رئيس «بلتون المالية القابضة» لـ«الوطن»: قرارات الحكومة فى مسيرة الإصلاح الاقتصادى الأهم والأخطر فى تاريخ مصر
الدكتور سامح الترجمان
مستقبل الاقتصاد المصرى بعيون «رجال الأعمال»
فى الوقت الذى تنفذ فيه الدولة برنامجاً للإصلاح الاقتصادى، يهدف فى المقام الأول لمعالجة الاختلالات الهيكلية، وأوجه القصور التى شابت اقتصاد ما بعد 2011، تصبح لغة الاقتصاد هى الأكثر تداولاً، ومع دخول برنامج الإصلاح «محطته الثانية» تغدو الحاجة مُلحة للاستماع إلى المتأثرين والمنخرطين فى العمل الاقتصادى، وأيضاً المتأثرين مباشرة بالقرارات الاقتصادية.
قبل عدة أعوام كانت المؤشرات الاقتصادية خير دليل على حالة التردى والإنهاك التى أصابت الاقتصاد المصرى، وهى الحالة التى بلغت ذروتها قبل قرار تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016، الذى سبقه سيطرة شبه كاملة لـ«السوق السوداء» على العملة الصعبة.
اليوم، وبشهادة المؤسسات الدولية، تبدو الصورة مختلفة، وتتحدث المؤشرات عن تغييرات جوهرية ونتائج إيجابية لقرارات وصفت بأنها «صعبة وجريئة»، وهو ما بدا واضحاً فى أرقام مثل الاحتياطى النقدى، والتضخم، والعجز الأولى الذى أعلنته وزارة المالية، وعلى الرغم من «الآثار السلبية» فإن الأمور تسير -وفقاً للخطة الحكومية- فى الاتجاه الصحيح.
ولأن المجتمع الاقتصادى، ومجتمع الأعمال تحديداً، كان ولا يزال جزءاً مما حدث ويحدث، كان لا بد من التوجه بالتساؤلات إلى رجاله بشأن المستقبل الاقتصادى، وأين نقف الآن، وما هى الآليات الأفضل لاستكمال ما بدأته الحكومة من «إصلاح».
وما بين مقترحات وحلول وأفكار وتقييمات، حاولت «الوطن»، فى سلسلة من الحوارات مع عدد من أبرز رجال الأعمال، التعرف على خريطة «المستقبل الاقتصادى» لمصر، ومعرفة المحطات التالية.
«الترجمان»: اقتصادنا تعرض فى 2011 لضغوط أقوى من أزمة بنوك أمريكا فى 2008.. و«السيسى» انتصر فى تحدى بقاء الدولة
قال الدكتور سامح الترجمان، رئيس مجموعة بلتون المالية القابضة، فى أول حوار له، إن القرارات التى اتخذتها مصر فى مسيرة الإصلاح الاقتصادى هى الأهم والأخطر فى تاريخ مصر على الإطلاق، لافتاً إلى أننا فى مصر لم يكن لدينا رفاهية عدم اتخاذ قرارات مثل تحرير سعر الصرف «التعويم»، أو إلغاء الدعم، وغيرها من القرارات الاقتصادية التى يراها البعض صعبة.
