جميعنا نختنق من سلبيات الواقع الذي نعيش فيه ونتعايش مع مسئولياته التي تفرض علينا، منا من يستسلم للطاقات السلبية حتى ييأس من الحياة ومنا من يحارب ويقاوم السلبية بإيجابية حتى يستمر ويعطي أمل لنفسه ولمن حوله.. لكن جميعنا نقرع باب الخيال وندخل إلى عالمه عندما يغلبنا الواقع بضغوطاته، فأحياناً نهرب بالخيال من مشكلاتنا وأحياناً أخرى نستخدم الخيال في تصور الواقع الآتي قبل أن نره، وللأسف الشديد في معظم الأحيان تكون تصوراتنا الخيالية للأحداث المستقبلية المتوقعة سيئة جداً وسلبية حتى نفاجئ بواقع أفضل من خيالنا الذي تصوره.. كرهنا للواقع جعلنا نلوث الخيال الذي نستخدمه كوسيلة لتحلية الواقع، علينا أن نتخيل ويكون لنا في الخيال حياة لكن دون أن نفترض أن الواقع سيء دائماً.
من ضمن الأشياء التي نعاني منها أيضاً هي عشقنا للماضي الذي يراودنا في كل حين إيماناً منا أن الماضي كان أفضل من أيامنا الحالية.. في الحقيقة كلما ننضج ونكبر تزداد علينا المسئوليات والضغوطات وتزداد خبرتنا في الحياة حتى نرى الحقيقة بمنظور أوضح من الماضي فتصعب علينا الأيام ويهيء إلينا أن الماضي كان أفضل من الحاضر وأن المستقبل سيكون أسوء من الحاضر، كل هذا بسبب نضج تفكيرنا واتساع وعينا الذي جعلنا نرى كثير من الصعوبات التي لم نكن لنستوعبها في ماضينا.. كل الأيام حلوة إذا أردناها كذلك والفرح قرار في أيدينا علينا اتخاذه كي نكون فرحين دائماً.. أما عن العودة إلى الماضي فهي مستحيلة لأنها شبيهة بسرداب طويل نسير فيه إلى الأمام وهذا السرداب يمثل أيام حياتنا التي علينا مرورها حتى تنتهي مدة حياتنا على الأرض.. لو أردنا أن نعود إلى الوراء داخل هذا السرداب سنعود بظهورنا ولن نرى شيئا هكذا هي محاولة العودة إلى الماضي، حتى لو حاولنا إعادة تفاصيل الأحداث الحلوة التي مضت لن نستطيع الشعور بنفس اللذة التي كنا نشعر بها.. السير إلى الأمام هو الطريق الوحيد وكفى علينا أن نعود إلى الماضي بخيالنا فقط لاسترجاع الذكريات الحلوة.