صُناع الحلوى: إحنا أصل الحلويات فى مصر ونواجه تحديات كبيرة لتطوير الصناعة ونعتمد حالياً فى التسويق على «السوشيال ميديا»
صناعة الحلويات فى دمياط تواجه أزمات كبيرة
اشتهرت محافظة دمياط منذ القدم بأنها رائدة صناعة الحلوى فى مصر، حتى وصلت إلى مرحلة تصدير الحلويات للخارج، أشهر تلك الأصناف التى تميزت بها المحافظة هو «حلوى النيديا» التى تعود إلى العصرين المملوكى والعثمانى، حيث كانت المحافظة تصدر الحلوى لكل الأقاليم المصرية والشام وأوروبا، وبدأت الصناعة فى البيوت أولاً ثم تطورت وانتقلت إلى المعامل الصغيرة مطلع القرن العشرين، وحتى ستينات القرن الماضى لم تكن المصانع كبيرة كالموجودة فى عصرنا الحالى، ويعد أقدم معامل الحلوى فى دمياط «الدوياتية» نسبة للأخوين إبراهيم ومسعد الديواتى، إضافة إلى معامل «البدرى وفشور وأبوطبل والحاج محمد أبوستة وبلبول وأبوالعلا والجمل وخالد». ويتحدث صناع ومنتجو الحلوى بدمياط، لـ«الوطن»، مؤكدين أنهم أصل صناعة الحلويات فى مصر، معتزين بتلك الصناعة التى ورثوها أباً عن جد، ويطالبون بالنظر لها على أنها صناعة كبرى ورئيسية، بعدما تطورت على أيديهم بمرور السنوات، ولم تعد صناعة يدوية أو صغيرة.
«الطويل»: نطالب بإنشاء شعبة للحلويات فى الغرفة التجارية للانفتاح على العالم.. و«والى»: التعويم خفّض المبيعات 40%
واشتهرت دمياط بصناعة أصناف الحلوى المختلفة «الفولية، السمسمية، الحمصية، المشبك، الهريسة، البقلاوة، الكنافة، الكحك، الغريبة، البسبوسة، واللديدة وجزارية، لقمة القاضى، بلح الشام، القطائف والفطير، الغُريبة، البيتى فور، والبسيمة». وفى كل مناسبة يتزاحم المقبلون إلى المحافظة، من داخل مصر وخارجها، أمام معارض الحلوى لشرائها، خاصة «المشبك والبسبوسة والهريسة واللديدة».
ويتحدث شاكر الطويل، مدير التطوير بمصنع الجمل فى دمياط، لـ«الوطن»، عن تاريخ الصناعة، قائلاً: «دخلت عائلة الجمل مجال صناعة الحلويات عام 1943 وأجيال سلمت أجيالاً، والبداية كانت مع الحاج عوض الجمل ثم نجله الحاج سيد ثم محمد الجمل الذى بات يتولى مسئولية كل شىء حالياً، وكانت البداية بمقهى قديم يقدم الحليب بالسكر ومكرونة أو بليلة، ثم تطور الأمر لإقامة معمل فمصنع فسلسلة محلات».
ويضيف «الطويل»: «صناعة الحلويات تعد واحدة من الصناعات الكبرى، ولم يعد الأمر مقصوراً على معمل تُصنع فيه الحلويات يدوياً، بل باتت الصناعة قوامها مصانع ورأسمال كأى صناعة كبيرة، بحاجة للانفتاح على العالم للسعى للتطوير بكل ما هو جديد، ومرت الصناعة معنا بعدة مراحل بدءاً من معمل وحتى مصنع بطاقة إنتاجية كبيرة لكى ينافس فى السوق المصرية».
ويستطرد «الطويل»: «لدينا 5 أفرع للجمل منها 4 فى دمياط وآخر فى ميدان المنشية ببورسعيد بخلاف مقر تسليم فى القاهرة، وقريباً سيفتتح معرض بالقاهرة، وبالطبع خلال السنوات الماضية لجأنا للاستعانة بالخبرات الأجنبية ممثلة فى استيراد ماكينات أو مواد خام من الخارج وبتنا ندمج بين التكنولوجيا والصناعة لإنتاج الحلويات الشرقية التى طالما اشتهرنا بها، إضافة لخبرة الصانع المصرى، حيث نعمل على تسخير الماكينات لإنتاج ما يلائم عملنا من منتجات».
