«الصحة» تنتصر: 300 مريض يذهبون لـ«مراكز العلاج» يومياً
سيارات الكشف المبكر تجوب المحافظات
نجحت وزارة الصحة فى وضع حد لفيروس سى، الذى يُصنف باعتباره «فيروس صامت»، ينهش أكباد المصريين، وينال من الكبد لسنوات عدة دون اكتشافه إلا فى مراحل متأخرة من الإصابة، حتى تحولت مراكز علاج الفيروسات الكبدية، التابعة لوزارة الصحة والسكان، من استقبال قرابة 100 ألف مريض مصاب بالمرض يومياً إلى قرابة 300 مريض فقط حالياً، لتبدأ معركة لا تقل صعوبة عن المواجهة التى بدأتها الدولة ضد المرض فى عام 2015، بالسعى لاكتشاف إصابات فيروس سى لدى من لا يعلمون بالإصابة به.
«المواطن المصرى يُعالج من فيروس سى أفضل من باقى مواطنى دول العالم، وبسعر أرخص كثيراً»، بتلك الكلمات استهل الدكتور أحمد عماد الدين راضى، وزير الصحة والسكان، تصريحاته لـ«الوطن»، بشأن الإنجاز الذى حققته الدولة فى علاج أكثر من مليون ونصف المليون مواطن من فيروس سى، موضحاً أنهم رفضوا استخدام بدائل أرخص مادياً فى تشخيص الإصابات للمواطنين، والعلاج، ولكن عملوا على توفير أفضل بدائل، عبر التصنيع المحلى للدواء، وهو ما خفض تكلفة العلاج للمريض المصرى بشكل ملحوظ عن باقى دول العالم.
ويوضح وزير الصحة أن لجنة مكافحة الفيروسات الكبدية، التابعة للوزارة، كانت تستقبل يومياً طلبات من 100 ألف مواطن راغبين فى العلاج، عبر التسجيل على الموقع الإلكترونى لـ«اللجنة»، وكان يتم تحديد موعد لـ«التحليل والكشف»، وموعد آخر لأخذ الدواء فى تحدٍ كبير لقدراتنا المحلية على المواجهة، خاصة أن الدولة وقتها كانت تعانى من أزمة فى توفير «الدولار»، ولكن تخطينا تلك العقبة، ونجحنا فى علاج عدد من المرضى تجاوز ما عالجه العالم بأسره من «فيروس سى».
الوزير: «الطوابير خلصت».. و«مجاهد»: علاج كل مريض يكلف الدولة 98 دولاراً ولا يدفع شيئاً.. و«الشاذلى»: اكتشفنا إصابة 48 ألفاً بالفيروس بعد فحص 800 ألف
«الطوابير خلصت»، هكذا واصل «عماد الدين»، تصريحاته، مشيراً لأن معركة مصر فى علاج أكثر من مليون ونصف مليون مواطن، أنقذت أرواح الكثير من المصريين، وانخفض عدد المرضى الراغبين فى العلاج من «الفيروس» من قرابة 100 ألف مريض يومياً، إلى نحو 300 مريض كل يوم، وهنا أصبح كل مركز علاج من فيروس سى تابع لنا يأتيه نحو 3 مرضى يومياً فقط.
ويشير وزير الصحة إلى أن التحدى الأكبر أمامهم، عقب علاج الحالات التى تعانى من «الفيروس القاتل»، هو اكتشاف الإصابات الخفية للمرض فى أكباد المصريين، ليتم إطلاق مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى للقضاء على فيروس سى بمصر بحلول عام 2020، والتى تستهدف بالوصول للمصابين بالفيروس فى الشريحة العمرية بين 18 و60 عاماً، وعلاجهم بالمجان تماماً.
ويوضح الدكتور خالد مجاهد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة والسكان، سر اختيار الشريحة العمرية التى تستهدفها الدولة فى اكتشاف، وعلاج فيروس سى، بأنهم الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، حيث يقل كثيراً معدل الإصابات به فى شريحة الأطفال حتى عمر 18 عاماً، وبين الكبير أكثر من 60 عاماً، حيث إن الكبار سيظهر عليهم المرض فى الغالب ليذهبوا لتلقى العلاج، ولكن التحدى الذى تعمل الدولة على مواجهته حالياً، هو اكتشاف الإصابات الخفية لدى المواطنين فى تلك الشريحة العمرية، والمقدر عددهم بنحو 50 مليوناً.
«أجرينا مسحاً طبياً لقرابة 6 ملايين مواطن»، بتلك الكلمات لفت «مجاهد» إلى أن وتيرة عمل الدولة فى مكافحة «فيروس سى» لا تتراجع، بل تسعى للوصول لقرابة 44 مليون مواطن، واكتشاف وجود المرض لديهم من عدمه بنهاية عام 2020 المقبل، موضحاً أن العلاج يصرف بالمجان للمرضى.