واعتبر رئيس «بلتون المالية القابضة»، فى حواره لـ«الوطن»، أن ما شهده الاقتصاد المصرى من 2011 إلى 2013، كان أشد قسوة من تداعيات الأزمة المالية التى ضربت العالم فى 2008، وأدت لإفلاس بنوك عملاقة فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد «الترجمان» أن الرئيس عبدالفتاح السيسى لديه رؤية اقتصادية واعية واجتاز المرحلة الأصعب من بناء الدولة، لكن المقبل ليس بالسهولة التى يراها البعض، فما بدأته مصر من إصلاح شامل لا بد من إنجازه كاملاً دون توقف.. إلى نص الحوار:
طرح حصص من الشركات المملوكة للدولة فى البورصة يقضى على الفساد داخلها بقوة «الحوكمة».. البورصة مرآة تعبر عن نبض وفكر المستثمرين.. التفاؤل يظهر والتشاؤم أيضاً يظهر وندير 3 طروحات جديدة
بداية كيف ترى أوضاع الاقتصاد المصرى خلال السنوات السبع الماضية؟
- دعنا فى البداية نتحدث عن الفترة السابقة على جزءين، الأول من 2011 إلى 2013، لأنها الفترة الأخطر فى تاريخ مصر بالكامل، ونحن فى 2018 يتذكر الجميع الأزمة المالية التى مر بها العالم كله وقتها، إلا أنه لا أحد يعلم أن الاقتصاد المصرى شهد فى 2011 ضغوطاً أكبر مما تعرض له العالم فى أزمة المال 2008، التى أطاحت بعدد من البنوك فى الولايات المتحدة الأمريكية، غير أن الاقتصاد المصرى صمد أمام تلك الأزمة وتجاوز ضغوط 2011 بكفاءة أيضاً، وفى تلك الفترة حدث ضغط على الاقتصاد فى مصر والنظام المصرفى بشكل غير عادى كان كفيلاً بإسقاط الدولة دون عودة، لكن ما حدث بعد 2013 يمثل نجاحاً للرئيس السيسى فى تحدى بقاء الدولة بالكامل، وليس الاقتصاد فقط.
وما تلك الضغوط التى تتحدث عنها؟
- الاقتصاد المصرى وقتها شهد ثلاث ظواهر مهمة لا يمكن إغفالها أبداً، فقد ترنح الاقتصاد كثيراً وتدنى مستوى الاحتياطى النقدى إلى مستويات مخيفة، وانخفضت الاستثمارات المباشرة بصورة كبيرة أيضاً، وكل هذا حدث فى ظل غياب الاستقرار السياسى والأمنى، الأمر الذى أدى إلى توقف الاستثمار المباشر وهروب البعض الآخر، وتوقفت التوسعات، ووصل الوضع الاقتصادى إلى مرحلة خطورة شديدة على الجميع.
وكيف كنتم تنظرون إلى هذا الوضع داخل بنوك الاستثمار؟
- كنا نخشى فى المقام الأول انهيار النسيج المجتمعى، لأن الضغوط الاقتصادية تخلق نوعاً من عدم التجانس المجتمعى لدى الأفراد، وكلنا لاحظنا ذلك فيما يسمى بظاهرة الانفلات الأمنى التى هددت المجتمع كله وقتها.
كيف تغير المشهد منذ 2014؟
- بالفعل تغير المشهد كثيراً منذ 2014، وحدثت اليوم ظواهر اقتصادية لم نرها من قبل، لعل أهمها وصول الاحتياطى النقدى إلى معدلات قوية وقياسية مسجلاً 44 مليار دولار، كذلك لا يمكن أن نغفل الإجراءات التى اتخذتها الحكومة لتقليل عجز الموازنة ومحاربة التضخم، فضلاً عن ضخ استثمارات كبيرة فى البنية الأساسية، سواء فى منطقة قناة السويس، والمشروعات الضخمة فى سيناء والمحافظات المختلفة والطرق والمحاور، الأمر الذى أدى إلى استقرار فى الاقتصاد، وانعكس أيضاً على البورصة التى استقرت بصورة تدعو للاطمئنان لدى المستثمرين المصريين والأجانب، وبالتالى جذب مزيد من الاستثمار الفترة المقبلة.
أتقصد جذب الاستثمارات العربية تحديداً؟
- ليست الاستثمارات العربية فقط، ومؤتمر شرم الشيخ خير دليل، وإذا تحدثنا عن الدول العربية بالفعل هناك استثمارات عربية دخلت مصر خلال فترة ما بعد 2014، إيماناً بقوة مصر وقدرتها على الريادة مهما كانت الظروف، وفى المجمل فإن مصر عادت مرة أخرى على الخريطة الاقتصادية العالمية، ورأينا توسعات فى مشروعات كثيرة، أهمها قطاع الطاقة، ودخل نوع جديد من المستثمرين، سواء من العرب أو الأجانب، فلا شك أن كل هذا إنجاز ضخم جداً فى هذه الفترة، مقارنة بالتحديات التى واجهناها.
