«جنة وادى الريان».. رمال ناعمة ومياه زرقاء وحدائق فاكهة
جنة وادى الريان
رمال ناعمة، ومياه زرقاء، وجداول مياه تنهمر من مكان عالٍ إلى آخر منخفض، فى منطقة شلالات وادى الريان، داخل «محمية وادى الريان» فى الجزء الجنوبى الغربى لمحافظة الفيوم، بينما مشاهد الخضرة الخلابة فى منطقة عين السيليين السياحية، تجذب أنظار محبى البيئة.
يتكون وادى الريان من البحيرة العليا، والبحيرة السفلى، ومنطقة الشلالات التى تصل بين البحيرتين، وعيون الريان جنوب البحيرة السفلى، وجبل الريان وهى المنطقة المحيطة بالعيون، وجبل المدورة الذى يقع بالقرب من البحيرة السفلى، ووادى الحيتان.
يتميز وادى الريان ببيئته الصحراوية المتكاملة بما فيها من كثبان رملية، وعيون طبيعية وحياة نباتية مختلفة، وحيوانات متنوعة، وكذلك الحفريات البحرية، كما تعتبر منطقة الشلالات من مناطق الرياضات البحرية المختلفة، وتضم المحمية 15 نوعاً من الحيوانات البرية أهمها الغزال الأبيض، والغزال المصرى، وثعلب الفنك، وثعلب الرمل، كما توجد عدة أنواع من الصقور.
خبير سياحى: نخشى من النحت المستمر فى جسم الشلالات.. والمنطقة تحتاج اهتمام أكبر من «البيئة والسياحة»
وبحسب الدكتور نبيل حنظل، الخبير السياحى، والمستشار السياحى الأسبق للمحافظة، فإن منطقة الشلالات ومحمية وادى الريان بما حولها من منطقة وادى الحيتان، هى منطقة فريدة فى مصر كلها، نظراً لما تضمه المنطقة من شلالات للمياه غير موجودة سوى فى الفيوم، وهى فى حاجة إلى أن تتحول إلى منطقة سياحية متطورة فى إطار الحفاظ على البيئة، بحيث تعطى إشباعاً سياحياً للزوار مع الحفاظ على الطبيعة البيئية.
«نخشى من النحت المستمر فى جسم الشلالات، مع ارتفاع منسوب المياه ببحيرة وادى الريان، وهو ما يقلل ارتفاع الشلال»، هكذا يحذر المستشار السياحى الأسبق، ويضيف: «السلوك الإنسانى لبعض الزوار غير مشجع ولا يحافظ على البيئة، ويؤدى إلى حوادث وغرق بعض رواد المنطقة ممن يسبحون فى البحيرة»، ويطالب بضرورة إعادة النظر فى المنطقة ليتحقق الهدف بالتمتع، وفى نفس الوقت الحفاظ على أمان الزوار والبيئة. مضيفاً أن هناك ربطاً بين المناطق السياحية حالياً، ولكن لا بد أن يكون هناك برامج مع شركات متخصصة للترويج والتسويق والتنشيط السياحى لهذه المناطق، وهى سياحة ميسرة وتناسب أصحاب الدخول المتوسطة والشباب للتنزه بها، بحيث يستطيع الزائر زيارة وادى الريان، والبحيرة المسحورة، ووادى الحيتان، ويتمتع بالمزايا السياحية المتنوعة فى المنطقة.
وهو يرى أن المنطقة تحتاج مجهوداً أكبر من وزارة البيئة وإدارة المحميات لتسويقها للسياحة الداخلية والخارجية، وذلك من خلال التعاون مع المكاتب السياحية، والمراسلين الصحفيين الأجانب، والسفارات الأجنبية بمصر، لترويجها.
