من القرآن| "لقمان الحكيم".. وصايا أب لابنه نزلت بها آيات في المصحف
سورة لقمان
"لقمان الحكيم" واحد من الشخصيات الشهيرة في القرآن، أنزل الله سبحانه وتعالى سورة باسمه، تذكُر حِكَمِه ووصاياه القيِّمة لابنه، على الرغم من أنه لم يكن نبيًا وإنما كان رجلًا صالحًا.
ذكر الله في بداية سورة "لقمان" قوله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ" [لقمان: 6].
قيل إنَّ هذه الآية نزلت في النضرِ بن الحارث، حيث كان يخرج تاجرًا إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويُحَدِّثُ بها قريشًا، ويقول لهم، إنَّ محمَّدًا يحدِّثكم بحديثِ عادٍ وثمود، وأنا أحدِّثكم بحديث رستم وإسفنديار وأخبار الأكاسرة، فكانت هذه الآية بمثابة لوم شديد لهؤلاء الذين يغريهم الحديث عن قَصَصٍ لا يفيد، حسبما جاء في الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية.
وذكَرَ الله بعد ذلك قصّة لقمان الحكيم، وكأنه الوجه المقابل لمثل هذا القَصَص الذي يتحدث به النَّضر بن الحارث من بلاد فارس، دون فائدة علمية أو أخلاقيّة أو سلوكية، فنزل قوله تعالى: "وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ للهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ" [لقمان: 12]؛ حيث أنعم الله عليه بالحكمة، وهذا من أجلِّ النِّعم؛ قال تعالى: "وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا" [البقرة: 269].
وعدَّد القرآن نصائح لقمان الحكيم لابنه، التي يحُضه فيها على توحيد الله تعالى أولًا وعدم الإشراك به، و قال تعالى: "وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" [لقمان: 13].
وأخبر لقمان ابنه بأن الله يعلم كل شيء وقادر على كل شيء، حتى إن كانت حبة دقيقة جدًّا داخل صخرة أو في السماء أو في الأرض فإنَّ الله يعلم بها ومتمكِّنٌ منها، ونزل في وصف ذلك قوله تعالى: "يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ" [لقمان: 16].
وعلَّم لقمان ابنه آداب معاملة الناس، فنهاه عن احتقارهم والتعالي عليهم، وعلَّمه الاعتدال في حال نفسه وطالبه بالقصد في المشي وخفض الصوت، وذلك في قوله تعالى: "وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ" [لقمان: 18-19].
كانت نصائح لقمان الحكيم لابنه التي ذكرها القرآن في سورة لقمان، نصائح تربوية وفق منهج تربوي منضبط واضح، منطلق من تصحيح العقيدة وبيانها بشكل واضح حتى يكون الإنسان على بيِّنة.