«بقينا ملوك الفراولة».. مسابقة لملكات الجمال مع موسم الحصاد فى «المحسمة»
جمع محصول الفراولة
على بعد 30 كيلومتراً من مقر محافظة الإسماعيلية، تقع قرية المحسمة التابعة لمركز التل الكبير، وتعد من أكبر القرى المنتجة للفراولة، لتتربع بها الإسماعيلية على عرش المنافسة مع محافظة البحيرة باعتبارها الأعلى إنتاجية، ومحافظة القليوبية باعتبارها الأجود فى إنتاج المحصول الربيعى.
ارتباط أهالى الإسماعيلية بالفراولة انعكس على عدة مظاهر أهمها تنظيم مسابقة لملكة جمال الفراولة، تنظمها إدارة السياحة بالمحافظة للفتيات الصغيرات اللاتى تتراوح أعمارهن ما بين الخمس والسبع سنوات، ويتم تنظيمها من قبل إدارة السياحة فى المحافظة، وتنطلق فعالياتها فى احتفالات المحافظة بأعياد الربيع، وهو نفسه الوقت الذى يتزامن مع موسم حصاد الفراولة.
وفى الوقت الذى تتسابق فيها الفتيات الصغيرات للحصول على لقب ملكة جمال الفراولة، تجلس السيدات فى قرية المحسمة أمام سلال الفراولة التى تأتيهن من قبل المزارعين لـ«تقميع الفراولة» أى إزالة الوردة الخضراء قبل توريدها إلى المصانع، إما لتجميدها أو تصنيعها أو تصديرها للخارج.
سيدات القرية يساعدن أزواجهن بـ«تقميع الثمر».. و«بشرى»: بيطلع لى 200 جنيه فى الأسبوع عشان جواز الولد والبنت
بشرى عبدالله محمد بدوى، واحدة من سيدات المحسمة، القرية التى اقترب تعداد سكانها من 55 ألف نسمة، اعتادت على تقميع الفراولة منذ أن كانت فتاة فى العشرين: «بقالى 40 سنة بقمع الفراولة، التقميع بيبدأ مع بداية الموسم من شهر فبراير ويستمر لمدة 3 شهور»، تعتدل السيدة فى جلستها محاولة أخذ قسط من الراحة، فدوام «تقميع الفراولة» يبدأ من العاشرة صباحاً ويستمر حتى الرابعة عصراً: «العربية بتعدى علينا كل يوم، نصيبى بيكون من 15 لـ20 سلة، وباخد فى تقميع السلة الواحدة جنيه ونص، والتاجر بيحاسبنى على آخر الأسبوع بيطلع لى 150 أو 200 جنيه بيساعدوا فى مصاريف البيت، وغالباً بيحاسبنى يوم الأربعاء عشان الستات تقدر تروح السوق الأسبوعى للقرية يوم الخميس وتشترى طلبات البيت».
مائتا جنيه متوسط العمل فى «تقميع الفراولة» خلال الأسبوع الواحد، استطاعت «بشرى» تجهيز ابنتها ومساعدة ابنها فى إتمام زفافه، لتنضم زوجة ابنها إليها فى «تقميع الفراولة»، وتصبح الساحة المقابلة لشارعها مقراً يومياً لـ«التقميع»: «فيه أماكن فاضية الستات بتتجمع فيها والتجار بينزلوا لهم الفراولة هناك، وفيه ستات بتحب تقمع الفراولة فى بيتها»، تعطى نصائحها: «اوعى تقمعى الفراولة بالسكينة لأنها هتاخد كتير من الفراولة كل اللى محتاجاه معلقة شاى صغيرة تسنيها زى السكينة وتقمعى بيها الفراولة»، أما النصيحة الثانية فكانت «نقض» حبات الفراولة واستبعاد الحبات المعطوبة حتى لا يقوم المصنع باسترجاع السلة للتاجر مرة أخرى: «خدى بالك من الفراولة الشينة لازم تتشال».
على بعد خطوات من «بشرى» وزوجة ابنها، كان عمال القرية يداومون فى جمع حبات الفراولة، فى السابعة صباحاً وحتى العاشرة، عوامل عدة يراها إسماعيل السيد، أحد المزارعين، جعلت «المحسمة» متميزة فى زراعة الفراولة، أهمها المناح الجيد والهواء المفتوح والتربة الرملية والعمالة المدربة وخبرة المزارعين التى تعدت نصف قرن فى زراعة محصول الفراولة، لكنه يرى فى الوقت نفسه أن الزراعة تحتاج إلى تطوير حتى ينعكس ذلك على إنتاجية المحصول: «احنا بنزرع الفراولة بقالنا 50 سنة بنفس الطريقة وبنفس الشتلات لو الزراعة اتطورت ووزارة الزراعة وفرت شتلات جيل أول الوضع هيختلف وهينعكس على إنتاجية الفدان».
ويتابع «السيد»: «عندنا أرض خصبة ورملية وبنزرع فراولة تجميد وفراولة فريش وفراولة تصدير، كل اللى احنا محتاجينه تطوير أساليب الزراعة وتوفير شتلات جيل أول، العالم حوالينا بدأ يزرع الفراولة فى المواسير ودى واحدة من أضمن وأنظف طرق زراعة الفراولة الحديثة»، ويستطرد الرجل الأربعينى: «حاولنا نشترى شتلات حديثة من الشركات الخاصة بس للأسف لو طلبنا 100 ألف شتلة بيكون نصهم مضروب لكن لو مصدر ثقة زى الجمعيات الزراعية وجمعية الخضر والفاكهة أكيد الوضع هيكون مختلف لأنهم مصدر ثقة بالنسبة للفلاح».
«السيد»: عندنا أرض خصبة ورملية ونزرع المحصول «تجميد وفريش وتصدير».. وكل ما نحتاجه تطوير الشتلات
رغم كونها خطوات تقليدية فإنه حريص على تطبيقها بمهارة وإتقان: «الفراولة أساساً عبارة عن شتلات، الشتلة تيجى تاخد رعاية وشغل معين عشان تنتج، وإنتاجها بعد كده بنجمعه ونحفظه فى ثلاجات، وبنطلع الشتلات من الثلاجة على موسم الشتل الذى يبدأ من شهر 9 ونبدأ بمتابعتها من ترميل الأرض والسباخ والمواد العضوية والنهر حتى بداية الحصاد فى شهر فبراير، وبمجرد حصادها يتم تجميعها فى سلال بلاستيكية والتجار تبدأ تشترى المحصول وتقوم بتحميله على سيارات كبيرة وتأتى عملية توزيع السلال على سيدات القرية لتقميع الفراولة ونقضها وإعادة تجميعها فى السلال البلاستيكية مرة أخرى لتوريدها إلى المصانع».
وحول منافسة فراولة الإسماعيلية للمحافظات الأخرى يقول «السيد» إن محافظة البحيرة تعد المنافس الأول للإسماعيلية فى زراعة الفراولة، لأنها تمتلك تربة رملية شبيهة بتربة الإسماعيلية، لافتاً إلى أن إنتاجية فدان الفراولة فى قرية المحسمة تبدأ من 20 طناً وهو أمر مربح جداً بالنسبة للمزارع إذا تم الاهتمام بالمحصول.
إسماعيل السيد يتحدث لـ«الوطن»