الإنجازات يقابلها دائماً تحديات للحفاظ عليها.. ما هى؟
- دعنا نتفق على أن الإصلاح عملية مستمرة، ومن الخطأ أن تشعر بأن ما أنجزته يكفى للإصلاح الاقتصادى، فما بالك باقتصاد كان على شفا انهيار تام، ففكرة الدولة نفسها فى مصر كانت مهددة بالكامل قبل 2014، وما حدث من القيادة السياسية مع عودة مؤسسات الدولة وجهد المواطن، أدى لإنقاذ مصر من الانهيار التام ليس على مستوى الاقتصاد فقط، وإنما نقل مصر من مرحلة خطرة إلى مرحلة أمان كبيرة.
هل ما وصلنا إليه هو نهاية المطاف؟
- لا.. نحن فى مصر وصلنا إلى استقرار أولى، حيث إن الخطر الداهم زال، ولم يعد التعامل معه بالخطورة العنيفة التى كان موجوداً بها قبل 2013، ولدينا تحديات كبيرة، أهمها أن يتحرك الاقتصاد بصورة أكبر، خصوصاً أن مجتمع مصر الغالبية العظمى منه من الشباب، فلا بد من التوسع فى الإنتاج وخلق فرص العمل، فالعالم فيما يتعلق بالاقتصاد والاستثمار كانت الأمور فيه أوضح قبل 10 أعوام، والعوامل التى تؤثر فى القرار الاستثمارى كانت محدودة، فمعظم الاستثمارات قبل 15 عاماً كانت فى أيدى الدول، لذلك كانت تحكمها قرارات سياسية، الآن الذى يسيطر على الاقتصاد هو القطاع الخاص فى العالم كله وليس مصر فقط، وما يقوم به الرئيس من بنية تحتية معناه أنه يدرك تماماً أن القطاع الخاص شريك مهم فى التنمية، ولن يعمل القطاع الخاص إلا فى مناخ مناسب للاستثمار.
الدين الخارجى لا يقلقنى نهائياً لأننا ملتزمون فى السداد.. وسمعة مصر طيبة فى الأسواق الدولية
وما أول التحديات التى تقصدها؟
- أول تحدٍ بعد وقف النزيف الذى تحدثنا عنه وما كان وتحمله الاقتصاد المصرى، هو كيف أشجع القطاع الخاص على أن يكبر ويتوسع، وذلك من خلال سياسات نقدية واضحة ومستقلة، وكيف تتعامل المؤسسات المشرفة على الاستثمار فى جميع القطاعات، وقدرتها على توفير مناخ يستطيع من خلاله المستثمر توقع القرار الاقتصادى، فالعالم بصفة عامة فى حوار دائم على تحديد ما هو دور الدولة وما هو دور القطاع الخاص، وعلى سبيل المثال فى أمريكا الرئيس السابق باراك أوباما كان من أنصار أن الدولة لا بد أن تتوسع فى الخدمات الاجتماعية، وفى المقابل تجد الإدارة الحالية لدونالد ترامب على عكس ذلك تماماً، فى النهاية هذا الحوار حول من يسيطر على الاستثمار هو حوار دائم و«ما فيهوش صح وغلط.. فيه القدرة على تنفيذ ما تريده».
حدثنا عن دولة بدأت معنا، وليس الولايات المتحدة الأمريكية؟
- سنغافورة دولة بدأت رحلة الإصلاح فى نفس التاريخ الذى بدأنا فيه، ففى مطلع الثمانينات الدولة هناك كانت المحرك والمالك الرئيسى لكل شىء، وعلى مدار 30 سنة، أما اليوم فالقطاع الخاص هو «اللى بيعمل كل حاجة.. وده طبيعى».
ألا ترى أن القطاع الخاص فى مصر أخذ فرصته كاملة قبل 2011، لكنه أصيب بالجشع؟
- إذا كانت الخلفية التاريخية للقطاع الخاص فى مصر مفزعة حسب وصفك، لا بد أن نضع أيدينا على الأسباب، ففى مصر أرى أن الدولة لا بد أن تلعب دوراً محدداً وهو تنظيم الأسواق بأى شكل، لأن النسبة الكبيرة من الاستثمارات فى مصر يحكمها الاقتصاد غير الرسمى والأسواق غير المنظمة، وأول دور للدولة هو خلق أسواق منظمة، ولا بد أن تبعث برسالة للمواطن مفادها أن الدولة تضمن تنظيم السوق دون مغالاة أو احتكارات.
