مذ خرجت جريدة «الوطن» إلى النور التحقتُ بها كاتباً لمقال أسبوعى على مدى ست سنوات لم أنقطع إلا عدة شهور، وطوال هذا الفترة لم يتم منع مقال من مقالاتى أو تحريفه، مع أن بعض هذه المقالات وأعنى التى تناولت إدارة مشيخة الأزهر قد سببت إحراجاً للجريدة، وتظل «الوطن» نافذة يطل منها من ينتقد أداء حكومة السيسى، ومن اختار الدولة المصرية بديلاً عن التيارات المنحرفة، وقبل ظهور «الوطن» ومن قبلها «المصرى اليوم» كنا لا نسمع إلا صوتاً واحداً ووجهة نظر واحدة.
تبقى هناك عدة رسائل أتوجه بها للأستاذ «محمود مسلم» رئيس التحرير وكتيبته:
1- أصدرت جريدة «الوطن» كتاباً مهماً عنوانه: «وين ماشى بينا يا سيدى.. قطر والجزيرة أسرار وعلاقات» للدكتور سامى الجلولى، وأدعو رئيس التحرير للمضى قدماً لإعادة إصدارات مماثلة تصدر مع الجريدة، كما تفعل «الأهرام والأخبار والجمهورية»، حتى وإن كان على فترات بعيدة، وهذا المقترح يضاف إليه الدعوة لإنشاء مركز للدراسات تابع للجريدة يقوم عليه عدد من المتخصصين كل فى مجاله.
2- أرى أن تضم صفحة الرأى أعداداً أكبر من الكتَّاب، وبالتالى مدارس فكرية أكثر تنوعاً واختلافاً، وإن كانت «الوطن» اليوم تضم عدداً من الكتّاب والمفكرين بينهم من الاختلاف والتناقض فى الأيديولوجيات مساحات متباعدة جداً، كما أدعو إلى تخصيص مساحة يومية أو أسبوعية يُستكتب فيها كل مرة شباب من النوابغ فى الجامعات المصرية، وسيكون لذلك عظيم الأثر، ومما يُحكى فى هذا المجال أن كاتباً اسمه «متولى النظامى» كان قد اتكأ على مال أبيه فأصدر كتاباً صغيراً تحت عنوان: «خواطر ولمحات»، وبعث به إلى كبريات الصحف من أمثال: الأهرام والبلاغ والهلال والرسالة، راجياً أن تنشر إحدى الصحف سطوراً مشجعة على الكتاب، فلم يجد أدنى اهتمام، مع أنه أرسل للصحف عن طريق البريد المسجل، ثم دعاه صديقه الأديب الدكتور رجب البيومى أن يُرسل لرئيس تحرير مجلة الأزهر الأستاذ «فريد وجدى»، ثم كانت المفاجأة حين صدر العدد الجديد من مجلة الأزهر (ربيع الثانى 1362ه) وبه صفحة كاملة من القطع الكبير تتحدث عن كتاب هذا الشاب بقلم فريد وجدى نفسه، وكان مما جاء فيها:
«تنبت فى حقول الجامعة الأزهرية يرعات من الطراز الممتاز ستلعب دوراً فى إعادة مجد الأزهر لما تبلغ غاية نموها..»، ثم لما زار الشابُ رئيسَ التحرير شاكراً ممتناً، قال له رئيس التحرير: «إنه يرحب بإنتاج الشباب، ويقدمه على إنتاج الشيوخ، وإنه يعانى معاناة أليمة من أساتذة كبار لا يكتبون الجيد».
3- يضم للنقطة السابقة ما يتعلق ببعض المتدربين أو المبتدئين الذين لا يجدون اهتماماً فى الصحف التى يعملون بها، سواء فى «الوطن» أو فى غيرها، وهؤلاء هم أمل متوقع، وأرى أن الاهتمام بهم ليس على المستوى المطلوب، لذلك أدعو الأستاذ رئيس التحرير للنظر إليهم نظرة مشجعة متبنية لهم، ومزيد اهتمام بهم، وأذكر فى هذا المضمار تلك المراسلات الشعرية التى جرت بين الأمير «شكيب أرسلان» والشاعر «محمود سامى البارودى»، وكان «شكيب» شاعراً ناشئاً و«البارودى» شاعراً كبيراً، فلم يضن عليه بالتشجيع، بل إن «البارودى» نظم قصائد شعرية يشجع بها حافظ إبراهيم والرافعى وعبدالمحسن الكاظمى حين كانوا صغاراً، لأن من حق المروءة على الكبير أن يشجع الصغير والنابتة من المبتدئين ويقربهم إليه.
4-أدعو الأستاذ محمود الكردوسى للعودة لكتابه «كردوسياته» فى الصفحة الأخيرة من الجريدة، فهى مع قصرها لكنها تحمل دلالات متعددة ومهمة.