«إسكافى» يوميته 20 جنيهاً «أى شغل يأكل العيال»
محمد على
بملامح يكسوها الشيب، يجلس محمد على، على مخدة صغيرة، أمام صيدلية الإسعاف، وأمامه صندوق خشبى، مقسم إلى رفين، أولهما يحوى بداخله ثلاث علب ورنيش مصنوعة من الصفيح، والآخر به فرشتان وقطعة من القماش، يستخدمها «على» فى تلميع الأحذية.
يقول الستينى بنبرة غاضبة: «بقالى 20 سنة بمسح جزم، وقاعد ألف فى الشوارع بالصندوق بتاعى، عشان أجيب لقمة عيش، أروّح بيها لعيالى»، وأشار «على» إلى عمله الأول «مبيض محارة» ولكن حينما أصيب بمرض فى مفاصله، طرده صاحب العمل، لعدم قدرته على التحرك أثناء العمل: «كنت باشتغل صنايعى، لكن لما تعبت اضطريت إنى أشوف أى شغلانة عشان أعرف أعيش منها».
«على»: «إحنا أرزقية مش صنايعية»
وعما يحصده «على» من مال فى آخر يومه، يقول: «لما يكون الحال واقف، بلم فى اليوم 20 جنيه، ولو الدنيا ماشية بلم بالكتير قوى 50، ومش مكفيين بيتى وعيالى التلاتة»، وأنهى حديثه قائلاً: «احنا مش صنايعية.. احنا أرزقية على باب الله.. ربنا وحده اللى عالم بينا».
لم يختلف المشهد كثيراً عند سامى كامل، الذى يجلس أيضاً أمام صيدلية الإسعاف، والبالغ من العمر 70 عاماً، وأحد سكان منطقة شبرا مصر، الذى عمل إسكافياً منذ 25 عاماً مضت، تردد خلال هذه المدة على ميادين وأماكن كثيرة، فيقول: «عندى 6 عيال، أصغرهم فى ثانوية عامة السنة دى، ومحتاج كل يوم دروس، ويوميتى ما بتحصلش الـ50 جنيه، ومش عارف أجيب منين، باضطر منزلش ابنى دروسه عشان مش معايا حقها»، وأضاف بملامح يكسوها الحزن، أنه يرى أن حقوقه ضائعة فى الدولة، وأن مهنتهم يقال عنها صنعة، ولكنها غير ذلك، فهى مهنة على باب الله، وذلك على حد تعبيره: «يعنى اسمنا صنايعية ولينا مهنة دايمة، وفى الحقيقة احنا عايشين على باب الله، ومش لينا يومية نقدر نعيش بيها، ويا ريت حتى البلدية سايبانا ناكل عيش، كل يوم ييجوا ويقومونا».
«دقيقة واحدة» يستغرقها الإسكافى، منصور محمد، 73 عاماً، فى تلميع أحذية الزبائن الوافدين إليه، يبدأ خلالها بتلميع الحذاء بـ«الورنيش»، ثم مسحه بفرشاة وقطعة من القماش، هذه هى الأدوات التى يمتلكها «منصور»، الساكن بمنطقة بولاق الدكرور، ويخرج بها صباح كل يوم من منزله، ويتجه بها إلى المكان الذى استقر فيه، بجوار محطة مترو الدقى، باحثاً عن رزقه: «عندى 5 عيال، وفيه منهم فى مدارس، يعنى محتاج أجيب ليهم مصاريف، إضافة إلى مصاريف البيت والأكل والشرب»، وتابع أن يوميته لا تزيد على 30 جنيهاً يومياً، التى لا تكفى حاجاته ومتطلبات معيشته: «ربنا يرحمنا برحمته.. ويخرجنا منها على خير».