وما علاقة تنظيم السوق بجشع القطاع الخاص؟
- لا بد من وضع الأمور فى نصابها الصحيح، فالقطاع الخاص قبل 2011 وفكرة أنه أصيب بجشع صحيح وغير صحيح، بمعنى أن القطاع الخاص يعمل فى إطار منظومة، وهذه المنظومة إذا تم تنظيمها تنظيماً صحيحاً ستمنع أى مظاهر للجشع الذى تتحدث عنه الدراسات، فالقطاع الخاص «علشان يكبر ويحقق أهدافه لا بد من توفير مناخ منظم بدقة»، وليست الدقة هنا معناها الرقابة على الأسعار فقط، لكن التنظيم الشامل الذى يحدد العلاقة بين القطاع الخاص والدولة، فالوضوح يقلل التكلفة على القطاع الخاص، وهذه التكلفة تنعكس على المنتج الذى ينتجه فى النهاية، والتنظيم الجيد معناه أيضاً توسيع مجال المنافسة، وهذا يسمح بكبح المغالاة فى التسعير، لأن وقتها ستكون المنافسة على القيمة والجودة، لأن السوق أصبح منظماً، وبالتالى يتم سد الفجوة بين أطراف المنظومة، وإذا استمرت عشوائية التنظيم لا تتوقع أن تحصل على أى نتائج مختلفة عما قبل 2011.
لم تكن لدينا رفاهية عدم اتخاذ قرارات تحرير سعر الصرف أو إلغاء الدعم ووصلنا إلى استقرار أولى.. بنوك الاستثمار هى عقل الاقتصاد فى العالم وتلعب دوراً محورياً فى الترويج لاستثمارات مصر فى الداخل والخارج
من ضمن القرارات التى اتخذت وكنتم من المؤسسات التى دعت لها، قرار تحرير سعر الصرف أو «التعويم»، فكيف ترى المشهد مع مرور أكثر من عام ونصف عليه؟
- قرار تحرير سعر الصرف أو «التعويم» كان لا بد منه، ووقتها لم يكن لدينا رفاهية تأخير هذا القرار، وهو قرار منضبط 100%، وشجع المستثمرين الأجانب على ضخ مزيد من الاستثمارات نظراً لوجود سعر واحد للعملة، ولكن كى نستفيد من القرار، لا بد من وضع الأساسات المناسبة لاستكمال الصورة الشاملة للتطوير الاقتصادى فى مصر، مثل رفع الدعم.
لكن الدولة مضت فى طريقها إلى ترشيد مخصصات الدعم فعلياً؟
- بالفعل الدولة اتخذت خطوات مهمة نحو إلغاء الدعم، وهنا أشدد على ضرورة أن نتعامل مع ملف الدعم بطريقة منضبطة، ففى الاقتصاد بصفة عامة لا يوجد قرار يصدر دون أن يتأثر السوق به، وهنا لا بد من دراسة تداعيات القرار قبل إصداره، وفيما يخص القرارات المتعلقة بالدعم لا بد من تحضير حزمة وبرامج اجتماعية تقلل من الآثار السلبية لها، وهذا هو ما يدور ببال الرئيس حالياً، هو لم يبلغنا بذلك، ولكن نستشعر ذلك من أحاديثه وتوجهاته.
برأيك لماذا لم يتخذ البنك المركزى قرار تحرير سعر الصرف بعد تنحى مبارك، أى قبل أن ينفلت سعر الدولار؟
- كان من الصعب اتخاذ مثل هذا فى الظروف السياسية التى كنا نمر بها وقتها، ودعنى أؤكد لك أن صانع القرار دائماً لديه معلومات تحكمه عند اتخاذ قراره.
لكن تأخر القرار كثيراً ساهم فى هروب مليارات الدولارات منذ 2011؟
- بالفعل حدث ذلك، وهذه ضريبة الفوضى، لكن قرار التعويم لم يكن فى حد ذاته هدفاً، بل جزء من حزمة قرارات كان لا بد منها، وعلى ضوء تلك القرارات يتم اتخاذ قرارات الاستثمار فى البنية التحتية، ومصر سوق مستقل ليس شبيهاً بأحد، والعامل المشترك مع أى سوق فقط هو المنافسة، لذلك القرارات التى تم اتخاذها وضعت مصر على خارطة التنافسية العالمية كسوق استثمارى ضخم، وما زلت أؤكد أن النظام المصرفى المصرى تعرض لضغوط أكبر من أزمة المال العالمية، لذلك نقدر ما قام به القائمون على النظام المصرفى، لأنهم أخذوا مصر إلى أقل الخسائر الممكنة.
