الدكتور الراحل أحمد خالد توفيق
كانت أول حالة يقابلها، بعد تكليفه في "مستوصف" ريفي، كانت طفلة في السادسة، وكما علموه في طب الأطفال، جعل الطفلة ترقد، ثم قام بقياس طولها بالمتر القماشي الذي يحمله، وكانت النتيجة أن الأم وقفت علي باب الوحدة وراحت "تولول": "بيقيسوا بنتي بالمازورة !"، عرف حينها أنها فسرت ذلك بأنه يحسدها.
في مجلة الشباب، عام 2012، نشر للدكتور أحمد خالد توفيق، مقالة بعنوان "الطريف في طب الريف"، قبل أن يجمعها في كتاب يحمل العنوان نفسه، يروي بها طرائف فترة التكليف، ولم تكن المرة الأولى الذي يكون الطب حاضر في دوره في كتاباته، فأول شخصية له هو العجوز رفعت إسماعيل كان طبيبًا لأمراض الدم، كما كان "أحمد عبد العظيم"، بطل سلسلة سافاري، يعمل طبيبًا في الكاميرون حيث يسيطر طب المناطق الحارة والعديد من الأمراض، وركز في السلسلة على الكثير من الأمراض وأسبابها وتاريخها، وهو مجال تخصصه.
وفي آخر أعماله، "شربة الحاج داود"، رحلة ممتعة، يتناول فيها العلم وشبه العلم ونصف العلم و اللاعلم، فـ"شَربة الحاج داود اللي بتطرُد الدود"، العلاج السحري، الذي يداوي كل شيء تقريبًا، من الديدان حتى الأورام الخبيثة والعقم والصداع.
عام 1986، كان طبيب الوحدة الصحية في إحدي قرى محافظة الغربية، وفي محاولة لكسر الحاجز اللغوي السميك، كان هناك "علم المصطلحات الطبية الريفي - Medical terminology"، وكتب بعضها:
استتقال: إسهال وتعنية
تمشية: إسهال
زغولة: ارتباك معوي
مباوعة: قيء
النت (بفتح النون): حركة الصدر العنيفة لدى الزفير
الإنذار: المنظار
البجم (بكسر الباء وتسكين الجيم): البنج
وعرف خالد توفيق، مجموعة من العلوم الطبية "الريفية"، وهي "علم الأعراض الإكلينيكية الريفيsymptomatolog"، ووصفه بأنه "عامة كل طفح في الجلد هو حرارة، حتى لو كان سرطان جلد"، و"كل ألم روماتزمي هو نشر"، أما "علم البحوث الطبية الريفي Medical investigations"، أهم شيء به هو "التكرير (التحليل)"، وفي "علم الفارماكولوجي الريفي - pharmacology"، تنقسم العقاقير إلي نوعين: الأول الدواء، وهو كل ما يوضع في زجاحة ويشرب، أما العلاج (بتعطيش الجيم): هو كل ما عدا ذلك.
كتب الطبيب أحمد خالد توفيق، أيضًا عن "الألغاز الطبية"، ضمن مجموعة مقالات ساخرة كوميدية نشرها في كتاب "فقاقيع"، وروى مشكلة حيرته في كلية الطب هي "برد المعدة"، هناك ذلك الرجل الذي يشعر بتوعك وغثيان فيقول له الطبيب إنه مصاب ببرد في المعدة.
قال خالد توفيق، في مقاله، "درست الجهاز الهضمي والحميات فلم اقرأ قط تعبير "برد في المعدة " هذا، ولماذا يفضل البرد المعدة على أعضاء أخرى؟، هذه ألغاز كونية لا إجابة عنها وبالطبع كان رد أي طبيب سألته هو: هأهأ .. أنت تمزح طبعاً ..".
وتابع توفيق، "هكذا خرست تماماً، وهأنذا اقترب من نهاية حياتي دون أن أعرف معنى برد في المعدة هذا، من الواضح أنني فشلت، أقولها حزينًا كاسف البال، كل هذا محتمل، لكن ما معنى "كسل في الكبد"؟، هناك تليف كبد، فشل كبدي حاد ومزمن، التهاب كبدي، دهون كبدية إلخ، لكن ما معنى "كبد كسول"؟ هل تتحسن حالته ببعض التدليك أو التدفئة؟، هل يفيده شرب المنبهات كالشاي والقهوة؟، بالطبع لا أعرف، دكتوراه في أمراض الكبد ولم أعرف بعد .. والأدهى أن كل الناس يعرفون ما عداي.
تعليقات الفيسبوك