أحمد البهنساوى يكتب: إحنا بنخطبك من الشروق
أحمد البهنساوى
إذا جاز لى أن أصف خلاصة تجربتى فى جريدة الوطن بعد 6 سنوات أمضيتها صحفياً بها فى كلمة واحدة، فلن أجد أفضل من كلمة «الإنسانية»، هذه الصفة التى كادت تندثر تحت ركام المصالح الشخصية، وأوشكت أن تغرق فى بحور الوصولية، وباتت تحتضر على فراش التملق.
داعبتنى أفكار عديدة واستدعت ذاكرتى مواقف كثيرة حينما شرعت فى كتابة مقال بمناسبة مرور 6 سنوات على إنشاء «الوطن» الجريدة، ووجدت رابطاً يجمع بينها جميعاً يتلخص فى «إنسانية» أغلب من عاصرتهم حتى كتابة هذه السطور، فبعيداً عن الجانب المهنى والعمل الصحفى الذى طالما يشهد تجاذبات واختلافات وصراعات نفسية أكثر من النواحى الإدارية، أجدنى ممتناً لأسرتى الصحفية التى أمضيت معها عمراً أكثر مما أمضيته بين أسرتى العائلية.
الجانب الإنسانى كان حاضراً منذ أن عرض على الانضمام لفريق العمل أثناء التأسيس، فى مارس 2012، وكنت حينها محرراً عسكرياً بجريدة «الشروق»، التى أدين لها بالكثير، إذ هاتفنى الأستاذ علاء الغطريفى، مدير تحرير «الوطن» السابق، وقال لى نصاً «إنت إيه حكايتك بالضبط، كل ما أسأل عن حط شاطر يقولوا لى اسمك»، وقال لى «الغطريفى»: «إنت هتشتغل مع معلمين»، وبالفعل أثبتت الأيام هذا الوصف.
فى هذا اللقاء بدأت رحلتى مع الوطن بجملة «إنسانية» قالها «الجلاد»: «إحنا بنخطبك من الشروق يا بهنساوى»، لم أنسَ هذه الكلمة حتى الآن رغم أن «الجلاد» لم يكن يعرفنى بصفة شخصية، وكان هذا أول لقاء يجمعنى به.
أما بداية معرفتى بالأستاذ محمود مسلم، رئيس التحرير، فكانت أثناء صدور الأعداد الصفرية للجريدة، إذ كان موجوداً باستمرار فى صالة التحرير بالمقر القديم فى شارع محيى الدين أبوالعز، وحريصاً على التعرف شخصياً بكل عضو جديد ينضم لأسرة «الوطن»، وبعد مرور عدة أيام قال لى نصاً، أثناء الحديث عن بعض الموضوعات الصحفية التى قدمتها: «يعجبنى فيك إنك بتتكلم بمعلومات وأنا بحب الصحفى اللى يقول معلومات مش آراء ولا تكهنات»، لم أنسَ هذه الجملة أيضاً التى اعتبرتها تأكيداً على ما ينبغى أن يكون عليه من يمتهن الصحافة.. مواقف إنسانية وشخصية كثيرة قدمها لى هذا الرجل منها موقف منذ فترة ليست ببعيدة، حيث نشرت الجريدة موضوعاً كان حديث الساعة حينها، ولم يعجبنى التناول، فقلت لرئيس التحرير «ازاى ننشر حاجة زى دى يا ريس أنا مش موافق إطلاقاً على اللى حصل»، بالطبع أى شخص غيره فى منصبه كان حتماً «هيحطنى فى دماغه، خصومات وقرارات إدارية تعسفية لتجرؤى للحديث بهذه الطريقة مع المسئول التحريرى الأول بالجريدة، وازاى أسمح لنفسى من الأساس أن أضع نفسى فى موقع المحاسب أو حتى المعاتب»، لكن لم يحدث شىء، رد علىّ بكل لطف ثم تركنى وذهب وكأن شيئاً لم يكن.
أما الأستاذ محمد البرغوثى فأعتبره وزملائى «فاكهة الجريدة»، مرح، هين، لين، بشوش، وفوق كل ذلك «إنسان».. وأخيراً أتمنى أن يظل «الوطن قوته فى ناسه».