طارق عامر: نتائج تحرير سعر الصرف فاقت التوقعات والتكنولوجيا المالية تحسن المستوى المعيشى فى أفريقيا
«المركزى» يضع تحقيق الشمول المالى على قائمة أولوياته
قال طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى: «نحن نؤمن أن هناك فرصة ضخمة لاستخدام التكنولوجيا من أجل تحسين المستوى المعيشى لأممنا، فالتكنولوجيا المالية على وجه التحديد مهمة للغاية، وأنا أعتقد أنها تمثل عنصراً رئيسياً فى تطلعاتنا لتحقيق الشمول المالى». أضاف «عامر»، خلال مشاركته فى الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الأفريقى للتنمية، المنعقد ببوسان الكورية، أنها بمثابة خطوة مهمة من جانب البنك الأفريقى للتنمية، الذى يمثل جميع الدول الأفريقية، ويفتح ذراعيه للتعاون مع كوريا، التى أثارت تجربتها المذهلة دهشة بلدان العالم أجمع.
وأكد «عامر» أن هذه الاجتماعات تمثل فرصة للدول الأفريقية لاستقبال هذه المعرفة الضخمة والخبرة التى تمتلكها كوريا الجنوبية، والتجربة الآسيوية بشكل عام، وذلك فى سبيل تعظيم القدرة لتحقيق التنمية الاقتصادية لأبناء القارة السمراء، حيث إن الأمم والمجتمعات الأفريقية قد عانت على مدار سنوات طويلة، ولكن اليوم أصبحت واحدة من عواصم التكنولوجيا فى العالم.
وأوضح أن مصطلحى الشمول المالى، والتكنولوجيا المالية، أصبحا يشغلان عقول قيادات «المركزى» والحكومة المصرية، حيث قال: «نحن نؤمن أنه بإمكاننا الوصول إلى مختلف فئات المجتمع التى تعمل بمنأى عن التمويل، فإن القدرة على الحصول على التمويل أمر مهم للغاية، والقدرة على الحصول على التمويل بتكلفة زهيدة هو أمر مهم للغاية أيضاً، وتطوير الوساطة المالية غاية فى الأهمية».
محافظ «المركزى»: الحوكمة عنصر مهم لمحاربة الفساد ومناخ الأعمال لن يتطور إلا بحزمة إصلاحات هيكلية
وتابع: «لقد شاع استخدام مصطلح الحوكمة فى الآونة الأخيرة، وأنا أعتقد أنه بمثابة مكون رئيسى يساعد على تحسين القدرة المؤسسية للتعامل مع الاستثمار المحلى والاستثمار الأجنبى، والتعامل مع المواطنين والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومساعدة مثل هذه المشروعات على النمو، والوصول إلى التمويل البنكى»، مؤكداً أن هناك حاجة إلى تطوير السياسات وكيفية إدارة الحكومة للمجتمع على المستوى المحلى». وأكد أن الحوكمة هى أيضاً عنصر مهم لمحاربة الفساد، الذى لا يسفر فقط عن إهدار المال، وإنما يتسبب أيضاً فى خلق عوائق أمام مجتمع الأعمال، لذا لن يتطور مناخ الأعمال إلا من خلال إجراء حزمة من الإصلاحات الهيكلية.
وقال «عامر»: «نحن فى مصر نأخذ الأمر بجدية تامة، حيث إننا قد نفذنا المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى تناول بنجاح عدداً من الإصلاحات على مستوى السياسة النقدية، تضمنت تحرير سعر الصرف فى مطلع نوفمبر 2016، فضلاً عن معالجة الاختلالات المالية بالتعاون مع صندوق النقد الدولى، مما يظهر الجدية والالتزام التام تجاه تنفيذ الإصلاح». وأشار إلى أن الاختلالات الاقتصادية الجزئية فى مصر قد اتخذت طريقاً إيجابياً، كما أن المؤشرات الاقتصادية قد شهدت تحسناً فاق التوقعات، وأسهم فى تحفيز صانعى السياسات لفعل المزيد، لأنه عادةً ما يتأثر صانعو السياسات بهذه الإصلاحات.
وتابع: «لقد قطعنا شوطاً كبيراً فيما يتعلق بتعليم المجتمع أهمية اتخاذ بعض الخطوات رغم صعوبتها من أجل المُضى قُدماً والتقدم باقتصاد الدولة وشعبها إلى مكانة غير مسبوقة، وهذا الأمر يتطلب قيادة ودعماً وإرادة سياسية تستطيع أن تستوعب الخطط الموضوعة من قبل السلطات، وأنا أعتقد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قد أظهر الكثير من الشجاعة فى مواجهة المشاكل وتوفير الدعم اللازم للقيادات الأخرى من أجل أن تتخذ القرارات الصعبة». وأكد أن قرار تحرير سعر الصرف كان قراراً غير عادى، وأن نتائج القرار قد فاقت التوقعات، حيث شهد الميزان التجارى المصرى تحسناً بنسبة تبلغ 64% فى خلال عام، وقد بلغ الاحتياطى النقدى الدولى ما يعادل قيمة 9 أشهر من الواردات، وقد هبطت معدلات البطالة بنحو 3%، كما انخفض مستوى التضخم من 33% إلى 13%، وهو ما يظهر قوة أداء المؤشرات الاقتصادية، كما بلغ معدل النمو الاقتصادى نحو 5.3% خلال الربع الأخير. ودعا «عامر» كل المشاركين لضرورة العمل داخل أفريقيا، مؤكداً أهمية بناء الثقة المتبادلة بين جميع الأطراف، مشيراً إلى أنه «لا بد أن ندرك أننا نمتلك مصيراً واحداً»، على حد قوله، داعياً الخبراء الماليين والاقتصاديين والسياسيين من أجل العمل على حل مشاكل القارة الأفريقية. وأضاف: «البنوك المركزية ووزارات المالية وصناع السياسات لا بد أن يحققوا التعاون المشترك، ونأمل أن نجد أطُراً جديدة من التعاون فى المستقبل». وفى حديث أجراه «عامر» على هامش الاجتماعات، أشار إلى أن الفساد هو ما يعوق التقدم فى أى دولة، مؤكداً ضرورة وجود قوانين مُنظمة ومُنضبطة لمحاربته، وهو ما يتم تحقيقه فعلياً بمصر، إلى جانب قيام الحكومة المصرية بخلق بيئة مستقرة لتحفيز النمو والاستثمار. وأوضح أنه بعد تنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلى بمصر، والذى لقبه بـ«الإصلاح المصيرى»، أصبح هناك العديد من الموارد لكننا نحتاج إلى خلق بيئة مناسبة لاستثمارها، كما نحتاج إلى تزويد الأسواق بالعمالة الماهرة، هذا إلى جانب التركيز على تنمية الموارد البشرية، موضحاً أن الشباب الموهوب هم من يستطيعون بالفعل تقديم قيمة مضافة للمجتمع.
كما أوضح أن صياغة اللوائح المنظمة للقطاع الخاص تمنع إساءة استخدام الموارد، وهو ما يشكل أساساً لبرنامج الإصلاح الهيكلى، مشيراً إلى أهمية الأنظمة الضريبية للحكومات.