"هي".. معرض مشغولات بأيادي أميات "علي عطية" والبركة في طلبة "عين شمس"
رحلة بحث ضخمة شملت العديد من محافظات مصر، أجراها طلاب بجامعة عين شمس، من أجل تنفيذ أحد مشروعاتهم لتحقيق التنمية المستدامة، قبل أن يحددوا هدفهم في "الفيوم"، لكونها من المحافظات الفقيرة بالجمهورية، ليحزموا امتعتهم وأوراقهم ويتجهوا إلى أحد قراها، ولكن بطريقهم تجذبهم قرية أخرى مطلة على المقابر، ذات منازل شبه بدائية تفوح منها رائحة الأراضي الزراعية والمياه غير النظيفة، وتنتشر بها الأمية، سُميت على اسم الشخص الوحيد الذي أتم تعليمه بها قديما، بحسب رواية الأهالي للطلبة، وهو "علي عطية".
تعاني قرية "علي عطية" بالفيوم من عدم توافر العديد من سبل المعيشة الجديدة، سواء من تردي الأحوال بالمنازل أو المرافق حيث لا تصل لهم مياه نظيفة، فضلا عن بُعد المدرسة عنها وهو ما تسبب في خروج العديد من التعليم بعد المرحلة الإعدادية، والنساء بالابتدائية، لذلك لا يمتلك الأهالي أية مهارات أو قدرات إبداعية أو وظائف ثابتة سوى العمل بالزراعة، وهو ما دفع طلاب النشاط الجامعي "إيناكتس" في جامعة عين شمس، لدراسة المشاكل المتعددة للقرية، ومن ثم البدء في تنفيذ عدد من المشروعات لمساعدة الأهالي.
ورغم ذلك لم يجد الطلاب ترحيبًا من أهالي القرية في بادئ الأمر، حتى توصلوا لأحد أفرادها "حمزة" وشقيقته "غالية" الذين كانوا مفتاحهم للتواصل مع "علي عطية"، ومن ثم اتخذ الطلاب عدد من الخطوات لتوفير حل مستدام للمشكلة التي وقع اختيارهم عليها، ثم البحث عن الموارد المتوفرة في البيئة.
"هي".. هو أحد أول المشاريع الذي أنهى طلاب "إيناكتس" تنفيذه بالقرية، وفقا لبسنت عماد، مسؤولة العلاقات العامة بالنشاط، والطالبة بكلية الألسن، موضحة أن المشروع خُصص لسيدات القرية، من أجل تمكين المرأة الريفية من خلال تعليمها بعض الحرف اليدوية مثل التطريز والكروشيه لتصبح قادرة علي إنتاج السجاد والإكسسوارات والحقائب، بالإضافة إلى الشمع وغيرها من المنتجات اليدوية.
وقالت بسنت عماد إن النساء بـ"علي عطية" يواجهن مشكلة تهميش دورهن وعدم الاهتمام بتعليمهن، حيث تحصل المرأة علي التعليم الابتدائي فقط، ثم تمكث في المنزل لبقية حياتها لتجد نفسها بلا دخل ثابت أو حياة عملية، ويزداد الأمر سوءً في حالة عدم وجود وظيفة ثابتة للزوج، مضيفة أنهم عقب ذلك حددوا الأعمال التي يكمن للسيدات تعلمها في المنزل ويمكن أن توفر دخل ثابت لهن، ثم تعليم مجموعة صغيرة من السيدات لتحقيق الكفاءة القصوى، وإصدار منتجات عالية الجودة ثم تعليم أعداد أكبر من السيدات، والتسويق للمنتجات في القاهرة تحت اسم "هي".
علم الطلاب بأنفسهم أهالي القرية تلك الصناعات والحرف بأنفسهم لامتلاك بعضهم القدرات، منذ شهر فبراير الماضي، حيث أتموا حتى الآن مرحلتين منه بنشر منتجاتهم في عدد المعارض الفنية بالقاهرة، قبل أن يتم تخصيص معرض كامل لمنتجات نساء قرية "علي عطية" اليوم، بساقية الصاوي، على أن يقام الثاني الأسبوع المقبل بأحد نوادي القاهرة، وفقا لمهند طهطاوي، المسئول عن المشروع بـ"إيناكتس" والطالب في كلية الهندسة، موضحًا أن عوائد المنتجات تصل إلى الأهالي الذين أبدوا سعادتهم الغامرة بالأمر وتوفير دخل لهم.
لم يقتصر دعم الطلاب لنساء "علي عطية" على ذلك فقط، وخصصوا للمشروع صفحة عبر موقع "فيسبوك" باسم "هي"، لنشر المنتجات من خلالها، وقال مهند، إن عدد من رجال القرية أعجبوا أيضًا بالمشروع وطلبوا الانضمام له، لذلك سيعمل النشاط بعد انتهاء المشروع على تعليم أهالي القرية التسويق ليتمكنوا من استكماله فيما بعد، مضيفا أنهم أيضا اهتموا بالأطفال من خلال تقديم ورش بسيطة لهم لتعريفهم بالحقوق والواجبات وسبل الإبداع والتطوير والتنمية بطرق سهلة.
التمويل كان أحد العوائق التي واجهت النشاط في تنفيذ مشروعه، بحسب أحمد سمير، رئيس نشاط "إيناكتس" بعين شمس، قائلا إنه من أجل التغلب على ذلك يقيم الطلاب طوال العام عدد من الأنشطة المختلفة كإعادة تدوير الورق للحصول على مبالغ مالية تمكنهم من شراء الخامات لتنفيذ تلك المشروعات.
ويعتبر "Enactus" نشاط طلابي عالمي حيث ينتشر في 36 دولة حول العالم، وتواجد بالقاهرة في 2004، وأصبح لديه 55 فريق في جامعات مصر المختلفة، وتخرج منه أكثر من 32 ألف طالب، ويهدف إلى خلق مجتمع أفضل عن طريق إقامة المشاريع التي توفر فرص حياة أفضل من خلال تحقيق مجال ريادة الأعمال، وتنفيذ مشروعات حرة تفيد المجتمع و تنمي مواهب الطلاب في الإدارة والأعمال، وكانت جامعة عين شمس من أوائل الجامعات التي بدأ فيها ذلك النشاط الطلابي.