحايا الانفجار الأول أنه أصيب بشظايا متفرقة فى جميع أنحاء جسده قائلاً: «شعرت أن لسعات الشظايا تخترق جسدى ولم أستطع أن أستكمل إسعاف المصابين، وتم نقلى إلى المستشفى العام ببنغازى، ولكن كنا نذهب يومياً لأنه لا يوجد إمكانيه للمبيت، وكان المستشفى لا يستطيع أن يفى بعلاج كل الحالات المصابة، ما استدعى نقلى إلى مصر، ونشكر الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخ الكبير للشعب الليبى على مبادرته تجاهنا»، واستكمل عيسى حديثه متأثراً: «أنا فقدت اثنين من أعز أصدقائى فى هذا الحادث اللعين، ولن ينال الإرهاب من أهل ليبيا مهما طال إلا أن الحق لا بد أن ينتصر فى النهاية».
فيما قال «رمضان الفرجانى» الشاب ذو الـ18 ربيعاً وهو مستلقى على سريره ويخرج الكلام بصعوبة من كثرة وخز الآلام: «كلنا فى ليبيا نحزن لما يحدث، هذه المرة الانفجار حدث أمام جامع والمرة المقبلة فى المستشفيات والمدارس، تلك العناصر التى وفدت إلينا من مختلف الجنسيات من أجل الحصول على المال وتحت مسمى الجهاد، هم يذبحون ويقتلون المواطنين»، وتابع قائلاً: «أنا متطوع فى الجيش الليبى كى أحمى بلدى من جرائم هؤلاء الدواعش الذين يقطنون فى أنحاء مختلفة، واتخذت قرار التطوع منذ عام 2014، وحضرت 3 حروب فى ليبيا ومنها حرب فليتى ضد العناصر الإرهابية وكان يقودنا الشيخ أحمد فتولى الذى كان قائد التحريات والرقابة، وهو جهاز شرعى تابع للواء عون الفرجانى الذى يعمل تحت قيادة المشير خليفة حفتر»،
وأضاف «محمود حسين العمامى» الذى ينتمى إلى الجيش الليبى برتبه صف ضابط، البالغ من العمر 45 عاماً: «تلك العناصر استخدمت لأول مرة أسلوب العمليات التفجيرية المتتالية، بمعنى أن تلك العمليات حدثت متتابعة، حيث حدث الانفجار الأول ليحصد عدداً من المصلين من أمام ساحة المسجد عقب انتهاء صلاة العشاء، فيما اجتمعت الناس والتفت حول المصابين والشهداء وحاول الكثير من المارة التدخل والمساعدة، وبعد نصف ساعة أو أكثر قليلاً حدث الانفجار الثانى ليحصد عدداً كبيراً من المجتمعين حوله بقوة كبيرة، حتى إن النيران كانت تمر أسفل سيارات المطافئ، وأكد «العمامى» أن الإرهاب يحصد الأرواح دون ضمير ولا ينتمى لأى دين، وأوضح أن من بين هؤلاء الشهداء اثنين من المصريين العاملين فى ليبيا، أحدهما كان يمتلك محلاً لبيع الخضراوات والفواكهة، والآخر كان يبيع السجائر فى كشك خاص، وأضاف: «أوجه كل الشكر والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسى ووزير الدفاع وقائد الجيش المصرى على دعمهم الدائم للشعب والجيش الليبى، فمصر دوماً سند وأخت كبرى لكل الدول العربية».
«اللواء حماد»: المستشفى يوفر «مشرفة نفسية» للمرضى الذين تستلزم حالتهم دعماً نفسياً
وأوضح الطبيب المعالج والمشرف على الحالات أن حالة المصابين الليبيين كلها مستقرة، وتجاوز العديد منهم مرحلة الخطر فيما كانت بين الحالات إصابات متعددة ومنتشرة بجيمع أنحاء الجسد، موضحاً أن أغلب الإصابات شظايا متفرقة بالساعد والأرجل والبطن، ومن بين المصابين اثنان داخل العناية المركزة إلا أنه تم نقل أحدهما إلى غرفته بعد أن باتت حالته أكثر استقراراً وتم الاطمئنان عليه.
ولا تقتصر الخدمات التى تقدمها مستشفيات القوات المسلحة على الخدمات الطبية للمرضى والمصابين فقط، بل قال مدير المستشفى إن الإدارة فى سبيل توفيرها كافة سبل الراحة للمصابين تقوم بتوفير إحدى المشرفات النفسيات لتأهيل هؤلاء المصابين نفسياً خلال فترة تلقى العلاج والوقوف على تقديم كافة أوجه العناية، وأوضح مدير المستشفى أن هذا الجانب لا يتم فقط مع المصابين الوافدين ولكنه أيضاً يتم مع كافة المرضى الذين تستلزم حالتهم العلاجية دعماً نفسياً للوصول إلى مستوى جيد من الصحة النفسية للمريض تمكنه من سرعة التشافى والاستجابة لمرحلة العلاج وما بعدها فى حياته بعد خروجه من المستشفى.
