طارق حسن يكتب: بورسعيد بين الفوضى والسلاح
طارق حسن
شيئان فى مدينتى الساحرة ثالثهما الشيطان.. «سرطان الإشغالات وسم السلاح فى أيدى البلطجية.. أعتقد أن مربط الفرس يبدأ من هنا.. من هذين الشيئين اللذين لوثا حياتنا وجعلانا نسير بلا قلب ولا ضمير وكأننا معصوبو العينين.. فلا يمكن أن يقبل عاقل ما نراه من فوضى الإشغالات كل واحد افتكر إن الشارع مكتوب باسمه، وطبعاًً طالما الشارع باسمه، يضع كما يحلو له إشى من حجارة كبيرة أو غسالة قديمة ما يضرش، برميل.. وغيرها من المعوقات التى تثبت عملياً أن الشارع «بتاع اللى جابوه».
.. ما هذا يا سادة؟!! لقد وصلنا إلى حائط سد، لا نعرف حتى نسير على رجلينا «زى بقية البنى آدمين» وطبعاًً ليلة أبوك طين لو ركنت بسيارتك أمام محله، تلاقى «شلاضيمه» طلعت، وبوزه اتمد شبرين وبرطم وهرتق و....!!!!!!».
لقد أصبحت الفوضى هى عنوان حياتنا، طبعاً الفوضى والعشوائيات ليست فقط فيما نراه ولكن فيما نسمعه ونشمه أيضاً، أما ما نسمعه فقد صدع ودانا من أصحاب الموتوسيكلات والسيارات الأجرة وحتى التروسيكلات الذين يسيرون وصوت الكاسيت ولا كأننا فى ديسكو متنقل، وللأسف أغانى إيه من اللى قلبك وكليتك ومنبارك يحبه، أغانى جاية من صفيحة زبالة ومن ماخور العشوائيات، أما ما نشمه فقد تحولت المدينة بأسرها إلى صندوق قمامة كبير فى كل ركن وكل مكان، زبالة، ولم يعد أحد منا يحترم حرمة الطريق والشارع.. تمشى فى أمان الله لتجد قنبلة وقعت بجوارك والقنبلة طبعاً موقوتة!! شنطة بلاستيك بها بقايا قشر الجمبرى والسمك وطبعاً هى وجبة شهية للقطط.. تجرى عليها وتنتشها من كل جانب ليتحول الشارع إلى رائحة كريهة تزكم الأنوف.. وسلم لى على الأحياء التى تنام فى العسل ولا أحد يراقب ولا أحد يهتم.
أعترف أن شرطة المرافق بدأت تتحرك وتشن حملات موسعة على كل الإشغالات بلا تفرقة وهذا مجهود طيب نشجعهم عليه واستيقظت الأحياء من نومها وبدأت فى مكافحة القمامة.
أما الشىء الثانى الذى يبارك الشيطان فيه باستمرار وهو السلاح الذى أصبح ماركة مسجلة بين الصبية، خاصة فى الأحياء الشعبية كالزهور والضواحى، لقد أصبح من العيب أن لا تحمل سلاحاً فى يدك، فالكل الآن يتباهى بأنه يحمل مقروطة، فرد خرطوش، طبنجة، آلى.. لغة النار هى التى تسود الآن.. ويظهر ذلك جلياً فى المشاجرات ووقوع ضحايا أبرياء.. البلطجة أصبحت خطراً يهددنا جميعاً وعلينا مكافحته ومقاومته، فلن نبنى وطناً وفى يد أبنائه سلاح يهددون أمنه واستقراره
.. أعلم أن الكون لن يتغير فى ليلة وضحاها وأن ما ورثناه من الفوضى تركة ثقيلة على الجميع حملها ومحاولة تغييرها للأفضل حتى تعود بلادنا جوهرة مصر ولن تعود إلا بالحرب على هذين الشيئين «الإشغالات والسلاح»، وأرى أن رجال أمننا ببورسعيد بدأوا نحو هذين الشيئين.. فالحملات تلاحق الخارجين عن القانون.
* مخرج مسرحى