المنوفية: «حمى التوريث» تنتقل إلى «كلية الآداب» تعيين 14 معيداً ومساعداً من أبناء هيئة التدريس
عبدالغفار
لم تقتصر «حمى التوريث» على عالم السياسة والشركات الخاصة فقط، بل امتدت إلى صروح الجامعات المصرية، وأصبحت عبارة «ابن الدكتور يطلع دكتور» قاعدة ثابتة فى جامعة المنوفية، فبعد الكشف عن «فضيحة» التلاعب فى نتائج الامتحانات، واستحواذ أبناء الأساتذة وقيادات الجامعة على تعيينات المعيدين فى كلية الحقوق، انتقلت «الحمى» إلى كلية الآداب، بصورة اعتبرها البعض أنها تشكل تهديداً خطيراً للمنظومة التعليمية فى واحدة من كبرى كليات جامعة المنوفية، التى تضم ما يقرب من 12 ألف طالب وطالبة، موزعين على مختلف أقسام الكلية، والتى يبلغ عددها 14 قسماً.
وأصبحت فرصة العديد من أوائل الخريجين للتعيين ضمن المعيدين بأقسامهم ضئيلة للغاية، مع تزايد تعيينات أبناء أعضاء هيئة التدريس، سواء بالكلية أو بالجامعة عموماً، حيث رصدت «الوطن» بالأسماء تعيين 14 معيداً ومدرساً مساعداً بمختلف أقسام كلية الآداب من أبناء الأساتذة، على مدار السنوات القليلة الماضية، وجاءت أقسام الإعلام واللغتين الإنجليزية والفرنسية فى مقدمة الأقسام التى طالتها «حمى التوريث».
مصدر: لم يحدث فى تاريخ الكلية أن تم رفض تعيين أحد أبناء الأساتذة.. حتى لو كان القسم لا يحتاج إلى معيدين
أبرز الحالات التى رصدتها الصحيفة تتمثل فى تعيين «سارة أسامة عبدالفتاح مدنى» معيدة بقسم اللغة الإنجليزية، بعد أن حصلت منفردة على تقدير «امتياز» فى جميع المواد، متفوقةً على كافة زملائها فى الدفعة، وتم اعتماد قرار تعيينها أثناء فترة تولى والدها منصب عميد الكلية، بتاريخ 3 يناير 2017، لتلحق بشقيقتها «آية»، التى كان قد تم تعيينها معيدة فى قسم الإعلام، فى مارس 2014، عندما كان والدها رئيساً لقسم اللغة الإنجليزية، وقبل عام واحد من تعيينه عميداً للكلية.
«التوريث» لم يتوقف على عميد كلية الآداب فقط، وإنما امتد أيضاً ليشمل ابنتى وكيل الكلية السابق للدراسات العليا، الدكتورة هويدا عزب، حيث تم تعيين «دعاء محمود بيومى» معيدة بقسم اللغة الفرنسية، وتم ترقيتها إلى مدرس مساعد فى يناير 2016، وفى نوفمبر من العام التالى 2017، تم تعيين شقيقتها «ولاء» معيدة بنفس القسم، وتم ترقيتها أيضاً إلى نفس الدرجة العلمية، كما تم تعيين «نهال أحمد الشاذلى»، ابنة العميد السابق للكلية ورئيس قسم اللغات الشرقية، معيدة بقسم المكتبات، وحصلت كذلك على درجة مدرس.
كما لم يقتصر الأمر على أبناء قيادات الكلية، بل وصل إلى رئيس جامعة المنوفية الأسبق، الدكتور صبحى محمد غنيم، الذى تم تعيين ابنته «نهى» معيدة بقسم اللغة الإنجليزية، وفى مايو من العام الماضى، تم ترقيتها إلى درجة مدرس مساعد، وكشف أحد المسئولين بالكلية لـ«الوطن» عن أن قرار تعيين ابنة رئيس الجامعة الأسبق تسبب فى أزمة كبيرة، نظراً لإعلان قسم اللغة الإنجليزية عدم حاجته إلى معيدين من خريجى الدفعة التى كانت «نهى» من ضمنهم، ولكن صدر قرار تعيينها رغماً عن إرادة رئاسة القسم.
