ستظل سيناء ورقة ذات أهمية خاصة فى ملف العلاقات الاستراتيجية بين واشنطن والقاهرة وفقاً للمصالح الأمريكية، خصوصاً مع التطورات الإقليمية الأخيرة وتصاعد الصراع الشرق أوسطى ودخول الولايات المتحدة طرفاً رئيسياً فيه.
وربما هى المرة الأولى التى تتحدث فيها الولايات المتحدة بصورة وواضحة عن سيناء فى قرار لجنة المخصصات المالية بمجلس الشيوخ، الذى ربط بين صرف 300 مليون دولار مساعدات عسكرية لمصر وبين جملة من المطالب أحدثها كان «السماح للمسئولين الأمريكيين ولوسائل الإعلام بالوصول إلى سيناء والمناطق الأخرى التى تستخدم فيها الأسلحة الأمريكية».
المطلب الأمريكى ليس الأول من نوعه لكنه الأكثر فجاجة ومباشرة فى تحديد الهدف من مناورات عديدة سبق أن مارستها فى ضغوط تمارَس عبر دراسات مراكز أبحاث أو تحليلات ومقالات لمحللين سياسيين إستراتيجيين.
ولعل المقال الذى نشرته «نيويورك تايمز» فى ديسمبر الماضى يؤشر على ذات الاتجاه ويمثل ملمحاً من ملامح الضغوط الأمريكية غير المباشرة فى ما يخص سيناء، وهو المقال الذى وصف مصر بـ«الحليف الردىء»، معتبراً أنه من أزمات العلاقات بين البلدين تجاهل القاهرة باستمرار العروض الأمريكية لتدريب القوات المصرية فى مذهب وتكتيكات مكافحة التمرد التى يمكن أن تساعد فى هزيمة التمرد فى سيناء.
الإلحاح الأمريكى المستمر والمتواصل فى شأن سيناء يدل على رغبة واضحة فى وجود عسكرى أمريكى فى المنطقة بأى شكل من الأشكال سواء كان تدريبات أو مساعدات وخلافه من صور الوجود العسكرى.
وفى دراسة حديثة لمؤسسة «جيمس تاون فاونديشن» البحثية الأمريكية عن مستقبل سيناء فى ضوء تطورات الأحداث بسوريا والعراق ترى الدراسة أن سيناء ذات أهمية إستراتيجية لتنظيم «داعش» لدعم وجوده الإقليمى.
الأخطر فى التقرير رؤية وردت فى الدراسة أن مجموعات «داعش» فى سيناء تعتبر محمية بشكل نسبى لأنها تحارب الدولة المصرية فقط بدلاً من مواجهة القوى الخارجية والضربات الجوية من قبل قوات التحالف الدولى.
من الصعب الفصل بين دراسات بحثية ومقالات تحليلية تعرضها دوائر ومجموعات ذات صلة بدوائر القرار وبين الرؤية الإستراتيجية الأمريكية، فمقال «مصر حليف ردىء» تواكَب مع زيارة نائب الرئيس الأمريكى التى تأجلت، واستهجان امتناع مصر عن استقبال عسكريين أمريكيين للتدريب فى سيناء جاء متطابقاً مع واحد من أسباب لجنة المخصصات المالية بوقف صرف جانب من المعونة العسكرية إلا إذا سمحت مصر لمسئولين أمريكيين وللإعلام بدخول سيناء، وهو القرار الذى جاء متواكباً مع الدراسة التى تتحدث عن الأثر الأكبر فى مواجهة «داعش» إذا اشتركت قوات دولية فى مواجهتها بسيناء.
عملية سيناء 2018 محطة مركزية فى مستقبل الأمن القومى المصرى والإقليمى.