أهالى «بنبان»: «بنبنى سد عالى جديد»
أهالى قرية «بنبان» يعملون بالمشروع
فى وكالة ناسا الأمريكية مركز للتحكم فى الأقمار الصناعية التى تحوم حول الأرض على ارتفاعات شاهقة ترصد وتبحث وتستكشف، وتقوم بمهام عديدة، كان من بينها مهمة ألقت الكرة فى الملعب المصرى، حيث تمت كتابة تقرير عن أكثر المناطق سطوعاً على وجه الأرض، وتم تحديدها فى جنوب مصر فى الظهير الصحراوى لقرية «بنبان» التى تبعد عن مركز أسوان بنحو 35 كيلومتراً، وقد كان هذا التقرير إيذاناً بتغيير مصير تلك القرية البسيطة التى تدير ظهرها لصحراء شاسعة وتشرب هى وأرضها من نهر النيل.
«أنا موجود فى المشروع من 4 سنوات، ومن أوائل الناس اللى جت هنا، ساعة ما شركة الطاقة الجديدة والمتجددة جت تعمل مسح للأرض وتعمل اختباراتها، وأول حديدة ادّقت فى الأرض علشان المساحة كنت معاهم وهما بيدقوها»، كلمات قالها حسين البرنس، فى العقد الثالث من عمره، أحد أبناء قرية بنبان التى تبدلت أحوالها وتغيرت اهتماماتها ووجهت أنظارها إلى الشمس، حيث الرزق الوفير ومصدر الخير والبركة، مشيراً إلى أن الكثير من الشركات من الصين والهند والولايات المتحدة والنرويج أتت باحثة عن فرصة للاستثمار فى الطاقة الشمسية، بنحو أكثر من 15 شركة، موضحاً أن العمالة فى المشروع حتى الآن بنسبة 100% من قرية بنبان.
«الحسينى»: أنشأنا جمعية لتدريب شباب القرية على العمل بأكبر محطة للطاقة الشمسية.. والمشروع وضعنا على الخريطة
وأوضح «البرنس» أن أهالى بنبان يشاركون فى المشروع من خلال أعمال البناء والإنشاءات، بعد أن شارك أجدادهم فى بناء السد العالى، قائلاً: «إحنا حاسين إننا بنعمل حاجة كبيرة لمصر، صحيح إنها فاتحة خير ورزق لينا بس طعمها مختلف علشان هى فى نفس الوقت حاجة قومية»، مشيراً إلى أنه يقوم بجلب اللودرات وأعمال غرس أعمدة الألواح الشمسية، وأن فى المرحلة الحالية تشترك 13 شركة.
ويضيف محمود الحسينى، سكرتير عام جمعية تدريب وتأهيل الشباب للعمل بالطاقة الشمسية فى بنبان، أن «فكرة المشروع طُرحت منذ 6 سنوات، وهو ما جعل عدداً كبيراً من أهالى القرية يجهزون أنفسهم لمثل هذا التغير الكبير، حيث تم إنشاء الجمعية فى 2015 منذ ثلاث سنوات فقط، وتعاونت مع إحدى الشركات فى تدريب الشباب ليكونوا جاهزين للعمل فى المشروع، وجزء من التدريب تم بالتعاون مع كلية الهندسة جامعة أسوان».
وتابع: «كان لينا دور فى المحطة الأولى اللى اشتغلت بطاقة 50 ميجا، واشتغل نحو 700 عامل من بنبان، وعملوا من خلال الجمعية»، موضحاً أن الجمعية تقوم بإلحاق العمالة وليس التوظيف، وأن حجم العمالة المستغل فى المشروع جيد، لأنه إذا احتاجت كل قطعة فى المشروع إلى 100 عامل فقط، فى ظل وجود 32 قطعة، سيصبح العدد 3200 شاب، وهو رقم سيحل أزمة العمالة فى بنبان تماماً.
وأشار «الحسينى» إلى أن هناك محطة أخرى على بعد نحو 6 كيلومترات، ولكن العمل بها لم يبدأ، وستكون مصدر خير ورزق أيضاً، معلقاً: «هو المشروع بداية خير لبنبان كلها، وخلى بنبان على الخريطة العالمية».
«مجاهد»: شكّلنا مجلس إدارة لنطمئن الصناديق المانحة والشركات لتذليل العقبات التى قد تواجههم.. وظهرنا بشكل حضارى
ويقول أحمد أمين، عضو مجلس إدارة شركة «سولار إنستولار» لإدارة وتشغيل محطات الطاقة الشمسية، إن مشروع بنبان هو أكبر مشروع فى العالم للطاقة الشمسية ينتج نحو 2 جيجا، ما يوازى إنتاج السد العالى، مشيداً بالروح المعنوية التى يراها فى أبناء القرية المجاورة وفى كل العاملين فى المشروع، لافتاً: «شركتنا أقامت تحالفاً مع الشركة المحلية فى بنبان التى تمتلك العمالة والمعدات، وأقمنا محطة «إنفنتى»، ودربنا 200 مهندس على التركيبات، ونحو 10 مهندسين كانوا من أسوان». بقامة طويلة وبشرة سمراء يدخل مجاهد أبوعمر، ممثل عائلات بنبان، إلى إحدى البنايات البسيطة، فى الطريق المؤدى إلى المحطات المنصوبة، ويجلس على مكتبه، حيث يلتقى المهندسين وممثلى الشركات لبحث متطلباتهم وما يحتاجونه من عمالة وما يطرحونه من مشكلات لتتم معالجتها، «أبوعمر» يرى دائماً فى المشروع فرصة لإبراز اسم بنبان أمام العالم، وأنها مهمة ليست بالسهلة على أهالى القرية التى اعتبروها فاتحة خير، لكن كما ستجلب لهم الشمس الخير، فعليهم أيضاً أن يقدموا الكثير.
يقول: «عملنا اجتماعات، وكل عائلة قدمت ممثل ليها، وتم اختيارى كرئيس مجلس إدارة عائلات بنبان لأتحدث باسمهم، وفى البداية كان الناس متخوفين من وجود إشعاعات تخرج من المشروع تسبب أضراراً للأهالى، ولكن تمكنا من إزالة هذه المخاوف، وأصبح المشروع يخلد اسم البلد، والآن ترى الصناديق تأتى من ألمانيا والصين مكتوباً عليها بنبان»، موضحاً أن الأهالى شعروا بـأنهم مقبلون على طفرة، فنظموا أنفسهم، وظهروا بشكل حضارى أمام الشركات التى كانت تتخوف منهم فى البداية.
يضيف «أبوعمر»: «شكلنا مجلس إدارة علشان نطمنهم، وتواصلنا مع الصناديق والبنوك المانحة، وأكدنا لهم أننا سنذلل كل العقبات التى من الممكن أن تواجههم، وطمناهم بالواقع وليس بالكلام، وقدمنا خدمات بأسعار منافسة، وقلنا ما ينفعش حد يطلب عربية ويلاقى سعر أقل فى مكان تانى، والأهالى متحمسين وحاسين إنهم بيبنوا سد عالى زى آبائنا وأجدادنا».