ويوضح مدير محلات «الجمل» قائلاً: اشتهرنا بصناعة حلويات معينة كمشبك عسل نحل والرطب السويت ونعمل على استمرار تميزنا بالحفاظ على الجودة، كما نحرص على تدريب العمالة بصفة مستمرة من قبل جمعية الطهاة المصريين، وكذلك دورات الأمان والجودة.
وعن العقبات التى واجهت الصناعة، يقول «الطويل»: «واجهتنا عقبات عدة كغلاء الخامات المستخدمة فى الصناعة، كونها مستوردة، بخلاف ارتفاع الأسعار الرهيب منذ فترة التعويم، حيث بلغت نسبة الارتفاع من 100 إلى 300%، ما أدى لانخفاض المبيعات بنسبة تبلغ 30% بخلاف ندرة الخامات، ونواجه معادلة صعبة طرفيها الحفاظ على الجودة وتوازن السعر، ونعمل على البيع بسعر مناسب.
ويطالب «الطويل» بأن تدعم الدولة مصانع الحلويات مع ضرورة إقامة شعبة للحلويات بالغرفة التجارية لتسهيل عمل المصانع والتعرف على متطلبات المستورد وتصدير المنتجات للخارج، فلم تعد الحلوى صنفين أو 3 فقط، كما تطورت مراحل التعبئة والتغليف والأيدى العاملة وأسلوب البيع فى المعارض، ونعتمد على التسويق حالياً عبر «السوشيال ميديا».
ويتحدث خالد والى، مالك مصنع ومعارض حلويات والى، أحد أشهر مصنعى الحلوى فى دمياط وأقدمها، قائلاً: بدأت الصناعة عام 1960، وتوارثنا المهنة أباً عن جد، حيث بدأ الجد الأكبر (خالد) صناعة الحلوى بمحل بسيط وبمرور الزمن توسعنا بمعمل فمعارض حلوى فمصنع.
ويستطرد «والى»: صناعة الحلوى تطورت من اليدوى للميكنة الصناعية وكنا أول من استورد ماكينات الصناعة كما تمكنا من تحسين وتطوير الصناعة باستخدام الميكنة منذ 1983، وكنا أول من أدخل صناعة الجاتوه فى دمياط، حتى بتنا مشهورين بها، حيث كنت دائم التردد على المعارض الدولية فقمت باستيراد الماكينات المتخصصة فى صناعة الجاتوه، بخلاف صناعة الحلوى الشرقية والغربية بكل أنواعها كما كنا أول من أدخل المخبوزات فى دمياط عام 1988.
ويضيف «والى»: عملت على تطوير مسيرة والدى بإدخال الميكنة وأسست شركة لاستيراد المعدات، حيث قمت باستيراد الماكينات لكل مصانع الحلوى فى دمياط، وكنت أستهدف من وراء ذلك تطوير الصناعة بشكل عام فأعمل على استيراد أحدث ماكينات الحلوى والمخبوزات ومواكبة التطور.. ويواصل مسيرتى حالياً فى تطوير الصناعة نجلى حيث افتتح مصنع خامات لتوريدها لكل المصانع.
وأشار «والى» لحرصه الدائم على تطوير العمال والشيفات والبائعين لصقل خبراتهم وتعليمهم كيفية استخدام الأجهزة والتعامل مع العملاء، مضيفاً: «إن العميل يتذوق بعينه قبل فمه لذا لا بد من الاهتمام بالشكل. ولم أفتتح فروعاً لنا بمحافظات أخرى لحرصى على بيع منتجات فريش لكننا افتتحنا 6 فروع بدمياط». وأكد أن ارتفاع أسعار الخامات عقب فترة التعويم أدى لخفض المبيعات بنسبة تتراوح من 30 إلى 40%.