وفى سبتمبر 2017، تم ترقية «منار أحمد عبدالحليم دراز» إلى درجة مدرس مساعد، فى قسم التاريخ، الذى يتولى رئاسته والدها، كما تم ترقية «دينا حلمى شلبى»، ابنة أستاذ التاريخ الحديث بالكلية، إلى درجة مدرس بقسم اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى ترقية «أمل»، ابنة أستاذ الجغرافيا، الدكتور صلاح عبدالجابر عيسى، إلى درجة مدرس، بعد أن تم تعيينها معيدة بقسم الإعلام، الذى شهد أيضاً تعيين «هويدا»، ابنة الدكتور محمد عزوز، أستاذ بقسم اللغة العربية، معيدة بقسم الإعلام، وحصولها على درجة مدرس، كما تم تعيين «نهى عادل هريدى»، ابنة وكيل الكلية السابق للدراسات العليا، معيدة فى قسم الإعلام أيضاً، وحصولها على درجة مدرس مساعد.
وكذلك تم تعيين «منى»، ابنة الدكتور مصطفى عبدالله همام، أستاذ الكيمياء الحيوية بكلية الزراعة، معيدة بقسم الإعلام، وحصلت على درجة مدرس مساعد فى سبتمبر 2016، أما «دعاء عبدالغنى اللحلح»، ابنة شقيق الدكتور أحمد اللحلح، وكيل كلية التجارة السابق، فقد تم تعيينها معيدة بقسم اللغة الإنجليزية من سبتمبر 2007، أى قبل نحو 11 عاماً، ولكنها لم تحصل على أى درجات وظيفية أعلى، طبقاً لقوائم بيانات أعضاء هيئة التدريس.
وأوضح مصدر بكلية الآداب لـ«الوطن» أن تعيين أبناء الأساتذة يجب أن يخضع لعدة اعتبارات، أولها ضمان حصولهم على الترتيب الأول على مدار الـ4 سنوات بالكلية، وأن يكون القسم الذى يدرسون فيه بحاجة إلى معيدين، مشيراً إلى أن غالبية الأقسام تتبع ما يُعرف بـ«الخطة الخمسية»، وغالباً ما تعلن الأقسام عدم حاجتها لمعيدين، إلا أن المصدر ذاته أكد أن قسمى اللغة الإنجليزية والإعلام هما أكبر أقسام بالكلية ضمت معيدين من أبناء الأساتذة وقيادات الكلية والجامعة.
تعيين بنات العميد والوكيل السابق فى أقسام مختلفة وابنة العميد السابق تحصل على درجة مدرس
وأضاف: «لم يحدث فى تاريخ الكلية أن تم رفض تعيين أحد أبناء هيئة التدريس، حتى لو كان القسم لا يحتاج إلى معيدين من دفعاتهم»، ولفت إلى أن قرار تعيين الدكتور أسامة مدنى عميداً لكلية الآداب، فى عام 2015، جاء رغم خضوعه للتحقيق فيما عُرف وقتها بـ«مخالفات ساعات التدريس»، حيث تم تقديم شكوى ضده وأوراق رسمية، تثبت أنه يقوم بالتدريس أكثر من 100 ساعة فى 9 كليات أسبوعياً، حينما كان رئيساً لقسم اللغة الإنجليزية، وكذلك تدريس مادته من كتب مسروقة، وتكليف المدرسين والمعيدين بتصحيح أوراق الإجابات دون مقابل، وتطرقت التحقيقات وقتها إلى حصول ابنته على تقدير «امتياز» منفردة.
إلا أن رئيس جامعة المنوفية آنذاك، الدكتور معوض الخولى، قال إنه بعد إحالة الموضوع للتحقيق بمعرفة أحد أساتذة كلية الحقوق، انتهى إلى أن الساعات التدريسية للمشكو فى حقه «متوازية» مع أعضاء القسم الآخرين، ما يجعل الادعاء بأنه يستأثر بالساعات التدريسية وحده على غير أساس من الصحة، أما الادعاء بأنه يقوم بالتدريس من كتب مسروقة فهو «محض ادعاء مرسل لم يقم عليه دليل»، أما بالنسبة لحصول ابنته على تقدير ممتاز، فتبين أن رئيس القسم لم يشترك فى وضع الامتحانات أو التصحيح، ولا يوجد أى دليل ضده.
واختتم المصدر تصريحاته لـ«الوطن» قائلاً إنه بعد أقل من عام على حفظ التحقيق مع الدكتور «مدنى»، صدر قرار بتعيينه عميداً لكلية الآداب، ومستشاراً إعلامياً لرئيس الجامعة، كما أصدر محافظ المنوفية «المقبوض عليه بتهمة الرشوة»، هشام عبدالباسط، قراراً بتعيينه رئيساً لمجلس إدارة جريدة «المنوفية»، الناطقة بلسان ديوان عام المحافظة.
أحد كشوف المعيدين بالكلية