حلم «جنوب بلا مشردين» يبدأ من دار «رعاية البنين» بالمنيا
أمل جديد لأطفال بلا مأوى فى الصعيد
دار رعاية البنين بالمنيا، هى أول مؤسسة لرعاية الأطفال بلا مأوى فى الصعيد، وتتسع لنحو 200 طفل، وتقدم خدماتها لمحافظات الوجه القبلى فى محاولة جادة لتوفير بيئة آمنة وكسب ثقة أطفال الشوارع، وذلك لتعديل سلوكهم وترغيبهم فى الإقبال على الحياة.
الطفل «حجازى عمر»، الذى انضم مؤخراً للدار، يقول: «كنت أقيم بأحد الأحياء الشعبية بجنوب مدينة المنيا، وهربت من منزل أسرتى بسبب سوء المعاملة، قبل نحو عامين، وكان عمرى وقتها 7 أعوام، واضطررت للمبيت فى الشوارع، تحت كوبرى محمد بدوى فى شارع الحبشى»، يحكى أن والده كان يقسو عليه وأساء معاملته كثيراً بعد وفاة أمه، ما دفعه للهرب، لكنه فى الشارع لم يجد ضالته، بل زاد الوضع سوءاً، يتابع: «تعرفت على مجموعة من الأطفال، وعددهم 5 منهم 4 من قرى تابعة للمحافظة، وسرحت معاهم لبيع المناديل علشان ألاقى فلوس أجيب منها أكل وشرب».
وأضاف: «كنت أجلس فى أحد الميادين أستعطف المارة، وكان معظمهم يقدمون لى الأطعمة المتنوعة أو النقود، وكان هناك من ينظر لى نظرة سيئة ويعتبروننى لصاً، وذات يوم كنت أسير فى ميدان حى مكة واستوقفنى مجموعة من الشباب كانوا يرتدون تى شيرتات خضراء، وجلسوا يضحكون معى، ويسألوننى عن عمرى وأسرتى ومكان النوم، ولماذا أقيم فى الشارع، وشعرت براحة وطمأنينة معهم، وأكدوا لى أنهم أصبحوا أصدقائى والتقطوا معى صوراً كثيرة، وفى اليوم التالى وجدتهم يبحثون عنى حتى عثروا علىّ بالقرب من ميدان الساعة، وأحضروا لى أطعمة وألعاباً كثيرة، وأقنعونى أن أذهب معهم لأقيم فى مكان نظيف وأتعلم القراءة والكتابة، ووافقت بعدما شعرت أنهم أحن علىّ من والدى وزوجته».
وقال الطفل معتز حسن إنه كان يسير فى الشارع بحى غرب المنيا، ولاحظ أطفالاً من عمره يلعبون داخل حديقة دار لرعاية الأطفال، وتعرف على أحدهم ويدعى «محمد» كان يرافقه أثناء بيع المناديل والتجول فى الشوارع، ثم خرج أحد المشرفين، وصافحه، فطلب من المشرف أن يدخل الحديقة للعب مع باقى الأطفال فوافق المشرف، ومن وقتها وجد أسرته الجديدة ولم يعد إلى الشارع.
وأوضح الطفل «معتز» أنه كان يقيم فى حى كدوان وأنه هرب من منزل أسرته الفقيرة حينما نصحه والده بالعمل من أجل مساعدته، وكان يرفض العودة للمنزل كثيراً، وحينما أصبح يقيم فى دار رعاية البنين كان المشرفون يطلبون من زملائه المدخنين أن يتوقفوا عن ذلك، ومع الوقت أقلع جميع الأطفال عن ممارسة تلك العادة السيئة، يضيف: «دى أول عادة سيئة توقفت عنها، ومابقتش أمسك أى سيجارة فى إيدى».
بين أطفال الدار، أحد الأطفال السوريين، هو «عاطف»، الاسم الذى اختاره لنفسه، بعد أن التحق بالدار بعدما التقى بمجموعة من الشباب، وجلسوا معه فى أحد شوارع مدينة المنيا، وعندما عرفوا منه أنه ليس له مأوى اصطحبوه إلى دار رعاية البنين وعاملوه معاملة جيدة، وأضاف: «لما دخلت الدار شعرت أنى أعيش وسط أهلى وأسرتى فى مدينة حلب السورية اللى بيعانى أطفالها من الحروب والمعارك والقصف والدمار والخراب، سعيد أنه أصبح لى موطن ومكان أنام به فى بلدى الثانى مصر»، لافتاً إلى أنه جاء إلى مصر بعد اندلاع الثورة فى سوريا قبل نحو 8 سنوات، وأنه يشعر حالياً أن جميع المصريين أهله وأصدقاؤه مثل السوريين، حتى إنه أصبح يطلق على نفسه عاطف الصعيدى وليس السورى.
وقال تامر مرسال، مسعف بالمبادرة، إن المبادرة تأتى فى إطار إحساس الدولة بخطر الشارع على الأطفال، ولتوفير بيئة آمنة لكل طفل لكى يكون مواطناً صالحاً ويشعر بالانتماء لبلده، وأضاف «مرسال» أن عمل فرق الوحدات المتنقلة يبدأ بالرصد والملاحظة لأماكن وجود الأطفال بالشارع.