ترتدى جلباباً فضفاضاً يخص والدها، تحاول أن تخفى من خلاله ملامح أنوثتها التى تهملها عن قصد، مجمعة شعرها تحت كاب، يحميها أشعة الشمس، تجتهد فى إقناع الجميع بالرجولة التى فُرضت عليها منذ الطفولة. عندما تدق الساعة الخامسة صباحاً، يبدأ يوم بوسى رشاد، التى تفضل أن يناديها العاملون معها بـ«رشاد»، متجهة برفقة والديها، اللذين يعانيان أمراضاً عدة، إلى مقلب القمامة بشارع البصراوى فى إمبابة، لاستخراج المواد المعدنية والبلاستيكية منها وبيعها لتجار الخردة.
«أنا معلمة خردة أباً عن جد، قررت ألبس عباية عشان شغلى كله رجالة وما ينفعش أتعامل معاهم وأنا لابسة بنطلون أو عباية محزّقة، كدا هياكلوا حقى ومش هيسيبونى فى حالى». تقول «بوسى» مؤكدة عدم اقتناع شقيقها الأكبر بمهنة جمع الخردة من القمامة وذهابه للعمل فى مكان آخر، لكنها أصرت على الاستمرار فى المهنة لمساندة والديها، رغم إصابتها بقرحة فى المعدة ناتجة عن استنشاق رائحة المخلفات وتحللها: «ساعات كتيرة ما بقدرش أستحمل الريحة وباحس إنى هقع من طولى، أكيد محدش بيبقى مبسوط إنه بيشتغل فى وسط الزبالة، لكن ما باليد حيلة».
لا ينتهى يوم «بوسى»، التى لم تقضِ فى التعليم سوى عام واحد فقط، بتجميع الخردة بل تقوم بتوزيعها على التجار خلال الوقت المتبقى من يومها على عربة كارو: «باتضايق جداً لما حد من التجار يعاملنى إنى بنت أو يستضعفنى، أنا اتعودت أكون (رشاد) فى الشغل، ما بلبسش هدوم البنات غير لما يبقى فيه مناسبة عائلية مهمة، وأكتر حاجة بتضايقنى إن حد يرمى شنطة الزبالة بتاعته على شغلى فى العربية، ويقول لى: (ما كلها زبالة)».
تعليقات الفيسبوك