عادات الصعايدة تمنع علاج المرضى النفسيين.. وأبشع الجرائم أبطالها «مختلون»
قاتل أسرته فى قنا مريض نفسى
يخشى غالبية أهل الصعيد، حسب عاداتهم، من عرض أبنائهم خاصة البنات والسيدات من المرضى النفسيين على الأطباء المختصين، حتى مع تدهور الحالة الصحية لهم، وهو ما ينتهى فى بعض الأحيان إلى وقوع جرائم يتورط فيها المرضى النفسيون، مثلما وقع فى حادثتى قرية فاو بحرى وقبلى فى دشنا التى راح ضحيتها 13، وكان عنوانها أن «الجانى يحمل شهادة نفسية».
فى يناير 2017 شهدت قرية فاو قبلى بدشنا شمال قنا حادثاً مأساوياً هز أرجاء المحافظة راحت ضحيته أسرة كاملة متأثرين بوابل من الرصاص أطلق من بندقية رب الأسرة الذى كان يعانى من اضطرابات نفسية، هرول الأهالى على أصوات طلقات النار نحو منزل الضحايا، وعندما وصلوا لغرفة المعيشة بالطابق الثانى، وجدوا الجانى رب الأسرة «محمد. ص» ممسكاً بيده بقايا سيجارة وباليد الأخرى بندقيته، وبجواره أبناؤه «قدرى وصبرى ولطفى وأمل وملك» وزوجته «دعاء. خ»، وشقيقته «نهى. ص»، غارقون فى دمائهم متأثرون بعشرات الطلقات النارية التى تلقوها.
«سلامة»: إجبار البنات على الزواج من أقاربهن وراء أغلب حالات الانتحار.. والقضية تُقيد «حالة نفسية»
وجاءت الشرطة وألقت القبض على الجانى وهو فى حالة هيستيرية من الضحك والبكاء، وأمرت النيابة العامة فى دشنا بإيداع المتهم مستشفى الصحة النفسية بالقاهرة لمدة 45 يوماً، وعمل تقرير بحالته لمعرفة معاناته بمرض نفسى من عدمه وحتى اليوم لم يخرج الجانى من المستشفى.
وفى ذات المنطقة، لكن بقرية فاو بحرى بمركز دشنا وبعد 6 شهور من الجريمة الأولى، وفى يوليو الماضى، وقع حادث راح ضحيته 6 من أسرة واحدة، بمن فيهم الجانى بسبب الحالة النفسية التى انتابته، وفوجئ الموجودون فى تخصيصة مزارعى القصب، أحد كبار المزارعين يدعى «محمد. ح»، حاملاً بندقيته، مردداً كلمة «قتلتهم» أعقبها إطلاق النار على نفسه ليلقى مصرعه فى الحال، ويدخل الأهالى المنزل ليجدوا نجله الوحيد وحفيدين وزوجته وزوجة ابنه غارقين فى دمائهم.
الحقيقة الوحيدة التى تتردد بين الأهالى وبين رجال الأمن، أن الجانى يعانى من مرض نفسى منذ فترة طويلة ويحصل على جلسات علاج لدى أحد الأطباء فى القاهرة، ولم تمض على آخر جلسة علاج له سوى أيام قليلة، عاد من القاهرة إلى منزله الكائن بقرية فاو بحرى التابعة لمركز دشنا، وكانت الأمور تسير بشكل طبيعى، لكنه لم يكن يحتك فيها بأحد من الأهالى أو الجيران.
وفى نوفمبر الماضى، كشفت الشرطة أن قاتل مدير فرع بنك أبوظبى فى نجع حمادى، زوجته التى ثبت أنها تعانى من مرض نفسى بإشعال النيران فى الشقة.
ويقول ممدوح سلامة، أحد ناشطى المجتمع المدنى بالمحافظة، إن الصعيد ينتشر به مئات المواطنين الذين يعانون من اضطرابات وأمراض نفسية، بسبب مواقف مروا بها فى حياتهم وإهمالهم علاج أنفسهم، وفى النهاية تكون جرائم مفجعة ومؤلمة للمجتمع بأكمله، وتابع قائلاً: «العادات والتقاليد وصرامتها لدى القبائل تحول دون عرض المرضى على أطباء نفسيين، خاصة الفتيات المضطربات نفسياً، لأن غالباً ما يكون السبب هو إجبار أهلهن لهن على الزواج من أقاربهن بحكم القبيلة والعصبية، شهدت المحافظة أكثر من 7 حالات شنق فى دشنا ومراكز أخرى بسبب الحالة النفسية التى وصلت لها فتيات بسبب ضغوط الأهل عليهن فى الزواج، وفى النهاية تقيد القضية على أن سبب الانتحار مرض نفسى».
حمادة محمد، موظف فى «الصحة»، قال إن قنا لا يوجد بها مستشفى نفسى، والأهالى يتجهون للقاهرة لعلاج أبنائهم من الأمراض النفسية، وبسبب المصاريف يتركون مرضاهم فريسة للمرض النفسى، ويصبحون قنابل موقوتة فى أى لحظة يصبح لهم ضحايا.