خبراء واقتصاديون: تحريك أسعار الوقود لم يعد رفاهية.. والتراجع عنه يؤدى إلى «عواقب وخيمة»
خفض دعم المحروقات يعمل على ترشيد الاستهلاك
قال اقتصاديون إن خفض دعم الوقود بالموازنة العامة للدولة أمر لا مفر منه ولم يعد قراراً حكومياً يتمتع بالرفاهية فى ظل عجز الموازنة وارتفاع أسعار النفط عالمياً، خاصة فى ظل برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تنفذه الحكومة منذ عام ٢٠١٤ للإصلاح المالى والهيكلى وعلاج التشوهات والاختلالات المالية بالموازنة. وكان المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، قد أكد خلال اجتماع سابق لمناقشة الموازنة الخاصة بالوزارة فى لجنة الخطة والموازنة فى مجلس النواب، وجود «هامش زيادة» فى أسعار المنتجات البترولية خلال الفترة المقبلة، دون أن يحدد موعد تنفيذ هذا الأمر، وأشار إلى أن انخفاض الاستهلاك ساعد على تقليل نسبة الدعم فى الموازنة الجديدة
وأشار الوزير إلى أن ضبط الأسعار وتخفيض الدعم يؤدى إلى ترشيد الاستهلاك ما يساعد على وقف استيراد المنتجات البترولية وتوفير فائض فى المستقبل يمكن تصديره خصوصاً البنزين ووقود النفاثات، كما أن الوزارة تستهدف زيادة معامل التكرير خلال الـ4 سنوات المقبلة لتقليل نسبة استيراد المنتجات البترولية لـ5% مقابل 35% حالياً.
«السعيد»: بدونه سيصل حجم الدعم إلى «أرقام مخيفة».. والهدف منه ترشيد الاستهلاك
وقال ممتاز السعيد، وزير المالية الأسبق، إن توجه الدولة نحو رفع أسعار المواد البترولية وتخفيض الدعم ليس هدفاً فى حد ذاته، مؤكداً لـ«الوطن» أن الهدف هو ترشيد الاستهلاك، الذى أسفر خلال العام الماضى عن توفير 4 مليارات جنيه (226 مليون دولار)، بسبب انخفاض فى استهلاك المواد البترولية خلال الـ9 أشهر السابقة بمعدل 3% للبنزين، 6% للسولار، 33% للمازوت، وثبات معدلات استهلاك البوتاجاز، وأيضاً ألا يذهب الدعم إلى القادرين غير المستحقين.
وأشار إلى أن الدعم سيقل تدريجياً عن المواد البترولية، خصوصاً البنزين، حيث إن غالبية مستهلكيه من القادرين، حتى يصل إلى المعدل صفر، لافتاً إلى أن الحكومة تستهدف من هذه الخطوات الوصول بأسعار بيع المواد البترولية (فيما عدا البوتاجاز)، إلى مستوى تكلفة توفيرها فى السوق، لسببين: الأول من أجل الوفاء بتعهدها لصندوق النقد الدولى، ثانياً بالتخلص من دعم الطاقة بنهاية يونيو 2019 حتى يتم إصلاح التشوهات ووصول الدعم لمستحقيه واستبداله بالدعم العينى.
وأوصى صندوق النقد الدولى مصر بسرعة استكمال خطة رفع أسعار المواد البترولية، خشية التعرض لمخاطر زيادة أسعار البترول العالمية وتغير سعر الصرف.
«الفقى»: الدعم يذهب لغير المستحقين على حساب محدودى الدخل
وفى الوقت الذى حددت وقدرت فيه وزارة المالية سعر برميل البترول فى الموازنة الجديدة التى يناقشها مجلس النواب حالياً، عند 67 دولاراً للبرميل، مقابل 55 دولاراً فى موازنة العام المالى الجارى، وتجاوز سعر البترول العالمى مستوى 80 دولاراً خلال الأسبوع الماضى، قبل أن ينخفض إلى حدود 75 دولاراً خلال الأيام الماضية.
وأوضح «السعيد» أن الحكومة نجحت خلال الفترة الماضية فى توجيه جزء من دعم الطاقة وتوجيهه لبطاقات التموين وزيادة المعاشات والأجور، مشيراً إلى أنه بدون هذه الإجراءات سوف يصل حجم الدعم إلى أرقام مخيفة، وأن ما حدث هو إعادة توجيه للدعم وتحويله من دعم الوقود إلى إجراءات لصالح محدودى الدخل.
من جانبه، قال الدكتور فخرى الفقى، المساعد السابق لصندوق النقد الدولى، إن قرار تصحيح مسار الدعم على الوقود يأتى تماشياً مع الزيادة العالمية، بما يحفظ حقوق مستحقى الدعم، مضيفاً: هناك قطاعات، مثل الاقتصاد الموازى، تستفيد من دعم الدولة للمواد البترولية دون أن تلتزم بأى شروط تجاه الدولة أو أن تمنحها حقوقها، وقال إن قرار زيادة سعر الوقود يساعد فى ثبات الأسعار، ويُمكّن الدولة من وصول الدعم لمستحقيه، فضلاً عن اعتماد الدولة خطة إجراءات لحماية محدودى الدخل والفقراء من خلال قرارات تصحيح أسعار الدعم. وقدرت الحكومة ما قيمته 89 مليار جنيه لدعم الوقود فى مشروع موازنة العام المالى 2018/2019، بقيمة أقل من العام المالى السابق 2017/2018 والذى كانت خصصت له ما تقديره 110 مليارات جنيه.
ولفت «الفقى» إلى أن إقرار زيادة جديدة على أسعار المواد البترولية، خلال الفترة المقبلة، أمر لا مفر منه لضمان تنفيذ استراتيجية الدولة القائمة منذ عام 2014 لرفع الدعم تدريجياً عن المواد البترولية، حتى يتم تصحيح مسار الدعم وتوجيهه لمستحقيه، وأوضح «الفقى» أن الحكومة ستوجه هذا الفارق إلى الدعم الاجتماعى والتموين و«تكافل وكرامة».
وقال إن دعم الوقود يستفيد منه المصرى والأجنبى والفقير والغنى والمستحق وغير المستحق، ويكون فى النهاية على حساب المصرى الفقير المستحق، مؤكداً أنه من المؤيدين لنقل الدعم العينى إلى دعم نقدى حتى يستفيد من يستحق.
ولفت إلى أن مسيرة الدعم، وخاصة دعم المواد البترولية والوقود بالموازنة شهدت تطوراً كبيراً منذ بدء تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى فى حكومة محلب الأولى، والثانية وحتى الآن، محذراً الحكومة من التراجع عما تم تنفيذه، قائلاً: «العواقب ستكون وخيمة».