وفى غرفه أخرى، التقينا مع الشرطى حمد ميلاد إبراهيم، البالغ من العمر 44 عاماً، الذى أكد أن الانفجار كان يستهدف عدداً من القيادات الأمنية بليبيا، منهم قيادات التحرى والرقابة، وبالفعل راح ضحيته الشيخ أحمد قائد قوات التحرى والرقابة، فضلاً عن عدد كبير من المدنيين والعسكريين على السواء، وذكر أن الانفجار الثانى كان أقوى بكثير من الانفجار الأول، وقدر بما يقرب من 350 كيلوجراماً من المتفجرات، وهو يعنى أن الانفجار كان قوياً وعنيفاً فى المرة الثانية، لأنهم يعلمون بتجمع العديد من القيادات عند مكان الحادث بعد حدوث الانفجار الأول.
«حمد»: الانفجار استهدف القيادات الأمنية وراح ضحيته قائد قوات التحرى والرقابة بنحو 350 كيلوجراماً من المتفجرات.. وطبيب: حالات المصابين مستقرة والعديد منهم تجاوز مرحلة الخطر بسبب الإصابات بشظايا متفرقة فى الجسم.. و«ميلاد»: نشكر الشعب المصرى على كل ما يقدمه لنا من دعم
وقال وعيناه تذرفان بالدموع على ما تذكره من مشاهد مؤثرة: «لن تغيب من ذاكرتى ما حييت مشهد الأب الذى يحتضن ابنه خلال الانفجار وتم استشهادهما معاً محروقين من شدة لهيب هذا الانفجار، حتى إن الجثث كانت تحتضن بعضها البعض، فالإرهاب الأسود اللعين لا يهدف إلا للتدمير والخراب، وأقول إننا سوف نتعافى بإذن الله ونخرج لنحاربهم مجدداً»، ووجه رسالة إلى أهل ليبيا قائلاً: «يجب أن يكون لكل منا دور إيجابى وأن يتم الإبلاغ دون خوف أو تردد، فمن تأمنه اليوم أنه لن يمسك وأنه يستهدف الجيش والشرطة، فغداً أنت ستكون الضحية، وعلينا أن نقف جميعاً ونصطف تحت قيادة حفتر حتى نسترد ليبيا مجدداً».
وقال عطية رمضان جمعة، أحد المصابين بالانفجار الثانى «شاهدنا ألسنة اللهب تخرج من أسفل السيارات، حتى إن منها ما ارتفع فى الجو من شدة الانفجار، وأحدث إصابات كثيرة فى المرة الثانية، حتى إن المستشفيات الليبية لم تتمكن من توفير العلاج لكل هذا الكم من الضحايا والمصابين، وكنا نذهب إلى المستشفى يومياً وفى آخر اليوم نعود إلى بيوتنا لعدم توافر أماكن وأسرة بالمستشفى، ونشكر باسمى وباسم كل مصاب هنا الرئيس عبدالفتاح السيسى على دعمه ووقوفه بجوار الشعب الليبى دوماً، وأن هذا الرابط بيننا سيظل موصولاً أبد الدهر، لا ولن ينقطع»، وأوضح عطية أن تلك العناصر التى شاركت فى هذا الحادث قامت عناصر القبض الداخلى بالقبض عليهم بعد يومين من وقوعه.
أما عمر ميلاد مفتاح الذى أصيب بشظايا متفرقة وكدمات ونزيف بالعين، فقال إننا نتمنى أن تتعافى ليبيا ونشكر الشعب المصرى على وقوفه بجانبنا، مؤكداً أن المصريين وعدداً من الوفود المصرية جاءت عقب وصولنا لزيارتنا، فضلاً عن أن المتحدث الرسمى باسم الجيش الليبى كان فى استقبالنا فى اليوم الأول لوصولنا إلى المستشفى، وأكد أن مصر من أيام أجدادنا عندما حاربوا «الإيطاليين» وهى فاعلة خير لليبيا ونحن لن ننسى الكرم المصرى والاهتمام الذى شاهدناه منذ اليوم الأول لوصولنا وتقديم كافة العناية والرعاية لنا ربما أكثر مما كان يحدث معنا فى بلدنا ليبيا، وقال محمد حميد صالح، وعمره 28سنة، فى حديثه إلى «الوطن»: أسكن بالقرب من المسجد وعندما وقع الانفجار الأول هرولت سريعاً من أجل إنقاذ الضحايا والمصابين وتقديم الدعم لهم، إلا أننا خلال محاولتنا الإسراع ورفع المصابين إلى سيارات الإسعاف فوجئنا بالانفجار الثانى، وأوضح أن سيارة المطافئ التى كنت تقف بالقرب من السيارة التى حدث بها الانفجار كانت عازلاً نسبياً لهذا الانفجار، فلولا وقوفها فى هذا المكان لكان الانفجار حصد عدداً أكبر من الأرواح وليس فقط شظايا وجروحاً وكسوراً، وأكد أنها المرة الأولى التى تستخدم فيها العناصر الإرهابية نظام العمليات المتتابعة، حيث اعتدنا أو كنا نسمع عن حدوث انفجار، إلا أنها المرة الأولى التى تقوم فيها تلك العناصر بعمليات متتابعة على مسافة زمنية متقاربة فى نفس المكان، ما يعنى أن تلك العناصر الإرهابية تغير من آلياتها وخططها الإرهابية تجاه الشعب الليبى ولتنفيذ مخططاتها السامة ببلدنا ليبيا.