حينما صدر القانون رقم 4 لسنة 1996 وبدأ العمل به اعتبارا من 31 يناير 1996 بشأن عقود إيجارات المساكن محددة المدة، لم يكن في مخيلة المُشرع أن يكون القانون سيفا مسلطا على رقبة المستأجر وأن يستغله مالكو العقارات بتلك الطريقة الجشعة، كانت الدولة في ذلك الوقت تريد التيسير على الشباب ليستطيعوا الزواج، وتخيلوا أنهم بهذا القانون سيحلون أزمة الإسكان التي توطنت في مصر منذ ستينات القرن الماضي، لكن الأمر انقلب تماما وأصبح الإيجار المؤقت بعبع الشباب.
أيها السادة، أصبحت الإيجارات محددة المدة قنبلة مؤقوتة ستنفجر في وجوهنا في أي لحظة، فليس من المعقول أو المقبول أن تترك تحديد القيمة الإيجارية لأصحاب العقارات دون تحديد سقف أو آلية تحدد نسبة الزيادات، اشتكت لي إحدى السيدات وهي متزوجة حديثا أن صاحب العقار أجر لها شقة عبارة عن غرفتين وصالة في حي شعبي لمدة سنتين، ورزقها الله بطفلة خلال تلك المدة كانت تدفع قيمة إيجارية 700 جنيه، إضافة إلى فواتير الكهرباء والمياه والغاز، وبعد انقضاء السنتين قرر صاحب العقار زيادة القيمة الإيجارية إلى 1200 جنيه، أي بزيادة أكثر من 75%، بالطبع لم تستطع السيدة الموافقة على الزيادة واضطرت النقل إلى مكان آخر بإيجار ألف جنيه، والعقد مدته سنتين، وهي تعلم أن بعد انقضاء العامين ستتعرض للموقف نفسها وستضطر لنقل المعيشة إلى مكان آخر وما يترتب على ذلك من تبعات.
والسؤال الملح هنا: ما هي المعايير والضوابط التي تحكم الزيادة في القيمة الإيجارية؟ وهل يدفع ملاك العقارات ضرائبهم كاملة للدولة؟ الإجابة: لا توجد أي ضوابط في سوق العقارات المصرية بل الأمر متروك لأصحاب النفوس الجشعة ورأس المال الإخواني، حيث يعد الاستثمار العقاري في مقدمة أنشطة جماعة الإخوان لزيادة أموالهم ولأنهم يعتبرون الاستثمار العقاري من الاستثمارات الريعية أي التي تزيد أموالها ولا تخدم اقتصاد البلد.
فلنا أن نتخيل أن مصر بها أكثر من 8 ملايين وحدة سكانية غير مستغلة (طبقا لآخر إحصاء غير رسمي) لا يدفع عنها أصحابها أي ضريبة بل يتركها مغلقة لكي تزداد قيمتها ولا تستفييد منها الدولة بأي شئ، إضافة إلى الأراضي التي يجري شراؤها و"تسقيعها" كما يقولون، وهي بالمليارات، ولا يدخل خزينة الدولة منها مليم رغم عمليات الشراء والبيع التي تحدث بتلك الأراضي باستخدام الأوراق العرفية أو باستخدام عقود صحة التوقيع.
والحل هنا من وجهة نظري أن يأخذ المشرع الأمر وينظر إليه بجدية ويضع المعايير التي تخدم الصالح العام وليس مصلحة أشخاص بعينهم، فمن الممكن أن يكون تعديل القانون رقم 4 لسنة 1996 على النحو التالي: تحديد القيمة الإيجارية للواحدات السكنية وتقسيمها إلى ثلاث فئات: الوحدة أقل من 100 مترمربع تتراواح القيمة الإيجارية لها من 300 إلى 600 جنيه، حسب الموقع ونوع التشطيب الخاص بكل وحدة، وتكون 5 سنوات الحد الأدني لمدة العقد يزيد بعدها العقد في المرة الثانية بنسبة لا تزيد عن 10%، أما الوحدات التي لا تقل عن 100 متر ولا تزيد على 150 مترا فالحد الأدنى للإيجار يترواح بين 900 و1400 جنيه حدا أقصى، أما الواحدات التي تزيد على 150 مترا فتبدأ القيمة الإيجارية من 1500 جنيه وبحد أقصى 2500 جنيه.
وهنا عندما تتحدد القيمة الإيجارية في العلاقة بين المؤجر والمستأجر تستطيع الدولة أن تأخذ حقها من الملاك، فمجرد تأجير الواحدات السكنية يعتبر نشاطا تجاريا يضاف إلأى البطاقة الضريبية للشخص، وهذا الأمر سيفتح على الدولة أبواب أخرى كثيرة لزيادة مواردها، منها على سبيل المثال لا الحصر الشقق المفروشة التي أصبحت تدر على أصحابها الملايين دون أن يسددوا للدولة أي جنيه عن نشاطهم بل يأخذون هم، فهم يتمتعون بدعم الكهرباء والمياه والغار، وهنا أطالب الدولة أيضا أن تجري حصرا للشقق المفروشة وتغير عددات الكهرباء والماء والغاز لها بعددات إلكترونية تحاسبهم بأسعار غير مدعمة، فهذا سيدر دخلا بالمليارات للخزانة العامة ويحقق العدالة الاجتماعية المنشودة، فالشعب لا يرضى أن يحاسب الغني كالفقير، فالضريبة على أصحاب العقارات والأرضي والشقق المفروشة ستعطي للدولة المجال لزيادة بناء مساكن الإسكان الاجتماعي التي ترفع العبء عن كاهل البسطاء وتفتح باب الأمل للشباب في سكن آدمي رخيص.
لقد ترددت كثيرا قبل أن أصور واقعنا دون مساحيق ولا أقنعة، وقد يخونني التعبير في بعض الأحيان لكن الحرقة التي في داخلي وإحساسي الصادق هو ما دفعني لأن أقدم بعض من تلك الحلول لأولي الأمر، وقد يتهمني البعض بأنني يسارية أميل للاشتراكية، لكن يعلم الله أني لا أميل إلا لبسطاء هذا الشعب المكافح الذي تحالفت عليه قوى الشر من كل حد وصوب، وأكثرهم خطر هي قوى الشر في الداخل التي تتحكم في أرزاق الخلائق، فالجماعة الإرهابية وتابعيها تنامى اقتصادهم بصورة مفزعة ومخيفة خلال فترة حكم مبارك، فلك أن تتخيل عزيزي القارئ وتحكم أنت، أن 70% من سوق العقارات يدار ويتحكم فية جماعة الإخوان، أكثر من 60% من سوق الألبان، 40% من سوق الملابس الجاهزة وصناعة، المنسوجات، اللحوم والدواجن، كل تلك المجالات الاستراتيجية لهم اليد العليا فيها، ولكن بحمد الله وصلابة قيادتنا متمثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي استطعنا أن نقف في وجه أعدائنا وفشل مخططهم في تركيع الوطن بسيطرتهم على مفاصل الاقتصاد.