فى الحادى والثلاثين من مارس 2017م، صدر القانون رقم (8) لسنة 2017م بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 37 لسنة 1958 بإنشاء جوائز الدولة للإنتاج الفكرى ولتشجيع العلوم والعلوم الاجتماعية والفنون والآداب. وحسناً فعل القانون الجديد بتعديل المادة الأولى من القانون رقم 37 لسنة 1958، بحيث أصبحت تنص على أن «تنشأ جائزة قيمتها خمسمائة ألف جنيه وميدالية ذهبية باسم جائزة النيل للمبدعين المصريين فى كل من مجالات الآداب، والفنون، والعلوم الاجتماعية، والعلوم، والعلوم التكنولوجية المتقدمة. وتمنح الجائزة المشار إليها أيضاً سنوياً لأحد المبدعين العرب فى أى من مجالات الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية. وتتولى الترشيح لهذه الجائزة الجهات والهيئات المنصوص عليها فى هذا القانون وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة لجائزة الدولة التقديرية». والمستفاد من هذا النص أن المشرع المصرى استحدث جائزة سنوية لأحد المبدعين العرب فى أى من مجالات الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية.
والواقع أن العديد من الدول العربية قد فطنت إلى أهمية تشجيع المثقفين العرب، منظوراً إلى ذلك باعتباره إحدى أدوات تعزيز القوة الناعمة لها. بل إن بعض الدول الخليجية قد عمدت إلى إنشاء بعض الجوائز العالمية التى تهدف إلى رعاية المبدعين والمبتكرين فى العديد من المجالات. فعلى سبيل المثال، تحدد المادة الخامسة من القانون رقم (2) لسنة 2017 بشأن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة أهداف المؤسسة بنصها على أن «تهدف المؤسسة إلى الارتقاء بمستوى البحث العلمى، والمساهمة فى دعم وتنشيط أعمال التأليف والنشر والترجمة، وتنمية الثقافة وتشجيع المثقفين فى العالم العربى والإسلامى». وتحت عنوان «اختصاصات المؤسسة»، تنص المادة السادسة من القانون ذاته على أن «يكون للمؤسسة فى سبيل تحقيق أهدافها، المهام والصلاحيات الآتية: ... 8- رعاية الجوائز المحلية والعالمية فى مجالات الثقافة والأدب والمعرفة والعلوم. 9-... كذلك، ينبغى أن نشير إلى جائزة الشيخ زايد للكتاب، وهى جائزة عالمية تمنح للمؤلفات المكتوبة باللغة العربية، أياً كانت جنسية مؤلفها، باستثناء فرع الترجمة وفرع جائزة الثقافة العربية فى اللغات الأخرى، حيث يجوز منح الجائزة لمؤلفات مترجمة من اللغة العربية إلى غيرها أو مؤلفة فى اللغات الأخرى. ولا يفوتنا كذلك أن نشير إلى جائزة الملك فيصل العالمية، والتى أنشأتها مؤسسة الملك فيصل الخيرية سنة 1977م، وفاز بها عالمنا الراحل الكبير الدكتور أحمد زويل.
ونعتقد أن رعاية المثقفين العرب وتكريم المتميزين منهم يمكن أن يسهم فى استعادة القوة الناعمة المصرية وصونها وترسيخها. كذلك، نرى من الملائم استغلال الشهرة وفخامة الاسم لبعض المؤسسات الثقافية والأكاديمية المصرية، مثل «جامعة القاهرة» و«المجلس الأعلى للثقافة» و«مكتبة الإسكندرية»، بحيث تتم دعوة بعض الشخصيات الثقافية العربية لإلقاء محاضرات أو التعريف بهم أمام الجمهور المصرى. ولا نغالى إذا قلنا إن ذلك يشكل حلماً وأملاً للعديد من المثقفين العرب، لا سيما أن الدولة المصرية تتبع سياسة حسن الجوار والبعد عن التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، الأمر الذى يجعل المثقفين العرب فى مأمن من الحرج مع حكومات دولهم.. والله من وراء القصد.