مدير المحميات: متحف التغيرات المناخية يروى قصة نشأة الأرض.. ومناظر «عين السيليين» تجذب السياحة البيئية
ويروى الدكتور عمرو هيبة، مدير عام المحميات الطبيعية بمحافظة الفيوم، لـ«الوطن»، أن محمية وادى الريان تبلغ مساحتها 1759كم مربع، وكانت جزءاً من بحر التيثس القديم، الذى كان يغطى فى مساحته أجزاء كبيرة من شمال مصر، تصل إلى قنا، وكانت المنطقة مغطاة بمجموعة من الخلجان، كامتداد للبحر القديم، وكانت تعيش فيها أسلاف الحيتان، والشاهد على ذلك انتشار الحفريات الخاصة بحيتان البحر القديم، والذى عرف بـ«الباثيلوصورس أيسيز» المعروف بـ«السحلية الملك»، ويصل طول الحفريات من 18 إلى 23 متراً تقريباً.
كانت هذه الحفريات ذات أحجام عملاقة ولها أطراف، وكان يميزها وجود أطراف (أيدٍ وأرجل) لتسهيل حركتها على اليابس، هكذا يصف مدير عام المحميات الطبيعية بالفيوم، ملامح المنطقة، ويضيف: «الدليل على انتشار الحفريات العملاقة، هو إعلان منطقة وادى الحيتان، كأول منطقة تراث طبيعى وعالمى فى عام 2005 من قبل منظمة «اليونيسكو»، وافتتحت فى 2008م.
ويضيف مدير المحميات بالفيوم، أن متحف التغيرات المناخية فى وادى حيتان الذى تم افتتاحه فى يناير 2016، هو أهم ما يميز المنطقة، وهو يروى قصة نشأة الأرض، وتعد الحفريات الموجودة به خير شاهد على التغيرات المناخية التى تعرضت لها هذه المناطق، بعد انحسار البحر القديم، وظهور البحر المتوسط بشكله الحالى، وقد ظلت المنطقة صحراء جافة على مدار ملايين السنين، حتى جاء الإنسان المعاصر من 50 سنة وبدأ عمل مصرف الوادى لنقل مياه الصرف الزراعى الزائدة على الأراضى الزراعية بالفيوم، عن طريق مصرف طوله 9كم، ليملأ وادى الريان الجاف، ليعود كجزء من البيئة البحرية.
ويتابع: «امتلأت البحيرة الأولى فى وادى الريان عام 1973م، ثم امتلأت البحيرة المنخفضة، فظهرت الشلالات، والتى أصبحت مزاراً سياحياً للزوار الأجانب والمصريين، كموقع يجمع ما يقرب من 175 نوعاً من الطيور المقيمة والمهاجرة، وبذلك أصبحت المنطقة أراضى رطبة ومساراً طبيعياً للصقور، والنورس القرطاسى، والفلامنجو، والفرخة السلطانى، والخضارى».
وضعت وزارة البيئة، خطة للنهوض بالمحميات الطبيعية بمصر، والبالغ عددها 30 محمية طبيعية، وتحظى الفيوم باثنتين منها، وهى قارون بمساحة 1385كم، ووادى الريان، وتستهدف تطوير المحميتين والارتقاء بهما، ووضعهما بما يليق بهما على خريطة السياحة البيئية العالمية.
ويوضح مدير المحميات الطبيعية بالفيوم، أن التطوير يشمل وضع مخطط عام لتطوير المحمية، بعد تقسيم المحمية إلى عدة نطاقات، وفقاً لمعامل الحساسية البيئية، وإنشاء مركز لتسويق المنتجات اليدوية المميزة لصناعات السكان المحليين بالمنطقة، مثل الخزف ومنتجات الخوص والنخيل، لتكون ماركة مسجلة، لتشجيع الصناعات الوطنية، وتوفير فرص عمل، وإيجاد فرص للتصدير، وتوفير عملة صعبة للبلاد.
ويضيف مدير المحميات بالمحافظة: «هناك مراحل أخرى للتطوير، مثل إنشاء (إيكولدج) أو نزل بيئى فى منطقة جبل المدورة، لخدمة السياحة البيئية، وصيانة المدقات الحالية، وإنشاء شبكة مدقات جبلية جديدة، تربط محمية وادى الريان، بموقع وادى الحيتان، وموقع مدينة ماضى الأثرية، بهدف تعزيز السيطرة على حركة الزوار داخل مناطق المحمية.