«كبير القفاصين» فى رشيد: المهنة تنقرض.. و«الجريد» غالٍ فى «بلد المليون نخلة»
«خاطر» بصنع الأقفاص من جريد النخل
داخل محال صغيرة تنتشر بالشوارع الضيقة بمدينة رشيد، فى محافظة البحيرة، يجلس كل منهم أمامه مجموعة من «جريد» النخيل، وبمهارة تعتمد على اليد بنسبة 100%، يصنعون أقفاص الجريد، متحدّين مخاطر انقراض المهنة التى تواجه منافسة ضارية من جانب الصناعات الحديثة، وعلى رأسها الأقفاص البلاستيكية والكراتين، مواجهين كل التحديات سواء فى غلاء المواد الخام، أو اختفاء الأيدى العاملة بسبب ضعف اليوميات، فى محاولة لتوفير قوت يومهم بالتمسك بمهنة آبائهم وأجدادهم.
«الوطن» التقت محمود خاطر، 53 سنة، أحد قدامى الحرفيين فى صناعة الأقفاص بمدينة رشيد، أو كما يطلقون عليه «كبير القفاصين» هناك، والذى قال: «لم تعد صناعة الأقفاص مثلما كانت فى العهد الماضى، حيث باتت هذه الصناعة مهددة بالانقراض بسبب غلاء الخامات، وعزوف الكثيرين عن تداولها بسبب تدخل الصناعات الحديثة ومنافستها لنا، وقد ورثت هذه المهنة من جدى وأبى اللذين كانا ينفقان على أولادهما من دخل هذه الصناعة، أما الآن فنحن نواجه الغلاء فى المواد الخام، وهو ما يحرمنا من توفير مكسب مناسب لنا وللعاملين معنا، ولم يشفع لنا بلد المليون نخلة (رشيد)، كما يطلقون عليها، فى توفير المواد الخام لصناعة الأقفاص، فلم يعد الجريد متوافراً مثلما كان، بل أصبح شراؤه أمراً صعباً، فى ظل سعى العديد من مصانع الحلى الخشبى لشرائه».
«خاطر»: «الكرتونة والبرنيكة» منافسنا الأول واستخداماتها امتدت لجميع الزراعات
وأضاف «خاطر»: «الكرتونة، والقفص البلاستيك (البرنيكة)، والصندوق الخشب، هى المنافس الأول لنا، وعلى الرغم من ارتفاع أسعارها عن الأقفاص الجريد، فإن استخداماتها تشعبت إلى جميع الزراعات، وباتت منافساً قوياً لصناعة الأقفاص الجريد، خاصة أن هذه الصناعة تحتاج إلى وقت وصبر، فى الوقت الذى يتم فيه إنتاج آلاف الكراتين والأقفاص البلاستيك فى يوم واحد، ونحن لا نستطيع التطوير فى هذه المهنة، نظراً لعدم تمكن أى أجهزة من التعامل مع الجريد، لما له من مواصفات طبيعية متعرجة، ولا بد من استخدام الأدوات التقليدية، وكل ما نعتمد عليه هو السكين، ويستخدم فى تنظيف الجريد من سعف النخيل، وكذلك الخرامة، والمسندة والبلطة للتكسير والتقشير.
أمام كل هذه المشاكل التى يواجهها أبناء المهنة، طالب «خاطر» بإنشاء نقابة للصناعات الحرفية القديمة، والعمل على تذليل الصعاب التى تواجههم أثناء عملهم، وتوفير معاش لهم ولأبنائهم فى حالة مرضهم أو وفاتهم، لافتاً إلى أن هذه الصناعة توفر مصدر رزق للكثير من الحرفيين برشيد وإدكو والمدن المجاورة، إلا أنهم يحتاجون إلى دعم لضمان استمرارهم فى هذه المهنة.