صحابة الرسول| عبادة بن الصامت راوي الأحاديث
عبادة بن الصامت
صحابي جليل، يتمتع برصيد كبير من رواية أحاديث رسول الله، حيث روى ما يقرب من 181 حديثا، شهد بيعة العقبة الأولى والثانية، وكان نقيبا على قوافل بني عوف بن الخزرج، وآخى رسول الله بينه وبين أبي مرثد الغنوي، وشهد غزوات بدر وأحد والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله، حيث استعمله النبي على بعض الصدقات.
قال عنه محمد بن كعب القرظي: "جمع القرآن زمن النبي خمسة من الأنصار: معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وأبي بن كعب، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو الدرداء".
كان "عبادة" يعلم "أهل الصُفَّة" القرآن، ولما فتح المسلمون الشام أرسله عمر بن الخطاب، وأرسل معه معاذ بن جبل وأبا الدرداء، وأقام عبادة في حمص، وأقام أبو الدرداء بدمشق، ومضى معاذ لفلسطين، حيث قال الأوزاعي: "أول من ولي قضاء فلسطين عبادة بن الصامت، وخالف معاوية في عهد الخليفة عثمان بن عفان عندما ذهب إلى الشام".
وعنه كان أحد نقباء الأنصار الذين بايعوا رسول الله على ألا يخاف في الله لومة لائم، فقام في الشام خطيباً فقال: "عبادة بن الصامت يا أيها الناس، إنكم قد أحدثتم بيوعا، لا أدري ما هي، ألا أن الفضة بالفضة وزنا بوزن، تبرها وعينها، والذهب بالذهب وزنا بوزن، تبره وعينه، ألا ولا بأس ببيع الذهب بالفضة يدا بيد، والفضة أكثرها، ولا يصلح نسيئة، ألا وإن الحنطة بالحنطة مديا بمدي، والشعير بالشعير مدياً بمدي، ألا ولا بأس ببيع الحنطة بالشعير، والشعير أكثرهما، يدا بيد، ولا يصلح نسيئة، والتمر بالتمر مدياً بمدي، والملح بالملح مديٌ بمدي، فمن زاد أو ازداد فقد أربى".
روى أَن عبادة قد أَنكر على معاوية شيئا، فقال: "لا أساكِنك بأرضٍ فرحل إلى المدينة قال له عمر: ما أَقدمك؟ فأخبره بفعلِ معاوِية، فقال له: ارحل إلى مكانك، فقبح الله أرضا لست فيها وأمثالك، فلا إمرة له عليك"، وعنِ ابن عمه عبادة بن الوليد، قال: "كان عبادة بن الصامت مع معاوية، فأذن يوما، فقام خطيب يمدح معاوية، ويثني عليه، فقام عبادة بتراب في يده، فحشاه في فم الخطيب، فغضب معاوية".
في فترة ولاية عثمان بن عفان على المسلمين كتب له معاوية قائلا "إن عبادة بن الصامت قد أفسد على الشام وأهله، فإِما أَن تكفه إِليك، وإما أن أخلي بينه وبين الشام"، فكتب إليه: "أن رحل عبادة حتى ترجعه إلى داره بالمدينة"، فقال: فدخل على عثمان، فلم يفجأه إلا به، وهو معه في الدار، فالتفت إليه، فقال: يا عبادة، ما لنا ولك؟ فقام عبادة بين ظهراني الناس، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيلي أموركم بعدي رِجال يعَرِّفونكم ما تنكرون، وينكِرُونَ عليكم ما تعرِفون، فلا طاعة لمن عصى، ولا تضلوا بربكم ".
توفى عبادة في سنة الـ34 للهجرة وهو في سن 72 عاما، حيث دُفن بالقدس الشريف في بقيع الرحمة الملاصق للباب الذهبي وكان طويلا جسيما جميلا.