الرئيس لديه رؤية اقتصادية واعية واجتاز المرحلة الأصعب لكن المقبل ليس بالسهولة التى يراها البعض
وماذا عن التضخم؟
- التضخم فى رأيى هو الملف الأزمة، ولا بد من تحجيمه، وأعتقد أن الحكومة تتعامل مع هذا الملف بكفاءة عالية.
لكن مؤشر التضخم يتراجع والأسعار ترفض الانخفاض.. لماذا؟
- التضخم له بالفعل دور فى خفض الأسعار، ولكن مع عدم كفاءة التنظيم فى الأسواق فإن الأسعار تذهب دائماً إلى انفلات أكثر، لأن هناك حلقات كثيرة عند تداول السلع تؤدى إلى هذا المشهد الذى نراه، حيث يتراجع التضخم وترتفع الأسعار.
وكيف نعالج هذا الخلل؟
- هذا دور الأجهزة المشرفة، وتحديداً الأجهزة الرقابية، ودعنى أقل لك على سبيل المثال إنه لا يوجد سعر حقيقى للعقارات فى مصر، وبناء عليه جميع الأسعار معتمدة على العشوائية فى التسعير لدى الأفراد والمنتفعين، وهناك نماذج كثيرة فى السلع، وحتى الخدمات.
والحل فى أيدى من للخروج من تلك العشوائية؟
- هذا دور مشترك بين القطاع الخاص والدولة، وأعتقد أننا فى طريقنا إلى ذلك.
إذا انتقلنا إلى البورصة، هل ما زالت البورصة مرآة الاقتصاد فى مصر؟
- البورصة تُعبر عن نبض ما يفكر فيه المستثمرون، فالتفاؤل يظهر والتشاؤم أيضاً يظهر، ورغم أن حجم التداول اليومى ليس بالحجم المطلوب، إلا أن جميع القرارات الاقتصادية التى تم اتخاذها مؤخراً تقودنا فى أسواق المال إلى معدلات السيولة التى تليق بسوق مصر، ووقتها سوف تعكس البورصة الصورة الحقيقية للاقتصاد المصرى.
هل تخططون لطروحات جديدة الفترة المقبلة؟
- ندير 3 طروحات جديدة الفترة المقبلة، منهم طرحان خلال 2018 بالقطاعين الاستهلاكى والصناعى، أحدهما يجرى حالياً إنهاء إجراءات الدمج الخاصة به استعداداً للطرح.
وكيف ترى توجه الحكومة لطرح حصص من شركات مملوكة لها فى البورصة؟
- بالبلدى «كل ما تزود الشركات، كل ما تعطى عمق للاستثمار أكبر»، فالشركات التى تطرح تضع الإدارات تحت ضغط، وبالتالى ينتهى الفساد، لأن معايير الحوكمة تقيد إدارات تلك الشركات، وأعتقد أن الرئيس لديه دراية كاملة بمعايير الحوكمة، وبالتالى هو على يقين أن طرح الحصص فى البورصة إحدى أدوات محاربة الفساد.
ماذا عن القطاعات التى اختارتها الدولة لطرحها فى البورصة؟
- القطاعات التى يتم طرحها، جميعها قوية ومتنوعة، وتحفز البورصة فى مصر، وبالتالى لا بد أن نذكر هنا أن سوقين فقط فى منطقة الشرق الأوسط ينظر إليهما المستثمر، هما السوق المصرى والسوق التركى، والأخير وصل إلى مرحلة تشبع، والسوق المصرى هو الأقرب للمستثمر ويفضله فى بعض الأحيان، وعلينا ألا نضيع هذه الفرصة.
