الحياة نعمة وهدية من الله ممنوحة لجميع البشر، فالله لم يخلق الإنسان ليفنى ويموت وإنما خلقه ليحيا ويخلد.. فما الموت إلا انتقال من عالم لآخر وما النهاية إلا بداية لحياة جديدة.. هناك من يعيش حياً بالجسد لكنه صاحب روح ميتة وهناك من يموت بالجسد وتظل روحه حية إلى الأبد.
من البشر من يعيش في الحياة ليأكل ويشرب ويتكاثر كالبهائم ثم يموت ويفنى وينساه الناس إلى الأبد.. ومنهم من يعيش ليحفر اسمه في القلوب ويترك بصمته في العقول ويخلد ذكراه إلى الأبد فيظل حياً بروحه في وسط الناس حتى بعد رحيله عن الدنيا بالجسد.. الأول يعيش مختبئ في الظلمة أما الثاني فيعيش ظاهراً في النور، الأول ينشغل بأعماله الذاتية التي ترحل معه أما الثاني فيأخذه الإبداع إلى صنع أعمال تظل مستمرة بعده وتتوارث عبر الأجيال فيرحل هو وتبقى أعماله خالدة.. كم من فنان مبدع رحل عن عالمنا من سنوات عديدة وما زال حياً بيننا إلى هذه اللحظة بأعماله الفنية التي تركها لنا كبصمة خالدة تذكرنا بوجوده.
ومن البشر من يعيش لأنه وجد نفسه حياً بقلب نابض وجسم متحرك.. وهناك من يعيش ليبحث عن سبب وحكمة وجوده في الحياة.. الأول ساذج وسطحي ينشغل بالأمور المادية الملموسة أما الثاني فحكيم وعميق يذهب به فكره إلى الأمور الروحانية المحسوسة.. الأول يتمرد على الله وينقم من حياته فيعيش حزيناً لأن عقله لم يساعده على الوصول.. أما الثاني فيعرف الله ويرضى بحياته لأن عقله قد أوصله فيعيش سعيداً.. وهناك من يعيش بلا حلم وبلا طموح فلا يهمه إلا راحة البال والبعد عن الصراعات.. وهناك من لديه أحلام وطموحات يسعى لتحقيقها ويكون على استعداد كامل أن يحارب الظروف من أجل الوصول للنجاح.
اعتادوا على أن تكونوا أحياء بالروح كما أنتم أحياء بالجسد.. أخرجوا إلى النور ولا تعيشوا في الظلمة.. اتخذوا من الإبداع طريقاً تسلكوه.. أدركوا حكمة وجودكم في الحياة.. عيشوا من أجل أحلامكم وطموحاتكم وحاربوا من أجلها.. لا تنسوا أن تحفروا أسماءكم في القلوب وتتركوا بصمتكم قبل أن ترحلوا لتظلوا خالدين بين الناس إلى الأبد.