الحاج إبراهيم الكنفانى: مقادير الكنافة اليدوى.. دقيق ومياه ورشة بوتاس
«ندر عليا يا ناس لأعزمكم عندى وأعمل صينية كنافة وآكلها أنا لوحدى»، رمضان فى مصر لا يكتمل إلا بالكنافة والقطايف فمن لم يذهب قبل مدفع الإفطار أو بعد صلاة التراويح ليشترى «صينية كنافة ياكلها لوحده»، ذكرياتنا جميعا تتشابه فى رمضان، لكن ذكريات الحاج إبراهيم ليست كذلك، فخمسة وخمسون عاما يتذكر فيها وقوفه حول «بلاطة» الكنافة اليدوى، قبل أن يتحول إلى ماكينة الكنافة الآلى مرددا: «كل وقت وله أدان».. الحاج إبراهيم سلامة لا يشعر بتلك السنوات التى مرت من بين يديه إلا عندما يأتى رمضان من كل عام ويقف أبناؤه وبناته حوله فيتذكر بهم وقفته بجوار أبيه ليلة رؤية هلال الشهر الكريم «ياااه زمن».
قطار الخمسة والخمسين عاما يمر أمام عينيه فى لحظات فيتذكر خروجه من التعليم كى يقف بجوار والده، ثم أول محل اشتروه ليتحول معه إلى أكبر حلوانى فى «ترعة الزمر» ثم زواجه من ابنة عمه «برضو عمى حلوانى دى صنعة العيلة كلها» وإنجابه لأبنائه الخمسة: «ربنا كرمنى بخمس عيال 3 رجاله وبنتين».
زحام شديد وطابور يقف أمام باب المحل الذى كتبت عليه يافطة بالنيون «محلات اللوتس للحلويات الشرقية والغربية»، الجميع يود أن يشترى من عم إبراهيم كيلو كنافة أو قطايف «بكام الكيلو يا حاج؟».. «لسه ما حطيناش سعر يا بنتى»، ينتظر فى ليلة رمضان أن تنتهى كل المحلات المجاورة له من تسعير بضاعتها ثم يضع هو سعره: «لازم أكون أغلى منهم.. فرق الاسم».
محل «اللوتس» ليس هو الوحيد الذى يمتلكه الحاج إبراهيم فتلك السنوات الطوال فى الصنعة جعلته صاحب سلسلة محلات فى بولاق الدكرور وفيصل: «الصنعة ما عدتش زى زمان، ناس كتير ما عندهاش ضمير».
«ما بتعملش ليه كنافة يدوى يا عم إبراهيم؟» تسأله سيدة تجاوزت الستين من العمر فيضحك: «لا يا حاجة الناس بطنها اتهرت من البوتاس».. بوتاس؟ تستغرب طويلا ولكنه يجيب: «أصل قلة الضمير وحشة فيه ناس بتحط بوتاس فى العجينة عشان تنشى أكتر وما تلزقش ع الصاج.. الله يحرقهم».
ليس هذا هو السبب الوحيد لجعله يحتفظ بصاج الكنافة اليدوى طيلة سنوات بمخزنه مكتفيا بـ«ماكينة الآلى»: «إحنا كبرنا والشباب دلوقتى مش حمل نار اليدوى وصنايعية اليدوى غاليين ع الفاضى».
«الماكينة الآلى ما بتشوفش الشارع غير فى رمضان» فسوى ذلك هى حبيسة جدران المصنع الذى تعد فيه العجائن للحلويات، عند نزولها مرة كل عام يفرح بها أطفال ذلك الحى الشعبى ويقفون حول الحاج ابرهيم وهو يقوم بسنفرتها وتجهيزها بنفسه «بافتكر أيام الشباب لما كنت مع أبويا برضو ساعتها كان هو اللى بيسنفر الماكينة قبل رمضان.. ياااه كانت أيام».