هل لديكم فى «بلتون» دور فى إدارة تلك الطروحات؟
- بشكل عام بنوك الاستثمار هى العقل المفكر للاقتصاد فى أى مكان فى العالم، لذلك نحن حريصون على طرح أفكار جديدة داخل السوق، مثل الصناديق الخيرية وصندوق الرياضة، ولكى تستفيد الدولة جيداً من بنوك الاستثمار لا بد أن تلعب بنوك الاستثمار خارج الصندوق.
حدثنا عن تعاونكم مع هيئة الأوقاف لإدارة أصولها؟
- نحن ضمن البنوك التى ستدير محفظة الأوقاف، ونتعامل مع ملف أصول الأوقاف بمفهوم تحديد أهداف استراتيجية لتعظيم الإيرادات لتلك الهيئة، خاصة أن أكبر محفظة أراضٍ فى مصر هى المملوكة لهيئة الأوقاف، ونحن فى مرحلة الدراسات وسيتم إعلان التفاصيل كاملة من خلال الهيئة قريباً.
هل سيتم تسييل محفظة الأراضى إلى أموال مثلاً؟
- دعنا نتحدث بشكل عام نظراً لأهمية هذا الملف وتوقيت إعلان التفاصيل، فهيئة الأوقاف تساهم فى قطاعات مختلفة، ونحن ننظر إلى جميع تلك الاستثمارات بطريقة تعظم الاستفادة منها، وكيف نخلق فرصاً استثمارية حقيقية وتحويل الأملاك إلى سيولة وتحريكها بشكل سليم، وهنا ينمو الاقتصاد بشكل سليم أيضاً.
لكن كما تعلم أن هناك مشكلة فى التسجيل بالتأكيد ستقف حائلاً؟
- فى مصر أصول كثيرة وثروة عقارية هائلة وإجراء واحد فقط هو سبب توقف الاستفادة منها، وهو بالفعل التسجيل، ففى حالة التسجيل تكون تلك الأصول الأمان الكبير لمصر، وأعتقد أن الرقابة المالية تعمل على هذا الملف حالياً.
كيف ترى ملف الدين الخارجى؟
- لا يقلقنى أبداً الدين الخارجى لمصر «لأن مصر طول عمرها آمنة فى مثل هذا الملف، والاقتصاد المصرى قادر على السداد وبانتظام، ولا توجد مشكلة مفزعة كما يتصور البعض».
لكن تحركات الحكومة وحدها لا تكفى سواء فى الترويج للاستثمار، أو رؤية المشهد الخارجى، فماذا تقدمون لها؟
- على مستوى «بلتون» يكفى أن أقول لك إننا استحوذنا على «جرايسون» الأمريكية بما يتيح الفرصة للترويج للفرص الاستثمارية لمصر فى أكثر من 125 دولة، ويكفى أن تكون هناك شركة مصرية دائمة الحضور فى السوق الأمريكى الذى ينظر إليه الجميع 24 ساعة فى اليوم.
إلى جانب تلك الرؤية الاقتصادية، هل ترى أن الرئيس بحاجة إلى ظهير سياسى أو تكوين حزب مثلاً؟
- الرئيس عبدالفتاح السيسى لديه رؤية اقتصادية واعية واجتاز المرحلة الأصعب من بناء الدولة، لكن المقبل ليس بالسهولة التى يراها البعض، فما بدأته مصر من إصلاح شامل لا بد من إنجازه كاملاً دون توقف، ونحن جميعاً مع الرئيس فيما يخص الرؤى الاقتصادية، ولا أفضل الحديث فى السياسة، وعلى الرئيس أن يستكمل مسيرة الإصلاح التى بدأها، لأن الجزء الصعب حدث، والمتبقى قد يبدو أسهل لكنه فى الحقيقة صعب، وأهمه تنظيم الأسواق، وعلى الحكومة أن تحدد خريطة واضحة للاستثمارات وماذا تريد من شكل الاقتصاد، وتنظيم المؤسسات وتحديد العلاقة مع القطاع الخاص بصورة أوضح، أما المواطن فأقول له الأمم لا تقوم إلا بالعمل، و«ما فيش حد نجح فى العالم وهو قاعد، ومقاومة الإحباط أهم تحد للمواطن»، وإلى الشباب أقول لهم «ثق فى بلدك توصل».
«الترجمان» خلال حواره مع «الوطن»