«النبى دانيال»: مكتبات ومبانٍ تشهد على التاريخ.. و27 مليون جنيه لتطويره
شارع «النبى دانيال» يشتهر بوجود المكتبات وبيع الكتب
«أقف داخل مكتبة جدى من وأنا عندى 5 سنين، ده الورث للى بتحسد عليه من كل الناس حواليا، مكتبة قديمة فى قلب شارع النبى دانيال»، هكذا تحدّث حسين أحمد حسين، الحفيد، وهو يقف داخل مكتبة جده الحاج حسين، فى قلب شارع النبى دانيال بالإسكندرية، مفتخراً بالمكتبة التى ورثها ويعمل بها فى الشارع العريق.
عندما تدق الساعة الرابعة عصراً يبدأ تسليم مهام مكتبة الحاج حسين أقدم مكتبة فى شارع النبى دانيال إلى الحفيد، يتسلم العمل بدلاً من جده الحاج حسين صاحب الـ80 سنة، الذى يفتتحها فى الساعة الثامنة صباحاً، ويبلغ عمر المكتبة 62 سنة.
حكاية الجد والحفيد إحدى حكايات مكتبات شارع النبى دانيال، والتى تضم عبق التاريخ والحضارة والكتب ذات القيمة العلمية، فالحاج حسين يتمتع بسمعة طيبة وشهرة فى الشارع، فالأجانب والمصريون يأتون إليه لشراء الكتب القديمة بالإنجليزية والفرنسية. يقول الحاج حسين، الجد الذى جاء إلى الشارع عام 1956: «النبى دانيال ده زى قناة السويس، العالم العربى كله بيجى على الشارع من كل الأصناف والجنسيات، الجزائريين والفرنسين والأجانب والمصريين، توفيق الحكيم اشترى كتب من النبى دانيال سنة 60 من مكتبتى، وغيره من الكتاب والسياح».
الحاج حسين صاحب أول مكتبة: «توفيق الحكيم اشترى كتبه من عندنا.. وسياح من كل الجنسيات مروا من هنا»
ويضيف أن «النبى دانيال زمان كان ليه طعم بسبب هدوء وسكون الشارع، وكان بيستقبل الأجانب يومياً وبشكل دائم زيارات المركز الفرنسى»، مؤكداً أن كافة الجنسيات مرت عليه والأكثر هم الجزائريون والليبيون واليمنيون. ويوضح أن الأعداد زادت وما زال الكثير منهم يحرص على شراء الكتب، مشيراً إلى أن الآن الجميع عرف قيمة الكتب وعظمتها، فزمان كانوا يجرون وراء بائعى الكتب أسوة بالبائعة الجائلين ولكن الآن عرفوا قيمتها.
ويتابع قائلاً: «النبى دانيال يعنى الكتب، الأول كنا بنبيع الكتاب بـ5 قروش وأقل، أما الآن الكتب أسعارها غليت وفيه أسعار على قد الإيد وأسعار غالية وفقاً للكتاب، أنا تربيت فى الشارع ده بيجرى فى دمى، بس بتزعجنى التعديات والسيارات المخالفة».
أما حسين الحفيد، صاحب الـ24 سنة، خريج كلية الآداب، فيقول: «أنا باجى هنا من وانا عمرى 5 سنين، جدى كان بياخدنى معاه هو ووالدى، وقتها كنت قصير ومش بطول رف الكتب، وبدأت أفهم فى البيع وانا فى الإعدادى، أول معرض كتاب حضرته كنت فى 3 إعدادى، كان معرض القاهرة، ودلوقتى بروح معارض فى بورسعيد والأقصر وكل المحافظات».
ويضيف الحفيد: «ماشتغلتش بمجالى لأن ده ورثى اللى بتحسد عليه من كل اللى حواليا، زى ما جدى بدأ وهو عنده 12 سنة أنا بدأت وأنا طفل وبكمّل مسيرته لأنه مثل أعلى ليا وللعيلة كلها».
ويشير إلى أن جده قضى عمره فى مجال يستحق وله تاريخه، مؤكداً أنه سيسير على نفس الدرب، ولكن الفرق هو مواكبة العصر والتطورات الجديدة، منوهاً بإنشاء صفحة للمكتبة عبر مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» يوجد بها حتى الآن 35 ألف مشترك. وأكد أن وجوده فى المكتبة من صغره أضاف له الكثير، بالإضافة إلى معرفة كثير جداً عن الكتب سواء من قراءتها أو من يقوم بشرائها.
ويُعد شارع النبى دانيال من أهم وأقدم شوارع الإسكندرية، يحمل تراث وتاريخ المدينة، حيث يوجد العديد من المبانى الهامة، فيوجد مسجد النبى دانيال، ومعبد اليهود وعلى الجانب الآخر من الشارع توجد الكنيسة المرقسية أقدم كنيسة فى مصر ويضم المحال التجارية وبائعى الكتب القديمة والتاريخية، إلا أن يد الإهمال طالته بسبب التعديات على الطابع الأثرى.
وبدأ مجلس الإسكندرية للتراث الحضارى فى إعداد دراسة لمشروع تطوير وتنمية والحفاظ على المبانى التراثية بشارع النبى دانيال بتكلفة تقدر بما يقرب من ٢٧ مليون جنيه. ويبلغ طول الشارع ما يقرب من ٨٧٠ متراً، ويصل بين طريق الحرية ومحطة مصر وقريب من ميدان الشهداء والجندى المجهول، وهو من الشوارع التى بها خليط دينى متميز، بالإضافة إلى قيمته الثقافية نظراً لوجود محلات بيع الكتب به، كما أن ٧٠٪ من المبانى التى به من المبانى التراثية ذات الطراز الكلاسيكى.