شاركتُ يوماً فى ندوة علمية بمدينة أسوان تحت إشراف د. علاء رزق، مدير المنتدى الاقتصادى، وانتهزتُ فرصة وجود رئيس جامعة جنوب الوادى وعدد من الأساتذة وطرحتُ فكرة إطلاق اسم عباس العقاد على الجامعة، وذكرتُ أن هذه الجامعة الوليدة ستأخذ من شهرة هذا الكاتب الكبير، وقلتُ إن جامعات عالمية أطلقت اسم بعض مفكريها عليها مثل «جامعة رينيه ديكارت» فى فرنسا وجامعات أخرى فى المنطقة العربية، وأدهشنى أن رئيس الجامعة وقتئذ لم يحرك ساكناً، وأعطى انطباعاً بأننى أهذى بكلام غير مفهوم!
وأشهد أن هذا الأمر ذكّرنى باللغط الذى أثير بشأن جامعة المنصورة التى كانت تُسمى جامعة شرق الدلتا، وكأن اسم المنصورة عورة، وتوسّع البعض فى دعواهم وطالبوا بتغيير ليس فقط اسم الجامعة بل أيضاً اسم محافظة الدقهلية وإطلاق اسم محافظة المنصورة عليها لأن اسم «دقهلة» تحمله قرية فى محافظة أخرى هى دمياط.
أياً كان الأمر فإن اسم المفكر الكبير عباس العقاد أفضل كثيراً من «جنوب الوادى»، ناهيك عن أن استحضار اسم هذا المفكر سيعيد الاعتبار لدى الناشئة من شباب اليوم إلى رجل له أيادٍ بيضاء على الثقافة المصرية والعربية، وكتبه التى تزيد على 106 كتب قد لعبت دوراً فى زيادة وعى أجيال عربية، فضلاً عن أن كتبه الإسلامية لا تزال ترسم دوائر الاستنارة فى عالمنا العربى والإسلامى.
إن إطلاق اسم عباس العقاد على جامعة جنوب الوادى هو تقدير من الجيل الحالى لمفكر يحتل مساحة كبيرة فى دنيا التنوير العربى والإسلامى، ناهيك عن أن الرجل من أبناء أسوان التى تقع فيها الجامعة الوليدة، فقط نحن فى حاجة إلى رئيس جامعة يعرف أن إطلاق اسم هذا المفكر على الجامعة فى أسوان هو نوع من التكريم للفكر ومهنة القلم ودرسٌ سيتعلمه الجيل الحالى من الأساتذة الذين سيكونون حاضرين فى أذهانهم باعتبارهم ضربوا المثل لهم فى الوفاء والامتنان.
المحقق أن إدارة الجامعة قد تغيرت الآن وآلت لشخص نتمنى أن يعيد الحق لأصحابه لأن عباس العقاد سوف يتحول مع النسيان إلى ذكرى سحيقة، لن يتذكره إلا القليلون، أما إطلاق اسمه على جامعة جنوب الوادى فسيجعله حاضراً على ألسنة الأجيال التى تتردد عليها.
قديماً قالوا إن شمس الفكر تسطع من جنوب مصر ونحن فى حاجة إلى إعادة الاعتبار لعباس العقاد الذى أخشى أن يندثر مع أشياء جميلة قد اندثرت فى الجنوب حتى نفضل اسم جنوب الوادى على رمز التنوير والعقلانية فى مصر والعالم العربى.