ويشدد المتحدث باسم «الصحة» على أن الدولة رفضت «الاسترخاص» فى علاج المرضى من فيروس سى، واكتشاف إصاباتهم، بل اختارت نفس سبل التشخيص والعلاج التى يتم علاج المرضى فى أمريكا بها، بدءاً من تحاليل فحص وجود الأجسام المضادة للفيروس فى الجسم، المعروف بـ«الأليزيا»، والذى يتكلف عن كل مواطن قرابة 4 دولارات، والتحليل التأكيدى بوجود إصابة بالفيروس المعروف باسم «بى سى آر»، الذى يكلف الدولة نحو 12 دولاراً، فضلاً عن الدواء الذى يكلف نحو 82 دولاراً عن كل مواطن ثبت إصابته بـ«المرض»، بما يعنى أن كل مواطن مريض يكلف الدولة نحو 98 دولاراً لعلاجه، بما يوازى ألفاً و730 جنيهاً لكل فرد، وذلك فى دواء تصل نسبة فاعليته إلى 98%.
ويؤكد «مجاهد» حرص الدولة على أن يكون العلاج دون تحمل المريض أية مبالغ مادية، إلا أن وزارة الصحة اختارت أن يتم الاطمئنان على المصريين من حيث إصابتهم بـ«الأمراض غير المعدية»، مثل الضغط، والسكر، والسمنة، وعلاج من يثبت عليه تلك الأمراض.
ويأخذ الدكتور يحيى الشاذلى، المنسق العام لمبادرة القضاء على فيروس سى، أطراف الحديث، مؤكداً أنهم يعملون فى هذا المشروع دون أن يأخذوا مليماً واحداً من الدولة، مضيفاً: «حتى إننا لا نشرب كوب شاى على نفقة الدولة»، ولكنهم يسعون لتقديم أفضل جهد لإنقاذ المصريين من المرض، الذى لم يكونوا يستطيعون فعل شىء أمامه منذ سنوات قريبة.
وأوضح «الشاذلى»، فى تصريح لـ«الوطن»، أنه تم اكتشاف إصابة 46 ألفاً و700 مواطن بـ«الفيروس»، من أصل 837 ألفاً و500 مواطن تم فحصهم لاكتشاف وجود الفيروس لديهم من عدمه منذ يوم 13 مارس الماضى، حتى أول مايو، بنسبة إصابة نحو 5.5%.
مصادر: تمويل البنك الدولى للقطاع الصحى وصل إلى مراحل متقدمة وسيصل إلى نصف مليار دولار
وأوضح المنسق العام للمبادرة أنه فى قوافل عمل المبادرة، تم الكشف على 689 ألفاً و500 مواطن، ثبت إصابة قرابة 6% منهم بـ«الفيروس»، بواقع 42 ألفاً و500 مريض، فيما وجود أجسام مضادة للفيروس لدى 126 ألفاً و200 مواطن، موضحاً أنه تم صرف العلاج بالمجان لـ21 ألفاً و500 مواطن منهم، وتم تحويل 5 آلاف و600 مواطن لمراكز العلاج من الفيروسات الكبدية بسبب حاجتهم لمزيد من الفحوصات، ليتم تقرير العلاج المناسب لهم.
وأوضح المنسق العام لـ«المبادرة»، أن عدد المرضى يرتفع بإضافة المفحوصين فى مراكز صحة الأسرة، المنضمة لـ«المبادرة» أول أبريل الماضى، والتى تم فحص قرابة 148 ألف مواطن فيها، منهم 4 آلاف و200 مواطن مصابون بـ«الفيروس».
فى السياق ذاته، أكدت مصادر حكومية مسئولة، وصول مفاوضات مصرية مع البنك الدولى لتمويل عدد من مشروعات القطاع الصحى، إلى مراحل متقدمة جداً، على حد قول المصادر، موضحة أن القرض سيستخدم فى مواجهة فيروس سى، والأمراض غير المعدية، بالإضافة لمنظومة التأمين الصحى الاجتماعى الشامل الجديد.
وأضافت المصادر أن التمويل سيكون فى صورة قرض من البنك الدولى، بمبلغ يناهز النصف مليار دولار، موضحة أن اتفاق القرض لا يزال فى طور التجهيز، ولكنه وصل لمراحل متقدمة للغاية، بعد الاتفاق على أغلب الخطوط العريضة له، مع تبقى بعض الأمور التى يتم حسمها خلال تلك الفترة.
وأشارت المصادر إلى أن علاج «فيروس سى» فى مصر يكلف أكثر من 400 مليون دولار سنوياً، وأن مصر تواجه أعباء متصاعدة تتعلق بما يُسمى «الأمراض غير السارية»، ما يستوجب دعم الجهود المصرية لمواجهة تلك الحالات.
وتوضح المصادر أن البنك الدولى يعى تماماً أن إصلاح المجال الصحى، وأعباء أمراض السكر، والضغط، والسمنة هى إحدى الأولويات الوطنية، وذلك بالإضافة لإصدار قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل الجديد.
وأوضحت المصادر أن القرض سيوجه لاكتشاف مرض فيروس سى لدى ما لا يقل عن 40 مليون مواطن، وتحسين جودة خدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية، بما يشمل ألف مركز صحى فى 9 محافظات، و15 مستشفى.