محمد زكى يكتب: دواوين الأفعال
محمد زكى
أنا أعلم جيداً أن الشرقية بها الكثير من المقومات التى تساعد على النهوض والتقدم حتى تصل إلى مكانتها المعروفة، فالمحافظة لا تحتاج إلى دواوين حكومية مليئة بالخطابات الورقية، إنما تحتاج إلى دواوين مليئة بالأفعال.
اللواء خالد سعيد، محافظ الشرقية، أخاطب سيادتكم من باب المسئولية تجاه المواطن الشرقاوى البسيط الذى لا حول له ولا قوة، قد تعتبر ذلك مجرد رأى يعبر به مواطن عما بداخله ولكن فى الحقيقة هو حزن أراه يكبر كلما رأيت الإهمال يضرب بجذوره فى أرجاء محافظة الشرقية، اسمح لى يا سيادة المحافظ أن تتقبل حديثى فأنا لا أملك غير القلم الذى أكتب به رسالتى إلى سيادتكم، فى ظل هذه الأوضاع المتدنية.
ففى يوم من الأيام كانت الشرقية واحدة من أجمل المحافظات، ولكن بسبب المسئولين العظماء تراجعت تلك الأيام، وتحولت إلى عشوائيات وقمامة وتلوث وزحام خانق ومستوى متدن فى الخدمات والمرافق يدل على أن المحافظة تعيش بلا محافظ، توقعت منذ قدومك فى شهر ديسمبر 2015 أن تكون لك بصمة على صدر محافظة الشرقية، خاصة أنك أحد أبنائها وتعلم علم اليقين أغلب الأزمات التى تئن منها المحافظة، ولكن ذهبت تلك التوقعات أدراج الرياح، بعد أن صم المحافظ آذانه عن مشكلات المحافظة وشكاوى المواطنين وأثبت فشله فى إدارة شئون المحافظة خلال الفترة الطويلة الماضية، الأمر الذى أدى إلى تراجع حال المحافظة من السيئ إلى الأسوأ.
حين تمر بشوارع الزقازيق المتهالكة المليئة بالحفر والمطبات لا ترى سوى مظاهر تعمى الأبصار من تلال قمامة متراكمة فى الميادين والشوارع الرئيسية والفرعية وأمام المستشفيات والمدارس ورائحة تزكم الأنوف، وحشرات ناقلة للأمراض وبكتيريا تلتهم خلايا المواطنين لتحل محلها خلايا سرطانية خبيثة، شوارع مليئة بالباعة الجائلين وعربات خشبية تمتد من شرق المدينة إلى غربها، وطاولات لبيع المأكولات، تسد الشوارع الرئيسية والفرعية، ويتنافس هذا الفريق مع سيارات الأجرة والتكاتك التى تتجمع كذباب القمامة فى كل مكان تسد الشوارع الرئيسية والفرعية، تستبيح كل شىء، لا ينصت سائقوها لأى صوت يحترم قواعد الأنظمة المرورية وفى غياب تام لرجال المرور، ورائحة العوادم تملأ الهواء لتتكامل مع تلك القمامة التى أصبحت كسوة لهذه المحافظة التى يستغيث أهلها من الذل.
وما يحدث فى قطاع مياه الشرب بالشرقية يقع تحت بند القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، ويعد عاملاً من عوامل التهاون والإهمال فى صحة المواطن الشرقاوى البسيط الذى يقوم بدفع كافة التزاماته حيال شركة المياه، ومع ذلك شركة المياه تقدم له الخدمة الأسوأ على الإطلاق، حيث تنشط فقط فى جمع الفواتير وتتكاسل فى تقديم الخدمات، فالمياه أصبح لونها مثل لون الشاى سوداء تنبعث منها رائحة المجارى، تشعرك بالفزع عند استعمالها، وبسببها احتل مرض الفشل الكلوى موقعاً متقدماً بين أهالى المحافظة، حيث يضطر الأهالى البسطاء لشربها فتصيب الكلى ولا يشعر بها المريض إلا بعد تفاقم المرض، ومع وصوله إلى مراحل متأخرة تموت مرشحات الكلية وتتوقف عن أداء وظيفتها، والنتيجة هى علاج بالغسيل الكلوى الذى يضاعف الأعباء على المريض والدولة معاً من الناحية الصحية والاقتصادية.
أما المستشفيات فى الشرقية فقد أصبح حالها أشبه بالسجون التى تكدست بالمرضى الضعفاء الذى كان كل ذنبهم أنهم لا يملكون دخول المستشفيات والعيادات الخاصة، وأطلق عليها الشراقوة مقولة الداخل مفقود والخارج منها مولود.
سيادة المحافظ كفى تقاعساً كفى مماطلة كفى عبثاً، اتركوا المناصب لمن يستطيع العمل والإنتاج والعطاء والتعامل مع الأزمات ووضع الخطط والحلول، فالمواطن المسكين هو من يتحمل عبث وإهمال المسئولين، فيكفيهم ما يعانون من ارتفاع أسعار وغلاء للمعيشة، سيادة المحافظ إن كل مواطن جائع وكل مريض سيطالبك أمام الله بحقه، اتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله إنكم ستسألون عنهم أمام الله.
* عضو حزب الوفد وجمعية من أجل مصر بالشرقية