بأداء السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى اليمين الدستورية أمام مجلس النواب يبدأ ولايته الرئاسية الثانية وسط أجواء إقليمية بالغة التعقيد وبيئة سياسية محلية مغايرة تماماً لما كانت عليه الأحوال مطلع الولاية الأولى قبل 4 سنوات.
البادى أن عملية بناء الدولة وحمايتها من التداعيات الإقليمية ومحاصرة الإرهاب المسلح وتصفيته تحقق نجاحات قوية على مستوى الأرض، لكن الواضح أيضاً أن الملف على المستوى الإقليمى والدولى يحيط به غموض فى استهدافات العديد من القوى الكبرى تجاه الشرق الأوسط عامة وسيناء خصوصاً.
الأهم هو الملف الاقتصادى الذى شهد تقدماً على مستوى المستهدفات العامة من تقليص لعجز الموازنة وتحرر الدولة من ضغوط الدعم، لكنه على المستوى الاجتماعى تسبب فى تراجع مستويات المعيشة للعديد من الفئات والجماعات، ورفع من نسبة الفقر فى البلد.
الولاية الأولى شهدت فى نصفها الأول جملة من الإنجازات فى المشروعات الكبرى ومنها قناة السويس وإطلاق إشارة البدء لمشروعات أخرى مهمة لكن النصف الثانى شهد انطلاق برنامج التحرير الاقتصادى وموجات الغلاء وارتفاعات أسعار السلع والخدمات وهبوط قيمة الجنيه المصرى بنسبة 100%.
الشاهد أن تقارير المنظمات الدولية عن نجاح برنامج التحرير الاقتصادى تعكس حركة وتبدل أرقام فى بنود الموازنة العامة، لكنها -التقارير- لا تعكس أى مؤشرات على تأثير هذه السياسات على الواقع الاجتماعى، والنجاح على مستوى الأرقام لا يعنى إطلاقاً نجاحاً فى تحسين مستوى معيشة البشر.
والواقع يقول إن تراجع العجز فى الموازنة العامة للدولة ارتبط بسياسات إلغاء الدعم على المحروقات والخدمات المختلفة، أى إن ما تم ارتبط بسداد الناس للفاتورة، وليس من خلال سياسة اقتصادية قادرة على جذب استثمارات مباشرة فى بناء مصانع وتأسيس شركات وممارسة أنشطة تنموية فى قطاعات مختلفة.
الحاصل أن مصر حققت معدلات غير مسبوقة فى الاحتياطى الأجنبى وما يتداعى عنه من ارتفاع مؤشرات الثقة فى الاقتصاد المصرى، لكن الجانب الأكبر من هذه الزيادات ناتج عن عمليات بيع لسندات وأسهم دولية تمثل فى جانب منها قروضاً وديوناً بفوائد تزيد من الهموم المستقبلية للاقتصاد الوطنى.
المؤكد أن الدولة بذلت جهوداً كبيرة ونفذت برامج اجتماعية لتقليص التداعيات السلبية لسياسة التحرير الاقتصادى، لكنها فى الوقت ذاته تخلت عن شعار العدالة الاجتماعية وانحازت لأفكار الرعاية الاجتماعية وأى زيادة فى هذه البرامج مستقبلاً سيعكس زيادة فى التداعيات السلبية للسياسات الاقتصادية.
الولاية الثانية تستحق أن تحمل لقبى «الاستحقاقات الاجتماعية» لمواجهة مضاعفة الأعباء على الناس بمواصلة البرنامج الإصلاحى، و«توسيع دائرة المشاركة الشعبية» فى القرار لتوفير حماية أكبر للمرحلة المقبلة.